العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ

جاكسون: تصوير مشاعر كينغ كونغ أكبر إنجازاتي

بعد تقديمه أعجوبة الدنيا الثامنة

بسبب النجاحات الباهرة التي حققها في السنوات الأخيرة، ونتيجة لأساليبه الإخراجية المبتكرة والتجديدية، يعد صانع الأفلام النيوزيلندي بيتر جاكسون واحداً من أهم الأسماء السينمائية الآن، وقوةً لا يستهان بها في جيل مخرجي السينما الجدد. وعلى رغم أن أكثر ما يعرف عن جاكسون، أنه مخرج ثلاثية »سيد الخواتيم« (The Lord of the Rings) التي تعد واحداً من أعظم السلاسل الحربية والخيال العلمي وأكثرها نجاحا وتحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما العالمية. على رغم ذلك، يأبى جاكسون إلا أن يحقق نجاحا آخر ويضيف انجازا سينمائيا آخر إلى ذلك الذي حققه عبر »سيد الخواتيم«. هكذا جاء في نهايات العام الماضي بمفاجأة أخرى لا تقل تميزا وروعة عن سابقتها، وذلك حين قام بإعادة إخراج ساحرة لكلاسيكية كينغ كونغ King Kong الشهيرة الرائعة التي وجدت طريقها، حصرياً، إلى قناة »هوم سينما« على شبكة »شوتايم« اعتباراً من 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

قبل عرض الفيلم في ديسمبر/كانون الأول الماضي، التقت »شوتايم« هذا المخرج العبقري الذي يصفه كثيرون بأنه ستيفن سبيلبيرغ الجديد.

* ما أكبر تحدٍ واجهته أثناء إخراج الفيلم؟

- تحديات غير محدودة، كل شيء كان تحدياً، ولم يمر أي أمر بسهولة في أي مرحلة من مراحل صنع الفيلم، ولعل جزءاً كبيراً من التحدي يعود إلى حقيقة كون كينغ كونغ شخصية سينمائية معروفة. إذا جاز لي صوغ السؤال بطريقة أخرى، فسأقول ماذا لو جاءت شخصية كينغ كونغ مزيفة ولم يصدقها المشاهد؟ وماذا لو لم تكن لقطات الفيلم مقنعة؟ وسأجيب حينها: سيكتب للفيلم الموت لا محالة. واجهت صعوبة كبيرة في بناء جسم كينغ كونغ نفسه، كذلك جاء خوفي من ألا أكون قادرا على تقديم علاقة ناجحة وموفقة بين آن دارو وكينغ كونغ، وفي رأيي إن التحدي الأكبر الذي واجهته يتمثل في بناء تلك العلاقة العاطفية التي تجعلك تشعر بشيء في قلبك. من حيث كتابتها أولاً ثم من ناحية ابتكارها وتصويرها على الشاشة وأخيرا طبعاً تأتي مرحلة الإحساس بها بطريقة فيزيائية بحيث تصبح مقنعة للمشاهد على الشاشة.

مع كل المؤثرات الخاصة، فقد تم سرد قصة كينغ كونغ من خلال عيني كينغ كونغ نفسه. إذاً، كيف نجح ذلك التناول؟ وهل تمت إضافة المؤثرات لاحقاً إلى عيني كونغ؟

- فيما يتعلق بعينيه، فالعينان اللتان ترونهما على الشاشة هما عبارة عن نماذج تم ابتكارها بواسطة الكمبيوتر. وما يميزهما هو أننا قضينا وقتاً طويلاً لابتكار هذه العيون البراقة اللامعة والمعبرة في الوقت نفسه، بحيث تبدو طبيعية قدر الإمكان. كنا على علم مسبق بأن العيون ضرورية وحرجة، إذ إن هناك الكثير من اللقطات المقربة لكينغ كونغ. والخدعة في العينين تكمن في تركيبها عن طريق الكمبيوتر مستخدمين التشريح الجسمي للعيون الآدمية نفسه، فتبدو مطابقة لعيني الإنسان اللامعة، ماعدا كونها من ابتكار الكمبيوتر، أما بالنسبة إلى عيني كونغ العاديتين فهما من البلاستيك. ويقوم بتمثيل الدور الممثل آندي سيركيس الذي يجسد الانفعالات بواسطة عينيه شأنه شأن أي ممثل قدير آخر، (وخصوصاً تجسيد كينغ كونغ المعقّد الصامت)، والتي قام بها من دون جهد وإرهاق لتعابير وجهه.

* كيف تم صوغ الحوار بين آن وكونغ؟

- ليس هناك حوار حقيقي بين آن وكونغ أكثر مما هو موجود في الفيلم، وحرصت على عدم وجود هذا الحوار لئلا يصبح العمل »عبيطاً« ومضحكاً، إذ يفترض ألا يتمكن كينغ كونغ من فهم ما تقوله آن، كما أنها تعيد جملها مرة أو مرتين في الفيلم كله أثناء التفاعل معه، لذلك خطر لي أن العلاقة بينهما ستكون أكثر واقعية لو أنه ظل صامتاً. لكن الصعوبة جاءت في نقل محاولات آن إرضاء فضول كينغ كونغ الذي كان ينوي قتلها بداية، وكان يملك جميع الدوافع ليفعل ذلك.

* كيف نجح الأمر بالنسبة إلى شخص يجسد بواقعية دور كينغ كونغ؟

- من وجهة نظر عملية، ولمجرد التوضيح، إن كل لقطة مقربة تشاهدون فيها الممثلة ناعومي واتس وهي تنظر إلى كينغ كونغ، كانت في الحقيقة مصورة مع آندي، وكانت نعومي تنظر اليه وليس الى كونغ، حيث لم تكن هناك مجسمات عند التصوير الأولي. لقد نجح آندي في ان يكون موجوداً وقت الحاجة إليه وقد يكون ذلك فوق برج أو منصة، أو اي موقع يعلو نحو 20 قدماً في الهواء.

* هل لك أن تخبرنا عن مساهمتك في عمل كلاسيكي ضخم مثل كينغ كونغ؟

- إنه سؤال جيد، أنا لا أعتقد أني أفكر في تقديم مساهمة فيه، فأنا من أشد المعجبين بكينغ كونغ، كما أنه يلهمني منذ كان عمري 9 سنوات عندما شاهدته لأول مرة، وحاولت إعادة تقديمه عندما كنت في الثانية عشرة من خلال فيلم على شريط 8 ملم باستخدام نموذج مطاطي لكينغ كونغ. فحلم إخراج كينغ كونغ ظل يراودني منذ الصغر، ليس لأني أظن أن فيلم العام 1933 يحتاج إلى تطوير. فقد كانت تلك النسخة كلاسيكية أصلية، وستظل كلاسيكية على مدى 70 عاماً. لكن باعتباري معجباً قديماً فقد حلمت بإخراج نسخة من هذا العمل الكلاسيكي بنفسي، باستخدام التكنولوجيا المتوافرة لنا هذه الأيام. إنها قصة تسحق إعادة السرد.

* باعتبارك من المعجبين بالفيلم وتراودك الرغبة منذ صغرك في إعادة إخراجه، هل يعني ذلك أن لديك رؤية مختلفة ونهجاً مغايراً للنسخة الأصلية؟

- كلا أبداً، فرؤيتي للنسخة الأصلية لم ولن تتغير على الإطلاق، وكما قلت، فقد شاهدتها عدة مرات قبل أسبوعين فقط، وتوصلت إلى حقيقة أني قد قضيت عامين من عمري أعمل في القصة نفسها. فجلست هناك مثل صبي التاسعة مرة أخرى لأشاهد كينغ كونغ ولأول مرة. سؤالك ممتاز وليتني أملك إجابة أكثر تشويقاً لأرد عليه.

* لقد ذكرت أن الفيلم ليس كاملاً أو مثالياً. فلو أتيح لك الوقت الكافي فما الذي ستضيفه إليه ليكون أفضل؟

- إجابتي عن هذا السؤال، أنه لا يوجد فيلم كامل وخالٍ من العيوب، ومن ضمنها ما أخرجناه. وعليك طرح هذا السؤال بعد عدة أشهر لأنني الآن قريب من العمل، وليست لدي الرؤية الذكية التي أنتقد بها عملاً صنعته يداي. لكن ذلك لا يمنع من ذكر أننا قد بذلنا كل جهد ممكن وفعلنا الكثير حتى يوم الإثنين الماضي، لذلك سأخبركم بعد أشهر من الآن وبعد أن أشاهده عدة مرات بعيون مختلفة.

يصل طول النسخة الأصلية من الفيلم إلى نحو 100 دقيقة، وهذا الفيلم يستمر نحو ساعتين كاملتين على الأقل، لماذا هذا الطول في مدة العرض؟

- ليست لدي أدنى فكرة. فقد تهيأنا لصناعة فيلم يستمر نحو ساعتين وعشرين دقيقة، لقد خططنا لذلك. وبعد إخراج فيلم »سيد الخواتيم« لم أكن أرغب في إخراج فيلم يستمر ثلاث ساعات مرة أخرى، فذلك في غاية الصعوبة. لكن وفي نهاية المطاف ليس هناك معيار محدد نقيس به طول الفيلم أو قصره. كل ما فعلناه هو الانتهاء من تصوير المشاهد ومونتاج الفيلم ثم تقديم نسخة إلى الأستوديو لإبداء الرأي وجاء ردهم بأن لا مانع لديهم من عرض فيلم يستمر مدة ثلاث ساعات.

* أخبرنا عن أصعب شيء كان عليك تنفيذه أثناء إخراج فيلم كينغ كونغ؟

- أحد الأشياء التي كانت تؤرقني هو ألا أجعل كينغ كونغ وحشاً مخيفاً أكثر من اللازم. أردت أن أجعله وحشاً بقدرٍ محدود بحيث يحس المشاهد بجميع الأشياء التي ذكرتها عن الفيلم الكلاسيكي الأول. فلم أرد أن أجعله لطيفاً للغاية ولا أن ينقلب إلى مارد جبار، وهو ما حدث فعلاً في ذلك الفيلم. أردت فقط أن نبقي على إحساسه بالخطر وقوته العنيفة طوال الفيلم. إنها الرسالة التي يتوجب علينا أن نبعثها إلى بني البشر لكي يفهموا بوعي كيفية التعامل مع مخلوقات مملكة الحيوان الضخمة. ففي نهاية المطاف ليس علينا فقط أن نشعر بالأسى على كينغ كونغ كحيوان فقط لكن علينا أن نشعر بقدر من الذنب لما فعلناه نحن بنو البشر بعالم الحيوان. وهذا يبرر السؤال المطروح: لماذا تبقى فقط 706 من غوريلات الجبل في العالم؟ الأمر الذي يعني أنها مهددة فعلاً بالانقراض، في عالم يقطنه ستة مليارات نسمة من بني البشر.

* الموسيقى كانت عنصراً أساسيًّا من مكونات الفيلم لأنها تخلق جواً مميزاً يحيط بالحوادث. نعلم أنك وهوارد شور لديكما اختلافات إبداعية. فهل نجح في تأليف الموسيقى التي كنت تتوقعها؟

- أوافقك الرأي في أن الموسيقى تعد واحدة من أهم عناصر الفيلم الناجح وهي تلعب دوراً كبيراً في إثارة الإلهام. وقد كان له متسع من الوقت ليؤلف موسيقاه كما يشاء ويسجلها. أما بالنسبة إلي فإن أول شعور راودني هو أن الموسيقى قمة في الإبداع والتميز، فقد عكست فعلاً جوهر وروح الفيلم، أعتقد أنه نجح كثيراً في تقديم الموسيقى المثالية التي تلائم الفيلم

العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً