الآن نفهم إلى حدّ ما، وبكلفة عالية، واحداً من الألغاز العظيمة في التاريخ الإسباني: كيف على رغم جبال الذهب والفضة التي سلبتها الإمبراطورية الاستعمارية الإسبانية من الأميركتين؛ كيف وجدت إسبانيا نفسها وقد تحوّلت في القرن السابع عشر إلى نوع من بلد مليئة بالمتسوّلين والمشردين؟ ما الذي حدث لثرواتها المذهلة؟

لدينا الآن الإجابة الصحيحة أمام أعيننا: عدم كفاءة وقصر النظر من جانب القادة الحكوميين وجشع لا حدّ له من قبل المصرفيين.

المرحلة الحالية من العقاب لم تنته بعد. فبعد أن خفضت وكالة «موديز» تصنيف الائتمان في إسبانيا في يونيو/ حزيران الماضي من A3 إلى Baa3 (أي مجرد درجة واحدة فوق درجة «السندات غير المرغوب فيه»)، ارتفعت كلفة الاقتراض الإسباني إلى حدّ لا يطاق.

كما تدهورت الملاءة الإسبانية بصورة تقود لا محالة نحو خطة إنقاذ. وستكون التكاليف الاجتماعية مروّعة؛ سواء تعلق الأمر بخطة إنقاذ مصرفية أو خطة إنقاذ من الدَّين العام.

ففي تقريره السنوي عن إسبانيا، طالب صندوق النقد الدولي بالفعل حكومة مدريد برفع ضريبة القيمة المضافة، وإقرار تخفيضات جديدة إضافية على رواتب موظفي الدولة، بغية خفض العجز.

وبالمثل، توصي المفوضيّة الأوروبية بزيادة ضريبة القيمة المضافة واتخاذ تدابير تقشف جديدة: رفع سن التقاعد، التحقق من إنفاق الأقاليم، تشديد الرقابة على إعانات البطالة، القضاء على إعانات الإسكان، وتقليص الإدارة العامة، كل هذا قبل العام 2013.

ونظراً إلى استحالة خفض قيمة عملية اليورو، فستنخفض قيمة الدولة الإسبانية برمّتها بتقليص مستوى المعيشة فيها بنسبة تتراوح بين 20و25 في المئة.

وعلى رغم أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وعدت في مؤتمر القمة الأوروبية (28-29 يونيو/ حزيران) السماح لآلية الاستقرار الأوروبي بإقراض البنوك الإسبانية مباشرة، فما زالت تطالب إسبانيا بمواصلة عملية الإصلاحات الاقتصادية والمالية الجذرية.

كذلك على رغم ولاء ماريانو راخوي شبه الكلبي لها، تعارض ميركل وبشدة أي تحرك من جانب الحكومة الإسبانية يكون من شأنه أن يسمح للبلاد بالالتفاف حول طريق من التقشف والإصلاح الهيكلي.

وببساطة، برلين تريد الاستفادة من «الصدمة» التي خلقتها الأزمة وموقف ألمانيا المهيمن لتحقيق هدف قديم: التكامل السياسي لأوروبا وفقاً لخطوط تمليها ألمانيا.

إغناسيو راموني

وكالة إنتر بريس سيرفس