نهر الحسينية الكبير هو أحد الأنهر المتفرعة من الفرات، ويغذي مئات الدونمات من البساتين في محافظة كربلاء التي تبعد 108 كيلومترات جنوب غرب بغداد. ويعد مشروعه واحداً من المشاريع المهمة التي تشهدها المحافظة، ويأتي ضمن تخصيصات وزارة الموارد المائية بكلفة 75 بليون دينار عراقي (65 مليون دولار)، ومن المؤمل أن يساهم في الحفاظ على مياه النهر من التجاوزات وتقليل منسوب المياه الجوفية في الأراضي المحاذية للنهر.
من أجل الحفاظ على منسوبات المياه ومنع تسربها وتحولها إلى مياه جوفية لا يستفاد منها، عملت الحكومة المحلية على تغليف الأنهر في المحافظة عبر تبطينها بتربة من مواقع أخرى وتغليفها بصبّات خرسانية. وبعد المباشرة الفعلية للمشروع، قبل قرابة عامين، انتشرت إشاعات قوية تقول بأن تربة التبطين ملوثة بإشعاعات ومواد سامة أخرى مسببة للأمراض، لكونها منقولة من مقالع منشأتي «حطين» و«الفتح المبين» العائدتين للتصنيع العسكري، اللتين شيدهما النظام السابق وتعرضتا للقصف الجوي الأميركي أثناء حربي الخليج عامي 1991 و2003، في وقت امتد التبطين من مركز المدينة حتى سدة الهندية في محافظة بابل على بعد 100 كيلومتر جنوب بغداد. فأشار مهندسون عملوا في التصنيع العسكري السابق إلى احتمال تلوث تلك المناطق بنسب مختلفة من المعادن الثقيلة، مثل النيكل والرصاص والكادميوم واليورانيوم المستنفد.
وربط أطباء بين التلوث وظهور الحالات السرطانية في منطقة الحسينية، حيث كشف الطبيب حميد حسن أن العام 2011 شهد تسجيل عشرات الإصابات بين أهالي القرى المحاذية للنهر. وأكدت مصادر في مستشفى مرجان في الحلة ارتفاع الإصابات السرطانية في المحمودية باتجاه الحلة ومحيط كربلاء، وهي مناطق تمتد مسافات طويلة في محاذاة مناطق التصنيع العسكري. وسجل مركز بابل لعلاج الأورام السرطانية إصابات جديدة كل عام. وتضاعفت الإصابات السرطانية عام 2011.
إزاء هذا الوضع، طالب مدير قسم الصحة والسلامة المهنية في دائرة الضمان الاجتماعي في كربلاء حيدر العطار الحكومة المحلية بالتوقف عن استخدام مياه نهر الحسينية، مؤكداً أن اللجان الطبية المشكلة للكشف عن إصابات السرطان وجدت في ناحية الحسينية أكثر من 40 حالة سرطانية لأطفال بأعمار مختلفة، ومنها ما هو من نوع سرطاني واحد لدى العائلة الواحدة، في حين أكد الدكتور جعفر حسن الكربلائي أن العدد يتجاوز 55 إصابة.
آخر التصريحات كان تأكيد مديرة دائرة العلوم والتكنولوجيا في كربلاء مها عباس أن وزارة العلوم والتكنولوجيا «وضعت نهر الحسينية، الذي أثير حوله لغط إعلامي أنه ملوث، تحت المراقبة لمدة خمس سنوات لأغراض الأمانة والحماية».
العدد 3632 - الخميس 16 أغسطس 2012م الموافق 28 رمضان 1433هـ