العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ

العمال الإيرانيون مازالوا يترقبون أوقاتاً أفضل

للغزل في بلدة البورز الصناعية غربي العاصمة الايرانية وقف عدد من العمال المسرحين من عملهم يغمغمون بأن وعود الرئيس بشأن خفض البطالة لم تفلح في حماية وظائفهم. واستمع محمد بوزورجي الاموتي وزملاؤه الذين سرحوا من عملهم قبل ثلاثة أشهر بانتباه عندما تحدث الرئيس محمود أحمدي نجاد في البلدة في يونيو/ حزيران الماضي مكرراً الوعود المعتادة بشأن حماية حقوق العمال وانعاش الاقتصاد. لكن العمال يقولون ان أصحاب الاعمال لم يولوا الحديث انتباهاً. وقال الاموتي خارج المصنع إذ ينتظر لعرض لمشكلته على المسئولين التنفيذيين لدى خروجهم أو دخولهم «الرئيس قال بعض الكلمات الجميلة لكن عملياً لم يتحقق شيء. الحكومة والمسئولون والمديرون لا يسمعون».

وتصدرت تصريحات الرئيس عناوين الصحف في الغرب بسبب تمسكه بموقفه في خلاف بشأن برنامج ايران النووي بعبارات حادة تلقى صدى طيباً في الداخل. لكن ما يهم الايرانيين مثل الاموتي في نهاية الامر هو ما اذا كان سينفذ وعوده بشأن الاقتصاد. ووصل أحمدي نجاد الى السلطة في الجمهورية الاسلامية العام الماضي بناء على برنامجه الذي يتعهد بتوزيع أكثر عدالة للثروة النفطية الايرانية وهي رسالة وجهها للداخل في ظهوره المتكرر في مؤتمرات شعبية. لكن الكثير من الاقتصاديين يقولون ان سياساته غير مجدية.

وتشهد ايران، رابع أكبر منتج للنفط في العالم، ايرادات استثنائية من ارتفاع أسعار النفط العالمية لكن الاقتصاديين يقولون ان الحكومة تزيد التضخم بضخ ايرادات النفط في الاقتصاد وتضعف قطاع الاعمال الخاص بسياسات التدخل الحكومي. وكتب 50 اقتصادياً في خطاب مفتوح جريء في يونيو يقولون «في هذه المرحلة هناك احتمال كبير أن تسوء الظروف الاقتصادية في حين زادت توقعات الشعب بسبب الشعارات التي ترددها الحكومة عن الرفاهة». وأضاف الاقتصاديون وغالبيتهم من اساتذة الجامعات «اذا لم تتحقق وعود الحكومة فان ثقة الشعب في الحكومة ستتراجع وفي مواجهة التهديدات الخارجية سيكون أمننا القومي في خطر». وهناك نقابات عمالية في ايران لكن نفوذها محدود والسلطات تسارع باحباط الاحتجاجات على مستويات المعيشة. وعلى رغم ان العمال قد لا يخرجون في احتجاجات اذا لم يف احمدي نجاد بوعوده فإن بعض الاقتصاديين يقولون ان أي احباط سيرى الرئيس أثره في الانتخابات المقبلة. وقال الاقتصاديون في خطابهم كذلك ان المسؤولين يعينون من دون ان يولى اهتمام كبير بمؤهلاتهم وشكوا من سوء تخطيط الموازنة. ويقول بعض النقاد ان احمدي نجاد وهو ثوري متدين يوجه أموالاً اضافية للهيئات الدينية المحافظة. وكان من ابرز مخاوف الاقتصاديين ارتفاع محتمل في التضخم الذي يبلغ معدله حالياً نحو 10 في المئة. ويقول الاقتصاديون والبنك المركزي ان الحكومة تشعل التضخم بالسحب من صندوق لايرادات النفط تأسس بهدف الاستثمار او دعم الموازنة في الاوقات الصعبة لكن يجري السحب منه الآن للإنفاق الجاري على رغم ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية. وقال المسئول البارز في مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني في لندن ريتشارد فوكس «التضخم في نهاية الامر يضر بالناس الذين يحاول الرئيس مساعدتهم. انه يحظى بشعبية لكن اذا زاد التضخم فان شعبيته لن تبقى قوية». وارتفاع الأسعار مصدر شائع للشكوى. ويقول علي أكبر محمدي صاحب متجر في سوق مدينة قزوين قرب البورز والذي صوت لصالح أحمدي نجاد في الانتخابات ان ارتفاع الاسعار يضر بحجم مبيعاته.

وأضاف محمدي (60 عاماً) وهو يقف بجوار عربة يبيع عليها الشطائر «الناس لا تملك ما يكفي من المال وكل شيء زاد ثمنه». وأضاف «وعود أحمدي نجاد كانت عظيمة لكننا لم نر أي نتيجة حتى الان».

والبنك المركزي قدرته محدودة على السيطرة على الاسعار ويحتاج لموافقة برلمانية لاصدار أوراق مالية لامتصاص السيولة. وفي ابريل/ نيسان أمره المشرعون بخفض اسعار الاقراض الى اقل من 10 في المئة بحلول 2010 على رغم من تحذيرات من مخاطر التضخم. والحكومة تلقي اللوم على الشركات التي تسعى إلى تحقيق أرباح كبيرة. وتقول الشركات انها تتحمل كلفاً جديدة تشمل ارتفاعاً بأكثر من 20 في المئة في الحد الادنى للاجور الى ما يزيد على 160 دولاراً. ويزيد الأجر اعتماداً على الخبرة ونوعية العمل. وسرحت بعض الشركات عمالاً بسبب زيادة الاجور وتقول ان المنافسة مع الشركات الاجنبية تزداد صعوبة. وقال مدير شركة عطية بهار الاستشارية ومقرها طهران سياماك نامازي «صناعتنا لا تتنافس مع الصين فيما يتعلق بالتكنولوجيا بل في كلفة العمالة».

وفي شركة تيبيد للنسيج في البورز تقول الادارة انها سرحت ثلث عامليها المؤقتين البالغ عددهم 400 عامل في حين أحضرت معدات جديدة لمنافسة الواردات من الصين. ويخشى الاموتي ورفاقه ان تكون وظائفهم قد ضاعت للأبد. ويقول الاقتصاديون ان الشركات الايرانية تعبت من الاستثمار في مناخ تسوده ما تصفه الشركات بانه سياسات لا يمكن التنبؤ بها. وهذا يبطئ توفير فرص عمل في بلد يبلغ فيه معدل البطالة الرسمي 12 في المئة وترتفع التقديرات غير الرسمية الى ما يزيد عن ذلك بكثير. ويبتعد الكثير من المستثمرين الاجانب كذلك خوفاً من تصاعد الخلاف النووي مع الغرب ليقود الى فرض عقوبات من جانب الامم المتحدة وهو ما تهدد به الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وقال نامازي «تضررت بالتأكيد الاستثمارات الغربية». وفي الوقت الراهن يقول الاقتصاديون ان أحمدي نجاد وحكومته لديهم ما يكفي من السيولة لتخفيف اثر نقص الاستثمارات. فالبنك المركزي على سبيل المثال يقرض الشركات الايرانية التي تستورد السلع بالعملة الاجنبية عندما لا تجد هذه الشركات مقرضين غربيين.

لكن حتى مع الايرادات الاستثنائية الكبيرة للنفط فان معدل النمو السنوي الذي بلغ 5,4 في المئة في مارس/ اذار جاء أقل من المتوقع. ومازال الاموتي وغيره من الذين صوتوا لصالح أحمدي نجاد ينتظرون تحسن الاوضاع الذي وعد به الرئيس الإيراني.ظ

العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً