العدد 3705 - الأحد 28 أكتوبر 2012م الموافق 12 ذي الحجة 1433هـ

أوروبا: معظم مفاعلات الطاقة النووية غير آمنة

اختبارات على 134 محطة

أكدت ما تسمى «اختبارات الإجهاد» على محطات الطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي صحة أسوأ مخاوف نشطاء البيئة: أن معظم المنشآت النووية في الدول الأوروبية لا تفي بأدني المعايير الأمنية.

فقد أجريت الاختبارات على 134 مفاعلاً نووياً في 14 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وذلك استجابة لموجة القلق واسعة النطاق في أوساط المواطنين الأوروبيين من أن يقع في أوروبا حادثاً مماثلاً لكارثة مفاعل فوكوشيما للطاقة النووية في اليابان في مارس/ آذار 2011.

وقال تقرير الاختبارات أن مواطني الاتحاد الأوروبي «يجب أن يكونوا واثقين من أن القطاع النووية آمن في أوروبا».

بيد أن النتائج التي أوردها التقرير، الذي صدر في بروكسل يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول، تشير إلى عكس ذلك تماماً... أي إلى أن مواطني الاتحاد الأوروبي لديهم مبررات وجيهة للشعور بالخوف: فمجرد أربع دول فقط تعمل حالياً بنظم سلامة إضافية مستقلة عن أنظمة السلامة الاعتيادية، وتقع في مناطق محمية جيداً ضد الأحداث الخارجية.

كما كشفت اختبارات الإجهاد أنه في حالة «أربعة مفاعلات (في بلدين مختلفين)، يتاح للمشغلين مجرد ساعة واحدة فقط لاستعادة وظائف الأمان في حالة فقدان الطاقة الكهربائية و/ أو بالوعة الحرارة».

وبالإضافة إلى ذلك، أنه «لم يتم تركيب الأجهزة الزلزالية في مواقعها حتى الآن في عشرة مفاعلات».

كذلك فقد بينت النتائج أن سبع دول فقط تحوز «المعدات المتنقلة، وخاصة مولدات الديزل اللازمة في حالة فقدان الطاقة الكهربائية تماماً ووقوع أحداث خارجية أو حالات حوادث شديدة».

وأعرب النشطاء أيضاً عن عدم رضائهم لكون الاختبارات نظرية تماماً تقريباً، وأن النتائج والتوصيات ليست ملزمة قانونياً.

وحسب التقرير، قامت فرق مماثلة مكونة أساساً من خبراء من الدول الأعضاء بزيارة 24 موقعاً من أصل 68، مع الأخذ في الاعتبار نوع المفاعل والموقع الجغرافي، ونظمت زيارات الفرق لمواقع مختارة في كل بلد «دون تجاوز مسئوليات السلطات الوطنية في مجال عمليات التفتيش على السلامة النووية».

ولقد أثبتت كارثة فوكوشيما - التي تعتبر أسوأ حادث نووي منذ كارثة تشرنوبيل عام 1986 - أنه يجب حماية محطات الطاقة النووية حتى ضد الحوادث التي قد تعتبر «بعيدة الاحتمال جداً».

وبعبارة الاتحاد الأوروبي نفسه، «كشفت الأحداث في فوكوشيما النقاب عن قضايا معروفة ومتكررة: التصميم الخاطئ، أنظمة نسخ احتياطي غير كافية، خطأ بشري، خطط طوارئ غير ملائمة، ضعف الاتصالات».

ولقد جاءت نتائج الاختبارات التي أجراها الاتحاد الأوروبي على المخاوف التي أعربت عنها المنظمات البيئية والناشطين المناهضين للطاقة النووية، على مدى سنوات طويلة.

والآن، تستعين هذه المنظمات بنتائج الاختبارات للدعوة إلى الإلغاء التدريجي للطاقة النووية في جميع أنحاء القارة الأوروبية.

من جانبه، قال الخبير النووي بمكتب منظمة السلام الأخضر في ألمانيا توبياس مونشماير: إن «اختبارات الإجهاد تؤكد على أن نظم الإنذار غير كافية، وأن تطبيق المبادئ التوجيهية في حالات الحوادث الكبرى ناقص ومعيب أيضاً. في مثل هذه الحالات، لابد من إغلاق محطات الطاقة النووية».

وأضاف مونشماير: أن «اختبارات الإجهاد التي أجريت على محطات الطاقة النووية في جميع أنحاء أوروبا، تشكل إشارة نارية لعموم القارة للتخلص تدريجياً من الطاقة النووية».

ووفقاً لناشطين وسياسيين آخرين، يجب أن تؤدي نتائج الاختبارات - على أقل تقدير - إلى إيقاف جميع محطات الطاقة النووية الواقعة في المناطق الحدودية، على الفور، حيث لن تؤثر الحوادث النووية فقط على البيئة والسكان المحليين ولكن على المناطق الخارجية والمواطنين في الدول المجاورة أيضاً.

وتعتبر هذه التدابير من شأنها أن تشمل محطات الطاقة النووية في بلجيكا، وبلغاريا، وجمهورية التشيك، وفرنسا، والمجر، وهولندا، وجمهورية سلوفاكيا، ورومانيا.

وفي هذا الشأن، صرح وزير البيئة في الدولة الاتحادية الألمانية «شمال الراين وستفاليا» يوهانس ريميل، أنه ينبغي إغلاق جميع محطات الطاقة النووية القاصرة العاملة في المناطق الحدودية في أوروبا أو، على الأقل، عدم السماح بتشغيلها بعد إنتهاء مدة «الحياة العملية» الخاصة بها.

وأضاف الوزير الألماني، أن «حادثاً بتسرب إشعاعي من شأنه أن يؤثر على أهالي العديد من البلدان». وأشار تحديداً إلى محطتي الطاقة النووية البلجيكية Tihange وDoel، وكلاهما تعتبر «هشة» بصورة خاصة، وتقعان على بعد بين 60 و120 كيلومتراً من الأراضي الألمانية.

كذلك فقد تم توجيه دعوات مماثلة في النمسا بشأن محطات الطاقة النووية في جمهورية التشيك وسلوفاكيا. ويشار إلى أن اختبارات الإجهاد قد سلطت الضوء أيضاً على مدى تكلفة محطات الطاقة النووية. فيؤكد الاتحاد الأوروبي أن «جميع الدول المشاركة (في الاختبارات) قد بدأت في اتخاذ خطوات تنفيذية لتحسين سلامة محطاتها».

وأشار إلى أن «تكاليف تحسينات السلامة الإضافية تتراوح بين 30 مليون يورو و200 مليون يورو لكل مفاعل. وهكذا، فتقدر التكاليف الإجمالية للـ 132 مفاعل العامل في الاتحاد الأوروبي في حدود 10 إلى 25 مليار يورو... على مدى السنوات المقبلة».

العدد 3705 - الأحد 28 أكتوبر 2012م الموافق 12 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً