الحديث مع النجوم الكبار السابقين للكرة البحرينية له من النكهة الممتعة في الوقت الذي نقضيه مع هذا النجم أو ذاك نتذكر معه التاريخ الذي قضى فيه حياته الرياضية منذ أول يوم بدأ فيه مشواره حتى يوم نهاية المشوار.
إذ يتميز ذلك الجيل بالخلق الرياضي الكبير الذي قلما تراه هذا اليوم بالإضافة إلى تميزه بالإمكانات الفنية التي جعلت الجماهير تهرول وراء هؤلاء النجوم من خلال متابعتها لإخبارهم أولا بأول على رغم ضعف الواجهة الإعلامية آنذاك ومع ذلك كان التواصل بين الجماهير ونجومها واضحا وصحيحا يرتفع فوق الوصف الكلامي والمخطوط بالقلم. نتذكر ذلك التاريخ الذي يردنا عن تلك الملاعب التي تعج بكوكبة النجوم الكبار والمتابعة الجماهيرية الغفيرة في الملاعب المكشوفة ولكن من خلف هؤلاء النجوم كانت الأخلاق تعم كل الجماهير وصارت تنافس بعضها بعضا كالنجوم الكبار.
اليوم وبعد مرور هذه السنين الطوال يحق لنا كإعلاميين وصحافة رياضية ان نعطي ولو الشيء القليل من تسليط الضوء على حياتهم الكروية في حلقات يومية خلال شهر رمضان الكريم. واليوم يستضيف الوسط الرياضي أحد النجوم الكبار الذين قدموا كل ما لديهم ورفضوا إغراءات الانتقال إلى دولة أخرى للاحتراف هناك ولكن حب الوطن والنادي غلب بأمره على الأمور الأخرى.
انه البطل البحريني السابق والإداري الحالي والمدير الفني بالاتحاد البحريني لألعاب القوى أحمد حمادة.
البداية مع كرة القدم
وصف الرياضة بأنها كانت لعبة بالنسبة إليه يلعبها في الفريج في القضيبية يشكلون أكثر من فريق كرة قدم ويتنافسون فيما بينهم، أو أنه كان يذهب مع أخواله للعب كرة القدم في المحرق، وأهم الفرق التي لعب معها آنذاك فريق النصر الذي كان مركزه فيه جناحاً، وفي مدرسة المنامة الثانوية مارس كرة القدم أيضا، ولتفوقه فيها تم اختياره لفريق المدرسة للمشاركة في بطولة المدارس لألعاب القوى، إذ أحرز المركز الأول في سباقي 400 و800 متر، وبعد انتهاء الإجازة الصيفية توجه للدراسة في الخارج لكنه لم ينخرط في الدراسة بسبب عدم ملائمة المكان له، وعند عودته طلبه مدرب ألعاب قوى أميركي اسمه فيك جود فري في الاتحاد للمشاركة في اختبار، وعبّر حمادة عن ذلك قائلا: حققت نتائج جيدة في هذا الاختبار وعلى إثره تم أخذي في معسكر في القاهرة حيث كان يرافقني في الوقت نفسه المدرب المصري محمود عبدالكريم من قوة الدفاع الذي كان يشجعني للانضمام إلى الجيش وكان له الفضل في انضمامي إلى الجيش كما انه كان يعتبر الأب الروحي لألعاب القوى آنذاك.
مشوار الـ 400 حواجز
وفي نهاية العام 1978 انضممت إلى قوة الدفاع كذلك كنت في الوقت نفسه أمارس ألعاب القوى مع توفير فرص التفريغ الكامل للتدريب من قبل المسئولين هناك، وفي العام نفسه سافرنا إلى معسكر في اليابان وشاركت في البطولة العربية في العراق، وطوال تلك الفترة كنت لاعب سباقات 400 و800 متر عدو، ومصادفة خلال وجودنا في العراق طرح علي المدرب الأميركي فيك تجربة سباق 400 متر حواجز، وشاركت في هذا السباق وكانت هذه المشاركة تحطيماً للرقم البحريني المسجل باسم عادل شريدة وأحرزت 56 ثانية، والمشكلة التي صادفتني هناك أنني تأهلت للنهائي من دون علمي، وشاركت في النهائي وحطمت الرقم الذي أحرزته مرة أخرى وفي اليوم نفسه أحرزت 55 ثانية، ومن هنا بدأ مشواري مع 400 متر حواجز.
وفي العام 1979 وبعد البطولة العربية في العراق أقيمت بطولة مركز ارتباط الشرق الأوسط العسكري في الدوحة، وكان المشاركون في هذه البطولة هم نفسهم الذين شاركوا في البطولة العربية بالعراق، وكان ترتيبي في البطولة العربية الخامس أما في بطولة مركز ارتباط الشرق الأوسط فكان المركز الثالث وسجلت رقما جديدا آخر. ومنذ العام 1979 بدأ التركيز الفعلي على 400 متر حواجز، حيث قمت بالإعداد لبطولة العالم العسكرية في البرازيل العام 1980 التي شاركت فيها وحققت المركز الثالث ورقما جيدا 51 ثانية، وفي العام 1980 بدأ المدرب الأميركي يتعامل معي ومع برنامجي تعاملا آخر ويخطط لبرنامج عام كامل وثابت، وفي العام 1981 في البطولة العربية في تونس قابلت البطل العراقي طالب فيصل الذي كان هو البطل الآسيوي لـ 400 حواجز والذي يشغل حاليا منصب رئيس الاتحاد العراقي لألعاب القوى، إذ تفاجأ بأنني استطيع الفوز عليه وأخذت البطولة منه كما شجعني على متابعة مشواري مع 400 حواجز كما أنها كانت أول بطولة أحرز فيها المركز الأول.
مرحلة النضوج
وفي بطولة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في الهند العام 1982 والتي كانت هدفا من الأهداف التي رسمها المدرب إذ وصلت إلى مرحلة النضوج في هذه الرياضة وحققت 50 ثانية في المركز الثالث وذلك لنقص الخبرة الكافية في مثل هذه البطولات، وفي العام 1983 أقيمت البطولة الآسيوية في دولة الكويت وحققت فيها المركز الأول ورقما آسيويا جديدا 49 ثانية، وأهلني هذا الرقم للاشتراك في الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس في أميركا العام 1984، وشاركت فيها وأنا مصاب ولم أحقق شيئا بسبب الإصابة، وفي العام 1985 كان الإعداد والاستعداد أقوى نوعا ما إذ شاركت في هذا العام في أقدم بطولة في العالم هي البطولة البريطانية وحققت المركز الأول كما كانت هذه البطولة معسكرا في الوقت نفسه لبطولة الألعاب العربية في المغرب، وشاركت في هذه البطولة تحت إشراف المدرب الوطني محمد علي الذي كان مساعدا للمدرب الأميركي وحققت المركز الأول في مسابقة 400 متر عدو.
وفي نهاية العام 1985 شاركت في البطولة الأسيوية في العاصمة الإندونيسية (جاكرتا) وحققت المركز الأول في 400 حواجز، وتم اختياري لمنتخب آسيا لبطولة العالم التي شاركت فيها وحققت المركز السادس في 400 حواجز.
وفي العام 1986 بدأ الإعداد للآسياد وبحسب التخطيط كانت هذه آخر بطولة آسيوية أشارك فيها، إذ في العام نفسه ذهبت إلى معسكر مدته شهر ونصف الشهر في أميركا وبعده مباشرة معسكر في إيطاليا، وشاركت في بطولة العالم العسكرية وحققت المركز الأول في سباق 400 متر عدو، وشاركت في الألعاب الآسيوية في سيئول وحققت المركز الأول ورقما آسيويا جديدا.
وفي العام 1987 أثناء التدريب في البحرين تعرضت لإصابة خطيرة في الظهر بانزلاق غضروفي في الفقرات الثالثة والرابعة والخامسة، وتمت معالجتي في ألمانيا ورجعت في العام 1988 وبدأت الإعداد لدورة الألعاب الأولمبية في سيئول، وأثناء التدريب وقبل البطولة بشهر تعرضت لقطع في العضلة لكنني شاركت وكانت مجرد مشاركة.
صوناً لكرامتي
وفي العام 1989 سافر المدرب بعد انتهاء عقده مع الاتحاد ووجدت نفسي ضائعا، وكان أمامي خياران إما أن ألحق المدرب كما طلب مني وأكون هناك تحت إشرافه وإما أن أتدرب في البحرين وأشارك في البطولات من دون إجراء تخطيط لموسم، وقررت بعد هذا العمر ترك اللعبة أفضل من المشاركة، وفعلا تركت اللعبة صونا لكرامتي لأنني من دون الإعداد الذي أريده لن أشارك، وأطعت رغبة الاتحاد ولم أكن معدا للمشاركات تحت الظروف التي وضعوني فيها، ولم أعتزل اللعبة بل ابتعدت عنها وتركتها بسبب تلك الظروف.
وحاليا أشغل منصب المدير الفني بالاتحاد البحريني لألعاب القوى ومتابعة الأبطال وتسهيل مشاركاتهم في البطولات والإشراف على معسكراتهم.
وعينت مديرا للجنة الأولمبية من العام 2003 حتى 2004 بعدها توجهت لاتحاد ألعاب القوى 2005 بقرار من رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بمنصب مدير فني، وفي التسعينات كنت عضوا في الاتحاد، ودرست دورات في ألمانيا في ألعاب القوى، وقمت بالتدريب فترة في البحرين وساهمت في إعداد اللاعبين وبرامج الانتقاء منذ العام 1998 التي أقوم بها حتى الآن، أما بالنسبة إلى فترة التدريب فقد أجبرت على الابتعاد عنه بسبب أن شخصا معينا في الاتحاد لعب لعبته وأخذ اللاعبين الذين عملت معهم، ولغاية اليوم أكره شيئا اسمه تدريب، كما أنني تلقيت عروضا من عدة دول لكن المسئولين هنا تمسكوا بي.
«رمضان أول» أحلى
بالنسبة إلى شهر رمضان الكريم أكون في الفترة الصباحية في العمل، وبعد انتهاء الدوام أتوجه للبيت وبعد الفطور أخرج مباشرة متوجها إلى العمل مرة أخرى إلى الساعة التاسعة والنصف تقريبا ثم أذهب إلى الاتحاد لإنهاء بعض الأعمال هناك، وبعد هذا كله تكون لي فرصة صغيرة للقاء الأصدقاء والجلوس معهم، كما أنني من النوع الذي يحب النوم ماعدا في السفر أتحدى من يكون معي أن يكون مستيقظا.
أما رمضان سابقا فكان أحلى وله طعم آخر، فأذكر رمضان عندما كنت طالبا كنا ننتظر الشهر الكريم ونستقبله بحفاوة، وكنا في أيامه نخرج للعب في الفريج مع الأصدقاء كما كنا ننتظر العيد بفارغ الصبر ونلبس له أجمل الملابس، ورمضان عندما كنت لاعبا، كنت أمضيه في المعسكرات خارج البحرين، ورمضان بعد تركي اللعبة كنت أمارس حياتي الاجتماعية العادية.
أما أحلى شيء كنت أقوم به في شهر رمضان وقبل الفطور تحديدا هو الذهاب إلى المطبخ لمعرفة ما هو الفطور، كما أنني متخصص في إعداد العصائر خصوصا عصير الليمون بالنعناع الذي أتفنن في إعداده وإعداد الخلطات التي أضيفها إليه من لبن ومواد أخرى.
وكانت في رمضان سابقا ألتقي الأصدقاء ونلعب الورق، أما رمضان في هذا الزمان فكل ما فيه المسلسلات والتمثيليات والجلوس أمام شاشة التلفزيون، على عكس الأيام السابقة التي كنا نجتمع فيها مع الأصدقاء ولا نتفارق إلا وقت السحور، وأتمنى لو أن أيام رمضان أول ترجع، كما أن رمضان الآن لا تعرف حتى وقت السحور إذا دخل عليك
العدد 1495 - الإثنين 09 أكتوبر 2006م الموافق 16 رمضان 1427هـ