العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ

كلينسمان يكشف مدى تعلقه بزوجته وعائلته في كاليفورنيا

أصعب مهمة في حياة لوف

في النهاية لم تنفع دعوات الاستجداء كي يبقى يورغن كلينسمان في منصب مدرب المنتخب الألماني لكرة القدم. قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنها لم ترجُ كلينسمان البقاء في منصبه. لكنها كانت تقول نصف الحقيقة، كعادتها. كل الذين شاهدوا ميركل وهي تقلد كلينسمان ميدالية المركز الثالث، بعد فوز فريقه على البرتغال 1/3 في المباراة التي جرت في شتوتغارت على المركز الثالث، شعروا من خلال عناق ميركل الحميم لكلينسمان أن هذا العناق استجداء له كي يبقى. كذلك التصريحات المشجعة التي صدرت عن القيصر فرانز بيكنباور وأثارت غرابة الكثيرين لأن بيكنباور كان من ضمن نقاد كلينسمان حين تم تعيينه خلفا لرودي فولر في منصب مدرب (المانشافت) وكان يفضل تعيين لوثار ماتيوس.

ووصلت إلى الأمة الألمانية رسالة كلينسمان برفضه مواصلة تدريب المانشافت. قبل الحادية عشرة من ظهر الأربعاء بلغت الأمة هذه الرسالة على رغم أن المؤشرات بأن يواصل كلينسمان مهمته التي بدأت قبل عامين أصبحت تضعف مع مرور كل يوم يرفض فيه التصريح أنه يريد تمديد عقده مع اتحاد الكرة الألماني (دي أف بي). إنه الخبر الذي شغل الأمة الألمانية إذ تصدّر نشرات الأخبار وتم تخصيص برنامج طارىء في القناة الأولى للتلفزيون الألماني ARD لمناقشته في الوقت الذي تصرف فيه اتحاد الكرة الألماني على عجل هذه المرة باختياره يواخيم لوف مدربا وكان في العامين الماضيين شغل منصب مساعد المدرب. مهد له كلينسمان حين قال: «كان لوف خلال العامين الماضيين أكثر من مساعد مدرب. فقد عمل بأسلوبه الخاص وفي مراقبة شرائط الفيديو للمنتخبات المنافسة وقدم تحليلات مهمة جدا». في هذا القرار فرملة لمشاعر الألمان الذين احتفلوا بالمركز الثالث كأنهم يحتفلون بفوزهم بكأس العالم التي جرت على أرضهم. وكتب أكثر من معلق أن قرار كلينسمان بالتخلي عن منصبه على رغم أن ألمانيا ركعت له، لا يعود إلى الضغط الكبير عليه خلال مباريات كأس العالم والتوقعات الكبيرة منه بقدر ما يعود إلى الانتقادات القوية التي كانت بحدة المطرقة التي انهالت على كلينسمان حين كان يجرب أسلوبه مع المانشافت. فقد هاجمه القيصر ومدربو الأندية وصحف البولفار التي راحت تبحث عن بديل له.

في هذه الفترة تبين لكثيرين مدى تعلق كلينسمان بالعيش في كاليفورنيا بالولايات المتحدة حيث تعيش زوجته الأمريكية وابنه بعيدا عن رقابة وسائل الإعلام الألمانية. وحين أطل كلينسمان لتحية أكثر من نصف مليون شخص قبالة بوابة براندنبورغ لتكريم المنتخب الألماني الذي لم يظن أحد أنه سيحرز المركز الثالث، كان يقول وداعا للجمهور. ثم قال وداعا للاتحاد الألماني لكرة القدم. العارفون ببواطن الأمور يعتقدون أن الاتحاد الأميركي لكرة القدم عرض على كلينسمان تدريب المنتخب الأمريكي وهذا يضمن للمدرب السابق للمنتخب الألماني أمرين: أولا الحصول على راتب أعلى وثانيا أنه سيبقى في الولايات المتحدة ويمارس دوره في التعريف بلعبة كرة القدم.

قال كلينسمان إن قراره التخلي عن تدريب المنتخب نضج خلال الأيام الأخيرة لكنه اتخذه منذ وقت. وقال إنه يحتاج إلى الابتعاد نصف عام حتى يدرس مستقبل حياته وذلك مع الأسرة والأصدقاء. كل ما رآه كلينسمان من الجمهور الألماني كان أكبر من طاقته. عند وصول الفريق قبل اللقاء مع البرتغال صعق كلينسمان حين رأى مئات الأشخاص يقضون ليلتهم خارج الفندق في مدينة شتوتغارت. في الصباح أصبحوا عشرة آلاف وفي اليوم التالي بعد الاحتفال بالأناناس الذهبية على حد تعبير لاعب المنتخب وفيردر بريمن تيم بوروفسكي عاد آلاف المشجعين لتطويق الفندق. لم يسبق أن رأى لاعبو المانشافت مثل هذا الإقبال ولا أي مدرب للمنتخب لكن كلينسمان شعر بالرهبة. من الناحية النفسية والعاطفية كانت الاحتفالات الألمانية كثيرة على كلينسمان وكان مدير أعماله ومرافقه الدائم رولاند أيتل أول من بلغه أن كلينسمان عازم على العودة لحياته السابقة، الهادئة، في الولايات المتحدة. يوم الأربعاء نفض كلينسمان عن كاهليه العبء الكبير. في لقاء تم مع المسئولين في فندق بمدينة فرانكفورت شارك فيه أوليفر بيرهوف مدير أعمال المنتخب ومساعد المدرب يواخيم لوف، مع حضور كبير لممثلي وسائل الإعلام، تحدث كلينسمان بسرعة عن قراره على رغم أن نسبة 99 بالمئة من الألمان أرادوا منه البقاء في منصبه. هذا ما عبروا عنه عندما شبت بهم حمى كلينسمان على حد وصفها من قبل الصحافة المحلية. قال كلينسمان ضاحكا: «أحضرت معي ورقة أعطاني إياها حارس المرمى ينس ليمان وذلك في إشارة منه إلى الورقة التي حصل عليها ليمان من مدرب حراس المرمى أندرياس كوبكه بشأن طباع لاعبي الأرجنتين عند تسديد ركلات الترجيح». هذه المرة استجاب كلينسمان لعقله مع أن قلبه كان يقول له شيئاً آخر. عبر كلينسمان عن رغبته في العودة إلى حياته السابقة، مع أسرته في كاليفورنيا وقال أنه يشعر بفراغ كبير وإن عمله كمدرب للمانشافت في العامين الماضيين أتعبه جدا. وقال إنه لا يشعر أنه قادر على مواصلة العمل بالطاقة والقوة نفسها. شكر كلينسمان رئيس اتحاد الكرة الألماني جيرهارد ماير فورفيلدر على رعايته الأبوية (والد كلينسمان توفي قبل وقت قصير على بطولة العالم) وسجلت وسائل الإعلام المرئية فورفيلدر وهو يشد على يد كلينسمان لدقائق كان الرجلان على وشك ذرف الدموع. كان كلينسمان يأمل أن يتعافى والده زيجفريد ليشاهد بطولة العالم لكرة القدم. غير أن في قرار كلينسمان شعوراً مريراً بأن البعض أساءوا فهمه خلال العامين الماضيين حين حاول أن يجعل من المانشافت فريقا قويا وكان هذا مستحيلا. كثيرون لم يثقوا به. اتهموه بالطمع وبالبرودة. هذه الاتهامات لم تصدر عن صحافيين مغرورين بل عن أسماء لها صدى في عالم كرة القدم. لوثار ماتيوس الذي لم يكن على علاقة جيدة مع كلينسمان حين كانا يلعبان لبايرن ميونيخ كتب مرارا يشكك بقدرة كلينسمان على تدريب المانشافت. لكن ماتيوس لم يكن الوحيد على حد تعبير مدير أعماله أيتل. تعين على كلينسمان الصمود حين بدأت صحف البولفار تقلل من كفاءته إلى حد الإهانة. صمد لكنه عانى وفي النهاية انتصر حبه لأسرته على ولائه للاتحاد الألماني والمانشافت وملايين الألمان الذين أرادوا أن يستمر في تدريب المنتخب. وعرض التلفزيون الألماني ضمن برنامج خاص عن استقالة كلينسمان صورة له حين تسلم منصب المدرب وصورة أخرى بعد سنتين، إذ وضح أنه هرم كثيرا خلال عامين وكان وجهه ضاحكاً طيلة الوقت. يوم الأربعاء الماضي كان نهاية عهد كلينسمان الذي تحول فيه المانشافت من فريق لا يخشى منه أحد إلى أحد أقوى فرق العالم، حين يتبارى على أرضه وأمام جمهوره. لم يكن المانشافت قبل بطولة العالم لكرة القدم بين أفضل عشرة منتخبات على قائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). بعد تحسن مستواه وحصوله على المركز الثالث أصبح يتقلد المركز التاسع وكانت ألمانيا قبل ذلك تحتل المركز الثالث عشر. يوم (الأربعاء) الماضي بدأ عهد المدرب الجديد يواخيم لوف. ووقع مع اتحاد الكرة الألماني على عقد مدته عامين. منذ (الأربعاء) الماضي أصبح لوف المدرب العاشر للمنتخب الألماني وصاحب آمال 82 مليون ألماني. يستمر عقده حتى بطولة كأس الأمم الأوروبية في صيف العام 2008. بدأ لوف أول مؤتمر صحافي له بنكتة حين سألوه عن مساعد المدرب: عندي موعد غداء مع كلينسمان وأرجو أن أكسبه ليشغل منصب مساعد مدرب. ضحكت الصالة وكانت هذه اللحظات السعيد الوحيدة في وداع كلينسمان.

لم يكن أحد ليخلف كلينسمان بهذه السرعة غير يواخيم لوف. تم اقتراح أسماء كثيرة أبرزها ماتياس زامر المدير الرياضي للمنتخب لكن كلينسمان كان أسرع بإقناع المسئولين في اتحاد الكرة أن يواصل لوف نهج التدريب الذي عمل به كلينسمان خلال تحضير المانشافت لكأس العالم. كان الثابت أن الاتحاد الألماني يريد استمرار فلسفة الكرة الهجومية كما كانت سائدة في العقود السابقة. لم تكن هناك ادوار محددة خلال عهد كلينسمان فلكل مهماته. في البداية ترتب عليهم تجاوز مرحلة العام 2004 حين كانت الكرة الألمانية على الأرض. مثل كلينسمان سيعتمد لوف على لاعبين شبان ومع هذا الفريق وعد لوف أن يفوز ببطولة كأس الأمم الأوروبية العام 2008 حين تستضيفها النمسا وسويسرا. من أهم إنجازات لوف إضافة لعمله مساعدا لكلينسمان، فوزه بكأس ألمانيا العام 97 حين كان مدربا لفريق شتوتجارت، وفوزه بالدوري النمساوي حين درب فريق تيرول. الآن تسلم لوف أصعب منصب في حياته.


كلينسمان: لم يكن قراراً سهلاً

فرانكفورت - د ب أ

على رغم رغبة الجميع في بقائه بدءا من المستشارة الألمانية وحتى أطفال المدارس اتخذ يورغن كلينسمان قراره بحرية وترك منصب المدير الفني للمنتخب الألماني.

وقال رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم تيو زفينتسايجر «إنني حاولت لمدة دقيقتين تقريبا إقناعه بتغيير رأيه. ولكننا يجب أن نحترم قراره».

وانتصر الحافز الشخصي على أمنية 82 مليون ألماني في مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت ترغب في بقاء كلينسمان بعدما خلق أكبر نوبة من الحماس في ألمانيا إثر قيادة المنتخب الألماني للفوز بالمركز الثالث في كأس العالم 2006.

وقال كلينسمان: «إنه لم يكن قرارا سهلا على مدار الأيام الماضية. ولكنه قرار كان يجب علي اتخاذه. إن أكبر أمنياتي أن أكون مع عائلتي وأن أعيش حياة عادية معها». وصرح كلينسمان في مؤتمر صحافي عقد أمس الأول الأربعاء قائلا وهو يبكي: «إنني فقدت الكثير من الطاقة ولا أشعر أنني قادر على الاستمرار بالقوة والطاقة نفسها». ويبدو أن الاستقلالية الكبيرة التي اتسم بها كلينسمان خلال مسيرته كلاعب داخل ألمانيا وخارجها قد تأكدت بصورة أكبر عندما تولى تدريب المنتخب الألماني عقب الإخفاق والخروج المبكر من بطولة كأس الأمم الأوروبية 2004 بالبرتغال تحت قيادة رودي فولر. وكان البعض طالب بمثول كلينسمان أمام لجنة برلمانية بعد هزيمة المنتخب الألماني أمام نظيره الايطالي 4/1 في المباراة الودية التي جمعت بينهما قبل كأس العالم 2006.

كذلك كان انضمام دافيد أودونكور الذي لم يسبق له المشاركة الدولية إلى صفوف الفريق الألماني المشارك في كأس العالم هو آخر القضايا المثيرة للجدل بشأن طريقة كلينسمان مع المنتخب.

ولكن عندما مرر أودونكور كرة متقنة إلى زميله نويفيل الذي أحرز منها هدف الفوز 1/صفر في الثواني الأخيرة من المباراة أمام منتخب بولندا في الجولة الثانية من مباريات الدور الأول بكأس العالم تبين مرة أخرى أن كلينسمان هو رجل البطولة.

وقال جيرهارد ماير فورفيلدر شريك زفينتسايجر في رئاسة الاتحاد: «إنه لم يمنح الفريق الألماني الإيمان والتفاؤل فحسب بل كانت الجماهير الألمانية متحمسة وتقف خلف الفريق. وهذا ما كان يفوق أحلامي»

العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً