هل فكرت يوماً المشاركة والجلوس في أوساط تجمعات الصراحة، مع قريب أو بعيد، أو مع من تجمعك به ألفة، أو علاقة قد تدوم لزمن طويل، فيستمر بكم الحال على نحو هذا التأسيس وهذه القاعدة والفكرة المبدئية التي على أساسها يتم التعامل المتبادل؟
جلسات المصارحة، قد تكون نوعاً من العصف الذهني والفكري الذي بدوره يحدد ماهية الشخص من خلال ردود أفعاله وتحفظاته وجرأته في الإجابة والرد والتعليق على بعض الأسئلة والتساؤلات. وقد تكون الباب الذي بواسطته يتقاذف سيل عصف وقصف الأسئلة المحرجة على التوالي.
ما تفعله جلسة الصراحة، بين اثنين أو بين جماعة، من شأنها أن تكشف الكثير من الأسرار الشخصية والهفوات والإسقاطات عند تحليلها فيما بعد، هذا في حال ما إذا كان المجيب على قدر من الصدقية في ما يطرح. فهي بذلك، تكسر "تابوت" الشخصانية، وتذهب بعيداً في الولوج والتعدي المؤقت والمشروع على خصوصيات الغير.
إن الغموض الذي يلف ستار الداخل، لهو غموض مؤقت ينكشف مع الأيام والمعاشرة بكل تأكيد. فلا يعقل أن تبني حكماً على إنسان بكلمة عابرة، ولا يعقل أيضاً، أن تتغاضى عن فعال متكررة لإنسان لتجد لها التبرير المنافي الذي يكون بعيداً عن عين الحقيقة.
تجربة، كالصراحة، من الصعب أن تجد لها من اللاعبين ممن توافر فيه المهارة والشجاعة، فقليل منهم من يجيد المواجهة ولا يعرف في قاموسه مفهوم المراوغة، وكثير منهم من يبتدع دبلوماسيته حتى لو كان من غير ممارسيها ومعتنقيها، والبعض منهم من يحاول الوقوف عند خط المنطقة الوسطى، وهناك من يمتهن الكذب، أو التذاكي على الآخرين، أو الصدق المبطن .... وربما تختلط الأوراق بين هذا وذاك في تقدير الكثيرين.
إن جلد الذات بالأسلوب والطريقة العقلانية، وتحمل الملاحظات القاسية من الأطراف، أمر يصقل ويعزز ويقوي إذا ما كان الجوهر المؤدي للنقاش يحمل نية صادقة خيرة، حتى مع كون هذه الملاحظات مؤلمة في حينها.
على أي حال، هي إشارة لمراجعة دورية شاملة عند طبيب محاسبة النفس، "لفلترة" ما بقي من صدق ومحاولة استرجاع ما استنزف من مراوغة مبتذلة باتت علامة تجارية للأشخاص. وهي إحالة لمحاولة ضبط النفس بين ما نقول وما نفعل.
صادق أحمد محمد
العدد 3633 - الجمعة 17 أغسطس 2012م الموافق 29 رمضان 1433هـ
المباشرة
أسرع الطرق هي الطرق المباشرة والصريحة، فالمصارحة هي ابسط الطرق لتنقية النفس وإلقاء حمل الهموم....\r\nوفقك الله ياصادق