ستعزز شركات الاستثمار في صناديق الملكية الخاصة من عمليات عقد الصفقات خلال العام 2012 مع تسارع خطاها لضخ كميات كبيرة من الأموال غير المستثمرة من أجل تشغيلها قبل انتهاء فترات استثمارها، إلا أنها تواجه ظروفاً صعبة، بحسب «بين آند كومباني» (Bain & Company)، الشركة العالمية الرائدة في مجال استشارات قطاع صناديق الملكية الخاصة. ووفقاً لتقرير الشركة، فإن شكوكاً في التوقعات الاقتصادية وتقلب أسواق الأسهم سيجعل من الصعب على المشترين والبائعين الاتفاق على السعر. وترى «بين آند كومباني» أن ظروف سوق الدَّين كانت أقل إيجابية مع مطلع هذا العام مقارنة بالعام 2011. ويتمثل أحد المخاوف الكبيرة في ما إذا سيكون معروض الدّين قادراً على مواكبة الطلب، وحتى في حال ارتفعت معدّلات عمليات عقد الصفقات - على رغم ما يقوله واضعو التقرير- فمن المحتمل أن أسواق الدَّين ستظل قادرة على الاستيعاب طالما أن تحقيق العوائد في بيئة ذات معدّل فائدة منخفض سيواصل جذبه للمستثمرين.
وقال أحد المديرين في مكتب دبي والمسئول عن الاستثمار في صناديق الملكية الخاصة، قسم الدمج والاستحواذ المؤسسي في «بين آند كومباني»، جوشن دويلي: «تعد سوق صناديق الملكية الخاصة في مراحلها الأولى في الشرق الأوسط حالياً. وهي تتكون في معظمها من رأس المال النامي وبطاقات الأسهم الصغيرة نسبياً والمستثمرة في حصص الأقلية للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما أنها سوق انتهازية إلى حد كبير في مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية. ولاتزال عمليات جمع الأموال تشكل تحدياً كبيراً؛ فضلاً عن عمليات الخروج من الأصول الحالية. ونظراً إلى ندرة الأهداف الجاذبة والمقدار الكبير للأموال غير المستثمرة المقدرة بنحو 5 إلى 9 مليارات دولار، تبقى المنافسة بين صناديق الاستثمار الخاصة كبيرة. وتتفاقم هذه المسألة بسبب عدم تطابق توقعات السعر بين المشترين والبائعين. كما لم يستكمل العديد من الشركاء العامين دورة استثمارية كاملة حتى الآن، وبالتالي فإنهم يمكن أن يواجهوا العديد من العقبات في السنوات القليلة المقبلة؛ إذ لن يتبقى سوى عدد قليل من الشركاء العامين الأكثر قوة».
من جانبه، قال رئيس قسم استشارات الاستثمارات الخاصة في شركة بين آند كومباني والكاتب الرئيس للتقرير، هيو مكارثر: «ستشعر شركات الاستثمار في صناديق الملكية الخاصة (الشركاء العامون) بمزيد من الضغط للتخلص من أصولها في العام 2012، فقد كانت هذه الشركات بطيئة في إعادة رأس المال للمستثمرين (الشركاء المحدودون) منذ فترة الركود الاقتصادي؛ إذ بلغ عبء عمليات الخروج إلى ما يقرب من 2 تريليون دولار سنوياً. ومما زاد من الضغوط لإبرام الصفقات أن جزءاً لا بأس به من الأموال غير المستثمرة قد خصص لعمليات الاستحواذ - 48 في المئة من إجمالي هذه الأموال - وهي الأموال التي تم جمعها خلال العامين 2007 و2008. لذلك فإن الوقت قد حان لاستخدام هذه الأموال». وما لم يتم استثمار رأس المال بحلول نهاية العام 2013، فربما يحتاج الشركاء العامون إلى تحرير المستثمرين (الشركاء المحدودون) من التزاماتهم والتخلي عن الرسوم الإدارية والعبء المحتمل الذي يمكن أن ينجم عنها، وفقاً للتقرير.
كما سيؤدي التخلص من الأموال غير المستثمرة على الأرجح إلى سعي كم كبير من رأس المال وراء عدد قليل من الصفقات خلال العام 2012، وخاصة في ظل التنافس فيما بين الشركاء العامين الذين يديرون الأموال غير المستثمرة قديمة العهد وكذلك مع الشركاء العامين الذين يديرون الأموال غير المستثمرة حديثة العهد. وفي حال بقاء نشاط الاستحواذ على مستوياته المتواضعة في العامين 2010 و2011، فإن الأموال غير المستثمرة منذ العامين 2007 و2008 يمكن لوحدها أن تمول سوق الصفقات لمدة 1.8 سنة. وسيكون هذا الضغط أكبر في أسواق أوروبا الغربية؛ إذ تستحوذ الصناديق على حصة أكبر من الأموال غير المستثمرة التي يقترب موعد استخدامها.
وتشير شركة بين آند كومباني إلى أنه لا ينبغي توقع نشاط كبير في عمليات الخروج خلال العام 2012؛ إذ تستمر حال الضعف في قنوات صفقات الخروج، في حين لاتزال العديد من شركات الاستثمار في صناديق الملكية الخاصة غير «جاهزة للبيع»؛ إذ تم تقييم صفقات الخروج بما لا يعود على هذه الشركات بمكاسب أو تعويض لكلفة الأصول.
وتواصل الأسواق الناشئة سريعة النمو استقطابها للشراكات المحدودة والشركاء العامين؛ إلا أن غالبيتها ستواجه تحدياً فيما يتعلق بتلبية توقعاتها العالية. وتم استقطاب استثمارات الشراكات المحدودة نظراً إلى النمو القوي في الأسواق الناشئة؛ إذ تستمر هذه الشراكات في ضخ المال في هذه الأسواق، ولكن حتى تاريخه، فإن الإمكانات التي طال انتظارها فشلت في تحقيق تطلعات المستثمرين، وفقاً للتقرير. ويكمن العامل الرئيس في التأثير على قدرة الاقتصاد على استيعاب رأس مال الملكية الخاصة، في عدد الشركات الأكبر نطاقاً المتاحة لعمليات الاستحواذ. ومع افتقار العديد من الأسواق الناشئة لهذا البعد، فإن الأموال غير المستثمرة ستواصل تراكمها. ومن وجهة نظر مستثمري صناديق الملكية الخاصة على وجه التحديد، فإن أسواق جنوب شرق آسيا تعد أسواقاً جاذبة لأسباب عديدة، فهي تضم نسبياً شركات كبيرة، ولاسيما في سنغافورة وماليزيا وإلى حد ما في إندونيسيا. وعلى عكس الصين والهند؛ إذ عادة ما تكون صناديق الملكية الخاصة قادرة على الاستحواذ على حصة الأقلية في الشركات الصغيرة أو تقتصر على الاستثمارات الخاصة في الأسهم العامة، تعتبر منطقة جنوب شرق آسيا تقليدياً سوقاً لعمليات الاستحواذ، وتقدم للشركاء العامين فرصاً لخلق صفقات ذات قيمة. ويقول مكارثر: «السوق الأكبر، فيما يتعلق بالحجم النسبي للناتج المحلي الإجمالي، ليس دائماً الأفضل».
العدد 3594 - الإثنين 09 يوليو 2012م الموافق 19 شعبان 1433هـ