تحدث ناجون مسلمون من ستة أيام من العنف الطائفي في غرب ميانمار أمس الأول الأحد (28 أكتوبر/ تشرين الأول 2012) عن فرارهم من طلقات الرصاص والمنازل المحترقة ليهربوا على متن قوارب صيد بعد هجوم جيرانهم من عرقية راخين التي كانت تعيش يوماً إلى جوارهم في سلام. وتقول الأمم المتحدة إن 22587 شخصاً نزحوا عن ديارهم بعد الاضطرابات بين المسلمين من عرق الروهينغا والراخين الذين يدينون بالبوذية والتي أسفرت عن مقتل 67 شخصاً على الأقل في ولاية راخين ومثلت اختباراً حقيقياً لرغبة الإصلاح لدى الحكومة شبه المدنية التي حلت محل نظام ميانمار العسكري القمعي العام الماضي. وقالت أشرا بانو (33 عاماً) وهي أم لأربعة أطفال فرت من بلدة كياوكبيو بعد إزالة الحي المسلم بها يوم 24 أكتوبر «طلب منا أن نبقى في منازلنا لكنهم أضرموا فيها النار». وأضافت «عندما كنا نهرب كان الراخين والشرطة يطلقون النار على الناس. لم نتمكن من إطفاء النيران. حاولنا الهرب فقط».
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك نشرت في وقت سابق صوراً بالأقمار الاصطناعية تظهر دماراً شبه كامل للجزء الذي تقطنه غالبية مسلمة في كياوكبيو.
وتمثل البلدة التي تقع على بعد نحو 120 كيلومتراً إلى الجنوب من سيتوي عاصمة ولاية راخين اهمية كبرى لأكثر استثمارات الصين في ميانمار استراتيجية وهو خط الأنابيب المزدوج الذي ينقل النفط والغاز الطبيعي من خليج البنغال إلى أقاليم الصين الغربية المتعطشة للطاقة.
ولم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات جديدة أمس الأول (الأحد) لكن صحافياً في «رويترز» في مخيم تي تشونج القريب من سيتوي شاهد تدفقاً ثابتاً من النازحين الجدد خاصة من كياوكبيو حيث تقول منظمة هيومن رايتس ووتش بناءً على تحليلها لصور الأقمار الاصطناعية إن أكثر من 811 بناية ومنزلاً عائماً دمروا.
وقالت زوميلة البالغة من العمر 63 عاماً وهي تبكي وسط حشد من الناس في مخيم تي تشونغ «هاجمنا الراخين بمدي.. أشعلوا النيران في منازلنا رغم أن ليس بها شيء يهمهم.
غادرت بالملابس التي أرتديها فقط». وتقول الحكومة إن ثلاثة آلاف منزل على الأقل دمرت في ولاية راخين منذ 21 أكتوبر.
وتقول جماعات حقوقية إن عدد القتلى أكثر بكثير على الأرجح من العدد الرسمي. إلا أن أحد البوذيين الراخين أبلغ «رويترز» رواية مختلفة عبر الهاتف. قال إن الراخين والمسلمين اشتبكوا مع بعضهم البعض بالمدي والسيوف والهراوات ثم أشعل المسلمون «النيران في منازلهم كملاذ أخير وهربوا». وترجل رجال ونساء حفاة من قوارب صين وتسلقوا الجسور الطينية إلى مخيم تي تشونغ وهم يحملون أطفالاً وبعض الممتلكات التي أنقذوها من الحريق. وقالت نورا حسين (54 عاماً) وهي إحدى سكان كياوكبيو «رأيت العديد من القتلى... لم نرد على العنف. كيف يمكننا ذلك؟ نحن نعيش في مكان محاط بقرى الراخين. هربنا إلى الشاطئ وفررنا بالقارب».
ومخيم تي تشونغ أقيم بعد تفجر سابق للعنف الطائفي في يونيو/ حزيران والذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً وشرد 75 ألفاً على الأقل في نفس المنطقة وهو مكتظ وغير مؤهل لاستيعاب المزيد من النازحين. وقال مسئول محلي طلب عدم نشر اسمه إن 47 قارباً يقل 1945 من الروهينغا من الرجال والنساء والأطفال وصل إلى قرى قرب سيتوي في الأيام القليلة الماضية.
والمساعدات الوحيدة في المخيم عبارة عن أجولة من الأرز من برنامج الأغذية العالمي ويمكن استخدام الأجولة الخالية كحشيات للنوم. وينام كثيرون أسفل الأشجار. ولم ير مراسل «رويترز» أي أطباء وبعض سكان المخيم يعانون من الملاريا والأطفال عراة وكثير منهم يعاني من سوء التغذية.
العدد 3706 - الإثنين 29 أكتوبر 2012م الموافق 13 ذي الحجة 1433هـ