توصلت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة «أي دي سي» للأبحاث بتمويل من شركة «سيسكو سيستمز» إلى نتيجة مفادها أنه ما لم تتم معالجة مشكلة النقص في عدد الكوادر الخبيرة بالشبكات بشكل عاجل وخلال فترة أقصاها ثلاث سنوات، فإن النقص في عدد الكفاءات البشرية المطلوبة لدعم النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وباكستان، سيصل إلى نحو 265 ألف خبير.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن الطلب على المهارات المطلوبة لإنشاء وإدارة أنظمة تقنية المعلومات في الدول التي شملتها الدراسة في الشرق الأوسط وباكستان سيفوق العرض بنسبة 35 في المئة بحلول العام 2009.

وبحسب الدراسة، فإن باكستان والأردن والكويت يمكن أن تشهد نقصاً في المهارات الشبكية يتجاوز نسبة 40 في المئة بحلول العام 2009، وفي المقابل، أشارت نتائج الدراسة نفسها التي أجريت في دول أوروبا الغربية والشرقية في العام 2005، إلى أن نسبة النقص في خبراء الشبكات ستصل إلى 11,8 في المئة بحلول العام 2008.

وكانت منطقة الشرق الأوسط قد سجلت أحد أعلى معدلات النمو في إجمالي الناتج المحلي في العالم خلال السنوات الثلاث الماضية. وعليه فإن هذا النمو إلى جانب الطلب المتزايد للمشروعات التجارية على تقنيات المعلومات والاتصالات الأكثر تطوراً لتعزيز قدراتها التنافسية، أدى إلى زيادة الطلب على المهارات الشبكية العامة والمتقدمة بمعدلات غير مسبوقة، كما أن عدم توافر برامج تدريب كافية، يفاقم ويعقد المشكلة في مختلف أنحاء المنطقة.

ويزداد الوضع تفاقماً نتيجة النقص في المهارات الشبكية المتقدمة مثل الاتصال الهاتفي عبر الإنترنت والحماية والاتصالات الشبكية اللاسلكية، وكشفت الدراسة أنه من المتوقع أن تصل نسبة النقص في المهارات الشبكية في منطقة الشرق الأوسط إلى 41 في المئة أي ما يعادل 156500 خبير. وهناك احتمال كبير بأن تتخلى دول الشرق الأوسط التي شملتها الدراسة، عن التقنيات التقليدية لتتبنى تقنيات حديثة أكثر تطوراً، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ازدياد الطلب على خبراء تقنية المعلومات والاتصالات.

وفي الوقت الذي يتم فيه تطبيق الكثير من المبادرات الإقليمية التي تشمل برامج تعليمية ودورات تدريبية في مجالي العلوم والتكنولوجيا، فإن الفارق الكبير المتوقع بين العرض والطلب بحلول العام 2009، يؤكد ضرورة بذل المزيد من الجهود لتوفير برامج التدريب المناسبة وتشجيع الطلاب على الانتساب إليها.

وقال مدير عام سيسكو سيستمز في منطقة الخليج سامر الخراط: «تأتي نتائج الدراسة بمثابة دعوة للقطاعين العام والخاص والمدربين والأفراد لبذل جهود إضافية من أجل توفير المزيد من البرامج التعليمية وفرص التدريب، وبالتالي ما لم يتم البدء في تنفيذ مثل هذه الخطط على الفور، فإن عملية تبني التقنيات الحديثة، والقدرة التنافسية، ونمو الأسواق، من القضايا التي ستواجه تحديات وأخطاراً عدة».

يذكر أن احتمالات نمو انتشار الإنترنت كبيرة جداً في الدول التي شملتها الدراسة، وأشار 99 في المئة من المشاركين في الدراسة في منطقة الشرق الأوسط وباكستان، إلى أن استخدامهم للشبكة يتركز في تطبيقات البريد الإلكتروني ودخول الإنترنت بشكل رئيسي، كما أجمعوا على أن استخدام الشبكات سيتنامى في المستقبل، الأمر الذي سيعزز أهمية المهارات الشبكية المتقدمة.

وبالنظر إلى أهمية الدور الذي ستلعبه المهارات التقنية المتقدمة في المستقبل، فإن تأثير النقص المحتمل في المهارات بحلول 2009، سيكون كبيراً، وعليه، يجب اعتبار مواصلة تطوير برامج تدريب جديدة، إحدى الاستراتيجيات الرئيسية للحد من هذا النقص وتوفير حلول طويلة الأمد.

وأضاف الخراط: «ما لم يتم اتخاذ إجراء سريع، فإن نقص الكوادر الخبيرة بالشبكات سيقف عائقاً في طريق عملية التطوير التقني والنمو الاقتصادي في الدول التي تشهد أسواقها نمواؤ كبيراؤ. فتوظيف الكوادر الخبيرة في الأماكن المناسبة، يعزز إنتاجية الشركات من خلال استثمار التقنيات الحديثة كتلك المستخدمة في أوروبا حالياً، وعلينا أن نواصل العمل مع حكومات المنطقة بهدف تعزيز الوعي بفرص العمل المتاحة، كما يجب أن نشجع الطلاب على اكتساب المهارات الشبكية الأساسية والمتقدمة».

من جهته، قال كبير المحللين في مؤسسة «أي دي سي» للأبحاث فيليب فان هيردان: «شهدت بيئة الأعمال تطورات كثيرة خلال السنوات الأخيرة، وباتت تتسم بتنافس كبير بين سلاسل التوريد، وأصبحت الشركات الآن أكثر من أي وقت مضى، تشكل وحدات متداخلة ومترابطة تعتمد على الإنترنت من أجل التواصل مع شركائها التجاريين. وبالتالي فإن عدم توافر العدد الكافي من الكوادر البشرية التي تتمتع بالمهارات الشبكية التي تضمن استمرار هذا التواصل، سيؤثر سلباً على القدرة التنافسية للمؤسسات، واقتصاد البلد عموماً»