العدد 3643 - الإثنين 27 أغسطس 2012م الموافق 09 شوال 1433هـ

في الهند... أطفال أم فئران تجارب!

ثيروفانانثابورام (الهند) - آي بي إس 

27 أغسطس 2012

الطفل ديباك ياداف يبلغ الرابعة من عمره، وهو معوق عقليّاً من مدينة إندور في ولاية ماديا براديش الهندية. وكان ياداف يحصل على علاج لمشاكل في المعدة في مستشفى تشاتشا نهرو بال للأطفال، وهو مستشفى حكومي تابع إلى جامعة إم.جي.إم.

لكنه عندما أدى العلاج المتكرر بعقاقير الرابيبرازول المضادة للقرحة إلى تفاقم حالته الصحية؛ قام والداه بإيقاف العلاج وطلب المساعدة من جمعية ضحايا التجارب السريرية، التي اكتشفت أن الصبي كان بمثابة فأر تجارب لهذا الدواء الذي لم يتم إقراره.

ويقول سوراج، والد ديباك، لوكالة «إنتر بريس سيرفس»: «كان يجب أن يخبرونا بأنهم يقومون بإختبار دواء غير معروف على طفلنا البريء وإعطاؤنا الخيار في الرفض».

يعتمد ديباك الآن بشكل كلي تقريباً على والدته من أجل البقاء على قيد الحياة. فالعائلة فقيرة لكن «الأطباء لم يتخذوا أي خطوات للحصول على تعويضات لنا»، بحسب والده.

وقصة هذه العائلة المأساوية هي مجرد مثال واحد على وجود نمط شرير بدأ يتكشف في مختلف أنحاء الهند.

فقد حدثت موجة من الوفيات خلال السنوات الأربع الماضية بسبب التجارب السريرية لأدوية لم تختبر، ما أثار ثائرة الناشطين الحقوقيين ودفع بالمؤسسات القانونية البارزة إلى النظر في تشديد قوانين تنظيم الدواء في البلاد.

وردّاً على الحق في معرفة المعلومات الذي قدمه الناشط الحقوقي أناند راي؛ كشف المراقب العام للدواء في الهند النقاب عن أن 2031 شخصا لقوا حتفهم نتيجة تطورات سلبية خطيرة خلال التجارب على الأدوية خلال أربع السنوات الماضية.

وبلغ عدد مثل هذه الوفيات 288 شخصاً في العام 2008، و637 وفاة العام 2009، و668 وفاة العام 2010، و438 وفاة العام 2011.

ويقود أناند راي حاليّاً حملة ضد تجارب الدواء السريرية غير الأخلاقية على البشر، ويحث السلطات القانونية والناشطين على رفع أصواتهم ضد التجارب السريرية حيث لا يقع اليائسون فريسة سهلة أمام شركات الأدوية متعددة الجنسيات.

وقال أناند، إن معظم الضحايا هم من الأميين والفقراء.

وشرح، «تشكل التجارب السريرية على المواطنين دون موافقتهم انتهاكا صريحاً لحقوق الإنسان الأساسية، وكثيراً ما تؤدي إلى وفاة الأشخاص الأبرياء الذين لم يكونوا على علم حتى بتنفيذ ذلك النوع من الاختبارات عليهم، ذلك لأن مؤسسات البحوث السريرية تستخدم طرقاً ملتوية للحصول على موافقة المرضى وذويهم».

والعديد من المؤسسات المشاركة في التجارب السريرية للأدوية تفشل في «تزويد المرضى بنموذج الموافقة المستنيرة، وورقة معلومات المريض أو وثيقة تأمين للتجارب السريري، ونتيجة لذلك، فإن عدداً قليلاً جدّاً من الضحايا يحصلون على ما يستحقونه من تعويضات.

وأدى تدخل المحكمة العليا في الهند الشهر الماضي إلى كشف المزيد من الممارسات غير الأخلاقية المتعلقة بالباحثين السريريين وشركات الأدوية.

وأوضح أر أيم لودها، أحد قضاة محكمة العدل العليا، في مطلع يوليو/ تموز أنه، «من المؤسف» أن يعامل البشر مثل «فئران تجارب» لاختبار الأدوية واللقاحات التي تنتجها الشركات متعددة الجنسيات.

هذا ويقول خبراء القانون الطبي إن اللوائح المشددة في أوروبا والولايات المتحدة تدفع بالعديد من شركات الأدوية ومؤسسات الأبحاث إلى التوجه للهند ودول نامية أخرى كمواقع أرخص وأقل تقييدا للتجارب على الدواء.

وقال الأستاذ في مركز الطب الاجتماعي وصحة المجتمع في جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي موهان راو، «الهند لا تتوفر لديها الهيئة التنظيمية المناسبة لمراقبة تجارب العقاقير الجديدة».

وأضاف، «للأسف... لقد فتحنا قطاعنا الصحي لشركات الأدوية العالمية لإجراء التجارب دون توافر البنية التحتية لمراقبة وتنظيم ذلك. فبالنسبة للشركات العابرة للحدود، من الأرخص أن يكون موقع تجاربها في الهند، التي لديها سوق كبيرة للأدوية، بالإضافة إلى أطباء لا يتقيدون بنوازع الأخلاق».

وشرح موهان راو، «لقد ساهم نمو مؤسسات البحوث السريرية المحلية في ذلك أيضاً. فقبل كل شيء، لدينا قطاع طبي خاص كبير وغير منظم ويتسم بثقافة الإفلات من العقاب. وبالنسبة إلى عامة الناس، والنخب، فحياة الفقراء لا تهم». وقال إن العديد من الأطباء يولون الأهمية لمكاسبهم لا لحياة مرضاهم.

ووفقاً لبيان لجمعية ضحايا التجارب السريرية على موقعها الإلكتروني: «قام هؤلاء الأطباء، تحت إغراء عروض شركات الأدوية الكبرى، بالانتهاك المتعمد لجميع اللوائح، وجعلوا التجارب السريرية مجرد وسيلة لكسب المال».

ويرى خبير تنظيم الأدوية البارز سي م جولهاتي، أن قواعد التعويض في قانون المركبات الآلية يمكن أن تكون بمثابة أساس لتحديد مبلغ التعويض، وينبغي أن تؤخذ عوامل أخرى في الاعتبار، مثل: سن المتطوع، وعدد المعالين والأمراض السائدة في المجتمع، وذلك في محاولة لتوحيد هذه المدفوعات.

ويقول نشطاء إن العديد من التجارب السريرية قد أجريت في البلاد وراء ستار من السرية، وقليل من الشفافية في البحوث السريرية.

العدد 3643 - الإثنين 27 أغسطس 2012م الموافق 09 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً