تخطو منطقة كردستان خطواتها الأولى تجاه الاستقلال عن بغداد في بيع إنتاجها من النفط والغاز؛ إذ تنقل قافلة من الشاحنات منتجات ثانوية من المكثفات من حقل ناء للغاز إلى تركيا مباشرة. ويجري تحميل 15 شاحنة على الأقل يومياً بمكثفات عالية الجودة في محطة خور مور للغاز قبل أن تبدأ رحلة تستغرق يومين إلى مرسين على ساحل تركيا على البحر المتوسط.
وفي المقابل تعود الشاحنات من تركيا محمّلة بكميات ضئيلة من وقود الديزل والكيروسين لتستخدمها محطات الكهرباء في إقليم كردستان شبه المستقل. وقال مسئول مطلع على العملية التي تتم بين شركات خاصة: «هذه بداية بسيطة لكنها رمزية لبدء تجارة النفط المباشرة بين حكومة إقليم كردستان وتركيا. وسيكون هناك المزيد في المستقبل». وأضاف «لا يفكر أي من الجانبين في التوقف». لكن بغداد تريد منهما التوقف؛ إذ ترى أن الحكومة المركزية هي الجهة الوحيدة صاحبة الحق في تصدير النفط والغاز المنتج في العراق وتقول إن نقل الإنتاج بالشاحنات من كردستان عبر الحدود إلى تركيا غير قانوني. وفي غضون ذلك تشجع أنقرة عمليات المقايضة التي بدأت بخمس شاحنات في يوليو/ تموز.
وقال وزير الطاقة التركي تاندر يلديز، إن العدد قد يرتفع إلى 200 شاحنة يومياً؛ أي نحو 40 ألف برميل يومياً. وتقول مصادر بالقطاع إن حكومة إقليم كردستان تزود تركيا حالياً بمكثفات من خور مور فحسب لكنها ستصدّر أيضاً النفط الخام من حقول أخرى.
قال المسئول الذي طلب عدم نشر اسمه: «تعتقد تركيا أن صادرات النفط والغاز من كردستان لا تتعارض مع الدستور العراقي (...) وتركيا منفذ منطقي بالنسبة لحكومة كردستان». ويمكن شحن النفط من إقليم كردستان إلى الأسواق العالمية من خلال خط أنابيب تسيطر عليه بغداد من كركوك إلى ميناء جيهان التركي. لكن عملية التصدير تتعطل كثيراً بسبب صراع مستمر منذ فترة بين بغداد وأربيل مقر الحكومة الكردية بشأن النفط وحقوق متعلقة بالأراضي.
وأوقفت حكومة كردستان التصدير في أبريل/ نيسان في خلاف بشأن مدفوعات من بغداد للشركات العاملة في الإقليم. واستأنفت التصدير في أغسطس/ آب؛ لكنها حذرت من أنها ستوقف الشحنات بحلول منتصف سبتمبر/ أيلول ما لم يحدث تقدم بشأن المدفوعات.
وفي الوقت الحالي يجري تصدير نحو 120 ألف برميل يومياً من النفط الكردي عبر خط الأنابيب العراقي التركي. وقال وزير الطاقة بحكومة كردستان أشتي هورامي، إن حقول المنطقة يمكنها تصدير ما يصل إلى 200 ألف برميل يومياً. وتصدّر الحكومة المركزية نحو 2.4 مليون برميل يومياً معظمها من الحقول الواقعة في جنوب العراق.
وصادرات المكثفات البالغة نحو ثلاثة آلاف برميل يومياً من حقل خور مور في كردستان إلى تركيا ليست سوى كمية ضئيلة لكن مصادر بسوق النفط تقول إن هذا المنتج الثمين قد يجلب 100 دولار للبرميل لو بيع في السوق العالمية من مرسين. ويزود حقل خور مور محطات الكهرباء في منطقة كردستان بالغاز الطبيعي وينتج غاز البترول المسال ويضخ ما يصل إلى 17 ألف برميل يومياً من المكثفات. وتطور الحقل نفط الهلال ودانة غاز الإماراتيتان بالاشتراك مع إم أو في النمساوية ومول المجرية. وتقول مصادر بالقطاع إن أربيل توجه أيضاً بعض إنتاجها من المكثفات إلى خورمالة؛ إذ يجري تصديره عبر خط الأنابيب التابع إلى الحكومة المركزية بين العراق وتركيا. وأحجم فنيون في خور مور عن التعليق على الوجهة النهائية للمكثفات لأن وزارة الموارد الطبيعية الكردية هي المسئولة عن التسويق. وبدأ إقليم كردستان تجارة الخام مقابل المنتجات مع تركيا للمساهمة في سد عجز في المنتجات تقول إنه بسبب بغداد. وتقول الحكومة الكردية إنها تحصل على 15 ألف برميل يومياً فحسب من جنوب العراق وهو ما يقل كثيراً عن الحصة المخصصة لها البالغة 140 ألف برميل يومياً. لكن مصادر بالقطاع تقول إن تسلم المنتجات من تركيا أبطأ كثيراً من المأمول إذ عبرت أولى شحنات المنتجات الحدود نهاية الشهر الماضي.
وتؤثر البيروقراطية على العملية برمّتها. وتخطب أنقرة بشكل متزايد ود الأكراد العراقيين مع تدهور علاقاتها مع الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة في بغداد. وتركيا شريك استثماري وتجاري رئيسي للعراق عموماً وكردستان خصوصاً. ومع وجود دعم صريح من أنقرة تعتزم كردستان بدء تصدير النفط في خط أنابيب جديد يتسع لمليون برميل يومياً إلى الحدود التركية بحلول أغسطس 2013.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج الإقليم مقترباً من مليون برميل يومياً بحلول هذا الموعد. وقال مصدر بقطاع النفط في أريبل: «حكومة إقليم كردستان تحتاج للبنية التحتية. لا يمكنها الاستمرار في استخدام الشاحنات».
العدد 3657 - الإثنين 10 سبتمبر 2012م الموافق 23 شوال 1433هـ