العدد 3636 - الإثنين 20 أغسطس 2012م الموافق 02 شوال 1433هـ

القرن الإفريقي: دعوة للتحرك المبكر لمواجهة الجفاف

حذر علماء المناخ الذين اجتمعوا في كيغالي، عاصمة رواندا، أنه من المرجح أن يعود الجفاف إلى الصومال وأجزاء أخرى من القرن الإفريقي على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة. وتأتي التوقعات بعد أسابيع قليلة من إعلان الأمم المتحدة انتهاء حالة «المجاعة» في الصومال.

وفي هذا السياق، قال مدير مركز التنبؤ بالمناخ وتطبيقاته التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) لابان أوجالو، والذي يقوم بتقديم تنبؤات عن المناخ بمنطقة القرن الإفريقي: إن «هناك احتمالاً كبيراً لعودة الجفاف لأجزاء كبيرة من القرن الإفريقي... حيث بدت ندرة الأمطار واضحة في جميع أنحاء الصومال، وجيبوتي، وشمال كينيا، وجنوب وشرق وشمال شرق أثيوبيا».

وأضاف أوجالو: «لقد أعلنا عن تخوفنا، والأمر الآن متروك للحكومات، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام للاستعداد لمواجهة أسوأ السيناريوهات حتى إذا لم يحدث الأسوأ. فليس هناك ضرر من الاستعداد. ويجب أن ندرك أن العديد من تلك المناطق تواجه بالفعل الأثر التراكمي لموجات الجفاف العديدة».

ومن جهته، قال نائب المنسق الإقليمي للاستراتيجية الدولية للأمم المتحدة للحد من الكوارث يوسف أيت شلوش، إن آلية المواجهة لدى سكان معظم المناطق التي عانت من الجفاف الشديد خلال عامي 2010- 2011 تكاد تكون منعدمة. وأضاف أنه سيلتقي خلال الأيام المقبلة مع مديري مخاطر الكوارث من مختلف البلدان والوكالات لوضع خطة للعمل المبكر.

وجاء في قول يوسف: «لا يمكننا الانتظار حتى يتوافد النازحون على مخيم داداب مرة ثانية. يجب أن نتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة الآن. فنحن بحاجة لإيجاد سبل لتأمين الثروة الحيوانية وتقديم التحويلات النقدية للأشخاص في الوقت الحالي. وهذه بعض الدروس المستفادة من موجة جفاف العام الماضي».

وقضى العلماء المعنيون ثلاثة أيام من المناقشات حول بيانات هطول الأمطار ودرجات الحرارة، وحالة تيارات المحيط وقوة ظاهرة النينا من أجل التوصل إلى توقعات يتم طرحها في المنتدى الثلاثين لتوقعات مناخ القرن الافريقي الأكبر في كيغالي.

وأوضح أوجالو، أن نشاط الأعاصير المتزايد الذي تم تسجيله فوق المحيط الهندي في الأسابيع القليلة الماضية كان أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت على سحب الرطوبة بعيدا عن منطقة القرن الإفريقي. وأضاف، مشيراً إلى الأعاصير الأخيرة التي تم تسجيلها بالقرب من مدغشقر، أن «المحيط الهندي دافئ إلى حد ما في الوقت الحالي وسيستمر كذلك على مدى الأشهر القليلة القادمة» .

من جهته، أفاد أندرو كولمان، من مركز هادلي التابع لمكتب الأرصاد الجوية البريطاني، وفادلاماني كومار، من الإدارة الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي التابعة للحكومة الأميركية، أن آثار ظاهرة النينا شكلت بدورها عاملاً مساعداً في قلة الأمطار في القرن الإفريقي.

وتحدث ظاهرة النينا عندما يبرد سطح الجزء الأوسط والشرقي من المحيط الهادي- أكبر مسطح مائي في العالم- مخلفاً تأثيراً مناخياً في الأقاليم الأخرى من العالم. وقد سجلت ظاهرة النينا أشد قوة لها على الإطلاق في عامي 2010- 2011 مما جعل أجزاء من القرن الإفريقي تواجه أشد فترة جفاف لها منذ ستين عاماً.

وفي هذا السياق، قال نائب مدير إدارة الأرصاد الجوية الكينية بيتر أمبينجي: «إننا في مرحلة انتقالية: إذ يبدو أن ظاهرة النينا تخمد ولكنها دائما ما تحدث نوعاً من الفوضى (من ناحية الطقس) خلال تلك الفترة.

وهناك توقعات بهطول «أمطار شبه عادية إلى أقل من العادية» في مناطق جنوب وشرق وشمال تانزانيا، وبورندي، ورواندا، وأوغندا، وغرب وجنوب كينيا، وهو ما يعني أن التوقعات غير مبشرة.

ارتفاع درجات الحرارة

قال أمبنجي: «لقد سجلنا بالفعل بعض أعلى درجات الحرارة التي تم تسجيلها خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية في شمال كينيا في يناير/ كانون الثاني 2012»، مضيفاً أن الحكومة تخطط بالفعل لتدابير طارئة حيث سيحتاج «الناس للمياه كما ستحتاج ماشيتهم إلى حماية».

من جهتها، أفادت شبكة نظم الإنذار المبكر من المجاعة التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية أنه ينبغي توقع هطول أمطار غير منتظمة في جنوب الصومال وجنوب شرق كينيا. وسيتم خلال الأسابيع القادمة الإعلان عن توقعات مفصلة. ومن الممكن أن يواجه الرعاة الإثيوبيون في المناطق الصومالية والمجتمعات الرعوية الزراعية في جنوب أوروميا أوقاتاً صعبة. غير أن رئيس قسم الأرصاد الجوية الإثيوبية، دولا شانكو، أفاد أنه من المتوقع أن تكون موجة الجفاف أقل حدة من العام الماضي نظراً لهطول أمطار جيدة على عدة أجزاء من اثيوبيا في نهاية العام 2011.

من جهته، قال رئيس قسم الأرصاد الجوية في جيبوتي عثمان سعد سعيد، إن بلاده تواجه بالفعل نقصاً في المياه، حيث إن شخصاً من بين كل 8 أشخاص بالبلاد كان بحاجة إلى مساعدات طارئة في العام 2011 حسب الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر. وأضاف سعيد: «نحن نقوم بالفعل بحفر المزيد والمزيد من الآبار في المدينة».

وفي حين أشار العديد من خبراء الكوارث إلى الاستجابة البطيئة من قبل الحكومات والجهات المانحة لتوقعات الإنذار المبكر لموجة الجفاف في القرن الإفريقي في العام 2010- 2011، قال السكرتير العام للصليب الأحمر الكيني عباس جوليت، إن منظمته استجابت للتحذير وأطلقت نداءً في بداية العام 2011 ولكنها لم تستطع جمع الموارد الكافية بسبب فشل الحكومة في دق نواقيس الخطر الرسمية. ولم تتمكن من جمع بعض التمويل إلا بعد أن توجهت للناس لاحقاً خلال العام كجزء من حملة «كينيا للكينيين».

وكان من بين المشكلات التي تم إبرازها عدم وجود صلة بين الإنذار المبكر والعمل المبكر، حيث أفاد أحد عمال الإغاثة أنه «لا يوجد إطار عمل يسمح بصرف الأموال عندما يتم دق ناقوس الخطر». في حين أشار عامل إغاثة آخر إلى ضرورة «اتخاذ الحكومات والسكان لإجراءات وقائية من تلقاء أنفسهم وعدم انتظار الجهات المانحة لتقدم لهم الأموال».

وفي السياق نفسه، قال مدير مركز المناخ في جمعية الهلال والصليب الأحمر والمؤلف الرئيسي المنسق للتقرير الخاص الموجز حول إدارة أخطار الكوارث والأحداث غير العادية السابقة لتغير المناخ مارتن فان آلست: «سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيفية قيام الجهات المانحة والجهات الفاعلة في المجال الإنساني بإدراج تلك المعلومات في عملية صنع قراراتهم». وكانت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد قامت بإصدار التقرير في العام 2011.

وأضاف مارتن أنه «نظراً لاعتدال التوقعات، أعتقد أن أفضل الخيارات تتمثل في استثمارات تستهدف بصورة خاصة المناطق المعرضة للخطر والتي تعاني من أزمة حالية، وكذلك الرصد السليم حتى تكون زيادة المتابعة سريعة عند الحاجة إليها».

العدد 3636 - الإثنين 20 أغسطس 2012م الموافق 02 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً