العدد 3706 - الإثنين 29 أكتوبر 2012م الموافق 13 ذي الحجة 1433هـ

أراضي إيران الرطبة تواجه مستقبلاً تكتنفه الشكوك

واشنطن - آي آي بي ديجيتال 

29 أكتوبر 2012

يعتبر إسكندر فيروز من المناصرين الرواد للحركة البيئية الإيرانية في الستينات من القرن الماضي، ولعب دوراً مهماً في إنشاء معاهدة دولية لحماية الأراضي الرطبة في العالم. ولكن في إيران اليوم، هناك أعداد كبيرة من الأراضي الرطبة المعرّضة للمخاطر والكثير من البحيرات على وشك الجفاف والعديد من مواطن الحياة الطبيعية التي يجري تدميرها.

وخلال مقابلة أُجريت معه، قال المدير المؤسس لدائرة البيئة في إيران فيروز، إنه يجري حالياً بناء السدود لتوليد الكهرباء ودعم الإنتاج الزراعي المكثف من دون إيلاء أي اعتبار لجدواها، ناهيك عن تأثيرها على البيئة.

وأضاف أنه في كثير من الأماكن «حلّ التصحر محل ما كان بحيرة من قبل، وأصبحت أرضاً جدباء قاحلة».

وأكد فيروز، أن العديد من الإيرانيين يعون تماماً الأضرار البيئية، مشيراً إلى أن «أكبر سد في خوزستان تعرض للأذى من كل جهة بسبب رواسب الملح المتدفقة إلى أسفل نهر قارون» في جنوب غرب إيران. كما تحدثت وسائل الإعلام الدولية عن تقلص بحيرة أرومية في شمال غرب البلاد وأن مياهها على وشك الجفاف.

وأشار فيروز إلى أنه في العام 1971 كان هناك عدد قليل من المتخصصين في علم الأحياء أو الإداريين المدربين في مجال الحياة البرية. «لم يكن هناك ما يُعرف بعلم البيئة في إيران، وفي الواقع في معظم البلدان. وكانت الحركة البيئية قد بدأت للتو في الولايات المتحدة وأوروبا».

يعتقد فيروز، أن الأمور تغيّرت الآن. فاليوم أصبح الإيرانيون «يحاولون حث الحكومة على القيام بالأمور الصحيحة»، وكثير من الشبان الإيرانيين يدرسون المحافظة على البيئة والإدارة البيئية. وقال: «إن حماسهم يدعو للدهشة ويثلج الصدر».

في العام 1956، ساعد فيروز في تأسيس مجلس طرائد الصيد الإيراني مع مجموعة من رياضيي الصيد، بما في ذلك منوشهر رياحي، الذي أصبح أول أميناً عاماً لهذا المجلس. نجح المجلس في تنظيم صيد الطرائد وصيد الأسماك على أساس إصدار تراخيص رسمية. وعلى رغم أن فيروز بدأ كصياد، ولكنه بدأ يقع تدريجياً في حب الطبيعة، وهذا شغف وصفه بأنه «شيء بدا وكأنه جزءاً من بنيته الوراثية».

ساعد فيروز في وضع مسودة قانون - وعمل على تأمين المصادقة عليه في البرلمان – مفضياً بذلك إلى إنشاء دائرة الطرائد والأسماك في العام 1967. تمتعت هذه الدائرة بسلطة أكبر بكثير لحماية الحياة البرية ومواطنها الطبيعية في إيران. وكان أحد أهدافها المحافظة على المساحات الشاسعة من الأراضي الرطبة في إيران التي توفر مواطن حاسمة الأهمية للطيور المائية، بما في ذلك الأنواع المهاجرة منها.

ولفت فيروز إلى أن «إيران هي أحد المسارات المهمة لهجرة الطيور المائية في العالم».

جمعت هذه الدائرة البيانات حول أعداد الطيور المائية وقدّمتها إلى الجهات الدولية المعنية بالمحافظة على الأراضي الرطبة. كانت «إيران رائدة مهمة في مجال المحافظة على البيئة في المنطقة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا».

وقد استعان فيروز بخدمات فيرغسون ديفيد، وهو إداري أميركي شاب للحياة البرية جاء إلى إيران مع فيلق السلام. قاد فيرغسون الجهد لاحتساب أعداد الطيور المائية وربط أطواق تعريف بقوائمها وتتبع أنماط هجرتها.

صرّح فيرغسون في مقابلة أُجريت معه بأنه «لم تتوافر الكثير من البيانات من البلدان الأخرى في المنطقة». واستطرد «كان هناك إدراك بأن إيران تلعب دوراً مهماً حقاً في مجال الطيور المائية المهاجرة والمحافظة على الأراضي الرطبة».

معاهدة رامسار

طُلب من إيران استضافة مؤتمر دولي حول المحافظة على الأراضي الرطبة في مطلع العام 1971. ترأس فيروز الاجتماع، الذي عُقد في بلدة رامسار، الواقعة على ساحل بحر قزوين. وهناك، تم اعتماد النص النهائي «لمعاهدة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية»، المعروفة باسم معاهدة رامسار. وقد استغرقت سنوات من المفاوضات لإنجازها.

وكانت هذه المعاهدة على وشك الانهيار. فالخلافات السياسية بين الإتحاد السوفياتي والبلدان الـ 17 الأخرى الممثلة في اجتماع رامسار كادت أن تُخرج المعاهدة عن مسارها، لولا تدخّل فيروز. فقد استضاف فيروز مندوب الاتحاد السوفياتي، في. دي. دينيسوف، على العشاء في الليلة التي سبقت التصويت النهائي على المعاهدة. استغرق الأمر الكثير من حسن الضيافة وساعات من الأحاديث لإقناع دينيسوف بتسوية والتوصل إلى حل وسط.

ويتذكر فيروز أنه في صباح اليوم التالي «كانت الكآبة تخيم على وجوه جميع الموجودين في القاعة. وظن الجميع مرة أخرى أن الاتفاق لم يحصل».

ثم أعلن دينيسوف أن الاتحاد السوفياتي سيوقع على معاهدة الأراضي الرطبة (وسيذكر اعتراضاته في البيان الختامي). وروى فيروز أن «الكآبة تحولت إلى تصفيق بالغ الابتهاج. وغمر المشاركين شعور ساحق بالفرح لأنهم لم يتوقعوا هذا».

في العام 1971، أصبح فيروز رئيس دائرة البيئة الجديدة في إيران، وهو منصب شغله لمدة ست سنوات. وقد عبّر عن اعتزازه الكبير بدوره في إنشاء قائمة بالمناطق المحمية في إيران، شمل معظم الأراضي الرطبة. وأضاف أن «بعض المناطق في بلادنا كانت من بين الأفضل في العالم».

وقد حددت إيران 24 منطقة من «الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية» بموجب معاهدة رامسار. ولكن العديد منها بدأ يجف. «وبالنسبة لي، فقد تقلصت إلى أراضٍ رطبة ليست لها الكثير من الأهمية».

ومن المقرر عقد اجتماع لأطراف معاهدة رامسار ما بين 6 و13 يوليو/ تموز في بوخارست، عاصمة رومانيا (هناك الآن 162 طرفاً موقعاً على المعاهدة). وستكون إيران ممثلة في هذا الاجتماع. ويأمل فيروز «أن يؤثر شيء ما على الإيرانيين لناحية حماية هذه الأراضي وواجباتهم في ذلك».

ولفت فيروز إلى أن الطيور المهاجرة لا تعرف حدوداً. «فإذا لم تعمل الدول معاً لحماية الأراضي الرطبة، فهي ستقطع ذلك الرابط وسنخسر نحن إرثاً طبيعياً حيوياً لا يمكن تعويضه».

العدد 3706 - الإثنين 29 أكتوبر 2012م الموافق 13 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً