يقول النشطاء والسكان المحليون إن سكان جنوب شرق بنغلاديش الذين رحلوا في السابق يعودون إلى أماكن منازلهم السابقة في مناطق التلال المعرضة لخطر الانهيارات الأرضية. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال الأمين العام لجمعية باريبيش أندالان بنغلاديش عبدالمتين، وهي جمعية للنشطاء مقرها دكا: «إن هذه العودة تتحول بسرعة إلى مشكلة كبيرة. فتقوم الحكومة المحلية في كل عام بنقل عدد من الأسر إلى أماكن جديدة ولكنهم يعودون مجدداً». وأضاف أن «عمليات قطع أشجار التلال غير القانونية من أجل بناء المنازل تركت عشرات الآلاف من السكان في مناطق تشيتا جونج وكوكس بازار وخاجراتشاري ورانجاماتي وباندربان معرضين لخطر الانهيارات الأرضية».

وقالت وسائل الإعلام المحلية إن أكثر من 100 شخص لقوا مصرعهم بسبب الانهيارات الأرضية في بنغلاديش في هذا العام وحده. وعلى رغم الحظر الحكومي على تلك الممارسة، فإن عمليات قطع التلال العشوائية من قبل شركات الإنشاءات والسكان المحليين، بالإضافة إلى قطع الأشجار والهجرة غير المنضبطة كلها عوامل تخلق ما وصفه عبدالمتين «بكارثة من صنع الإنسان». ويسأل عبدالمتين الذي يعمل أيضاً في كريشي بهافان وهو مركز أبحاث حكومي يهدف إلى مساعدة سكان المناطق الريفية في البلاد: «لماذا إذاً بدأت تلك الانهيارات الأرضية بالحدوث فجأة»؟

قطع الأشجار

وقال عبدالمتين: «أولاً، تلال بنغلاديش عبارة عن تلال من الطمي - مكونة من الرمل والتربة وقليل من الصخر. وهذه التلال ذات طبيعة مفككة، وعدد الأشجار الكبير على تلك التلال هو الذي يؤدي إلى تماسك تلك التلال مع بعضها البعض، ويتم حالياً قطع هذه الأشجار. وثانياً، يتم قطع الأشجار من مئات التلال - حتى تلك الموجودة على أراضٍ عامة تملكها الحكومة - على أيدي أشخاص من أصحاب النفوذ. ويتم قطع تلك التلال بلا هوادة لدرجة أن التلال الموجودة في جنوب شرق البلاد يمكن أن تختفي في غضون سنوات قليلة لو استمرت عمليات القطع بهذا المعدل. ويدمر قطع التلال سلامتها ويزيد من احتمال وقوع الانهيارات الأرضية. وأخيراً، هناك أشخاص فقراء جداً يلجأون إلى المنطقة - بسبب الظروف البيئية قادمين من جنوب غرب البلاد هرباً من ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجةً لتغير المناخ - ويستقرون في التلال القريبة من المدن التي يأملون أن يجدوا فيها عملاً ما. وهؤلاء الناس هم ضحايا الانهيارات الأرضية على نحو متزايد».

وأشار، إلى أن السكان الأصليين للمنطقة وغالبيتهم من الجماعات العرقية البوذية والأقلية المسيحية قاموا ببناء أنواع مختلفة من المنازل القائمة على الركائز والأقل عرضة للانهيارات الأرضية والتي تلحق أضراراً أقل بالتلال. وقال عبدالمتين إن وقف التدفق المتزايد للمهاجرين البنغال إلى المنطقة - والذين يبنون بطريقة اجتياحية - وإعادة تأهيل المباني التي تم إنشاؤها بالفعل سيكون مهماً في الحد من خطر الكوارث الذي تشكله الانهيارات الأرضية. وقال أحد السكان المحليين: «إنهم يبنون على المنحدرات التي لا يجب البناء عليها ويقومون بقطع أشجار التلال لبناء منازلهم».

مصير مغرٍ

قال النشطاء إن تغيير هذا السلوك لن يكون أمراً سهلاً. فالعديد من هؤلاء الذين تم نقلهم في وقت سابق من المناطق المعرضة للانهيارات الأرضية، عادوا إلى تلك المناطق بسبب عدم وجود فرص في الأماكن الأخرى حيث يشعرون أنهم مجبرون على تحمل المخاطر. ويقوم بولو ميا - وهو قروي في منطقة يوخيا في جنوب شرق بنغلاديش - بإعادة بناء منزله في المكان نفسه تقريباً حيث دفنت الانهيارات الأرضية زوجته وابنه وهم أحياء في شهر يونيو/ حزيران. وقال ميا: «أين يمكنني أن أذهب؟»

كان بولو وابنته الصغيرة يجلسان على الدرج الموجود في الباب الأمامي لمنزلهم المبني من الصفيح عندما جرفتهم الأرض. وهو يتذكر أنه قد تنحى جانباً بالقوة عن طريق ما شعر أنه ركلة في المعدة ثم فقد وعيه. أما زوجته وابنه اللذان كانا داخل المنزل فقد تعرضا للسحق. وطبقاً لما ذكره تقرير صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة بعنوان «الحد من الضعف والتعرض للكوارث»، فإن ارتفاع مستويات الضعف والتعرض للكوارث في أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي غالباً ما تكون نتيجةً للتصور السيئ للممارسات والتخطيط الإنمائي. وقال التقرير: «إن الإجراءات التي تمت دراستها بشكل سيئ والتراخي الرسمي في غالب الأحوال يمكن أن ينتج عنه إنشاء مستوطنات في مناطق معرضة للخطر».