أكد أستاذ الإعاقة الذهنية والتوحد المشارك بكلية الدراسات العليا بجامعة الخليج العربي نبيل سليمان أن جامعة الخليج العربي خرجت حتى لآن أكثر من 100 طالب من برنامج الماجستير الإعاقة الذهنية والتوحد، لافتا إلى أن مكتبة الجامعة عامرة بمئات الرسائل العلمية والأطروحات التي عالجت قضايا المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، فيما يبلغ عدد الطلاب المسجلين حاليا في درجة الماجستير زهاء 40 طالبا خليجياً يتابعون دراستهم في درجة الدبلوم والماجستير من أجل إكمال أبحاثهم ومشاريعهم العلمية بالشكل المطلوب، كاشفا عن سعى الجامعة إلى فتح برنامج الدكتوراه في تخصص الإعاقة الذهنية والتوحد قريبا، إذ يدرس أعضاء اللجنة العلمية الأكاديمية بالبرنامج هذا المشروع في مرحلته الأولية .

وقال سليمان على هامش إحياء يوم المعاق العالمي أن مملكة البحرين تحتل موقع مقدم بين الدول التي تهتم بالإعاقة والمعوقين ورعاية ذوي الاحتياجات خصوصا في السنوات الأخيرة، وهي بذلك تساير التوجهات العالمية الرامية إلى توفير أفضل الخدمات لهذه الفئات وترسم خريطة فاعلة للنهوض بهم في المستقبل من خلال تضافر الجهود بين المؤسسات ذات العلاقة بالمعوقين.

وأكد أن البحرين بمؤسستها الرسمية والمدينة تقدم رعاية كافية لهذه الفئة من حيث توفير السكان وصيانة الحقوق في التعليم والتدريب والعمل شأنهم شأن الأسوياء، بالإضافة إلى توفير الرعاية عبر المراكز والدور المتخصصة التي تقدم الخدمات النفسية والاجتماعية والتأهيلية، لافتا إلى أن نسبة المعاقين بين سكان البحرين منخفضة بحيث لا تتجاوز (1%) مقارنة بـ (2.6%) في جميع الدول النامية، بحسب السجلات الوطنية الخاصة بالإعاقات التي أسستها وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم و وزارة التنمية الاجتماعية وبعض المنظمات الأهلية المعنية بذوي الإعاقة.

وتشير الإحصاءات الواردة عن السجل الوطني الخاص بالإعاقات العام الماضي إلى وجود أكثر من 7209 بحريني يصنف ضمن ذوي الإعاقة، يشكل ذوي الإعاقة الذهنية النسبة الأكبر منهم، ويليها التوحد، فيما تذكر تقارير وزارة الصحة إن الإعاقات الأكثر انتشاراً هي العقلية والحركية يليها الإعاقات السمعية والبصرية على التوالي، بلغت نسبة الإناث منهم 42% مقابل نسبة إلى57% للذكور.

وفي هذا السياق يشير الدكتور سليمان أن مؤسسات الدولة في مملكة البحرين تتبنى تعريفات وتصنيفات متباينة للأشخاص ذوي الإعاقة، إذ تعتبر بعض المؤسسات مرضى السيكلر (فقر الدم المنجلي) والصرع من الأشخاص ذوي الإعاقة مثل وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية، وأخرى تعتبر هذه ضمن الأمراض المزمنة مثل وزارتي الصحة والتربية والتعليم، مؤكداً أن هذا التباين في التعريف يؤثر على مصداقية الأرقام الواردة من الجهات الإحصائية ودقتها. وقال: "بعض الإحصاءات تشمل على غير البحرينيين مثل إحصاءات وزارة الصحة والأخرى لا تشمل إلا المواطنين البحرينيين، وهذا لا يخدم الباحثين".

على الجانب الأخر، أشار إلى أن عدد التربويين والمعلمين العاملين مع ذوي الاحتياجات الخاصة من الحاصلين على بكالوريوس علم النفس فئات خاصة وصعوبات التعلم والإعاقة الذهنية والتوحد ودبلوم عال وماجستير في التربية الخاصة في تزايد، وهذا التزايد يتزامن مع ازدياد عدد ورش العمل والدورات التدريبية المكثفة واللقاءات المستمرة التي تسعى إلى رفع الوعي بكيفية التعامل مع الطلبة ذوي الإعاقات الحسية والجسدية وتدريبهم على الاستراتيجيات التي تستخدم في التعامل مع الطلبة المعوقين.

وأضاف: "تسعى جامعة الخليج العربي دائماً إلى تبني سياسة التحديث والتجديد من خلال البرامج الجامعية المطورة لخدمة المجتمع الخليجي عن طريق الارتقاء بأساليب وآليات البحث العلمي، وتزويد الدارسين بالمعارف والمهارات والكفايات اللازمة لتدريبهم وتأهيلهم للعمل في مجالات الإعاقة الذهنية والتوحد، إذ يعمل برنامج الإعاقة الذهنية والتوحد جاهدا على إعداد وتأهيل كوادر متخصصة في مجال الإعاقة الذهنية والتوحد من خلال مجموعة من الأساتذة ذوي الخبرة والمتخصصين وفق خطط دراسية متطورة سواء كانت على مستوى الدبلوم أو الماجستير، كذلك يسعى إلى تزويد الدارسين بكافة آليات البحث العلمي والتي تساهم في تعزيز وتطوير مهاراتهم البحثية والعلمية من خلال الربط بين المعارف النظرية والتطبيقية والميدانية".

إلى ذلك، يعمل برنامج الإعاقة الذهنية والتوحد بالجامعة على إعداد وتأهيل المعلمين والاختصاصيين للعمل بشكل فعال ومتميز مع التلاميذ في مجال الإعاقة الذهنية واضطراب التوحد، ويقدم المعارف والمهارات والخبرات للدارسين التي تجعلهم قادرين على فهم وتطبيق أحدث النظريات ونتائج البحوث لتحقيق أفضل أداء وظيفي، كما يوفر كوادر خليجية مؤهلة ومدربة جديدة بمستوى الدكتوراه مزودة بالمعارف والخبرات والمهارات ذات طبيعة تخصصية، في مجال الإعاقة الذهنية أو اضطراب التوحد من خلال الدراسة والتدريب وإجراء البحوث والمساهمة في التقدم العلمي وتطويره، بالتعاون والتنسيق والتفاعل مع الجهات المختصة القائمة في الدول الأعضاء بالجامعة.

وعلى خط مواز يعمل برنامج الإعاقة الذهنية والتوحد على تدريب الدارسين على آليات البحث العلمي وكيفية توظيفها في مجال الاختصاص، ولا ينفك عن تفعيل دور البرنامج على نحو تخصصي يرقى لخدمة المجتمع الخليجي من خلال الندوات والمؤتمرات وورش العمل والاستشارات المهنية

وعلى الطرف المقابل يقول: "على الرغم من هذه الإجراءات المتخذة لضمان حصول الأطفال ذوي الإعاقات الذهنية على حقهم في الحصول على التعليم الأساسي في وزارة التربية والتعليم، تشير نتائج الدراسات الميدانية مع الطلبة ومن يمثلهم في الجمعيات الخاصة بالإعاقة إلى الحاجة إلى الشروع في تنفيذ مبادرة بوضع معايير وطنية حول برامج تعليم الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية تتضمن محاور الإدارة والعاملين والبيئة التعليمية والتقييم والخدمات والبرامج والمشاركة ودعم وتمكين الأسرة والتقييم, وإجراء دراسة موسعة حول نوعية الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة وفق المعايير، بالإضافة إلى إجراء تقييم دوري لنوعية الخدمات المقدمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع مستوى الخدمة".

وفي الجانب المشرق، يشتمل قانون العمل البحريني في القطاع الأهلي تنظيماً خاصاً للمعاقين من شأنه توفير الحماية القانونية اللازمة وتولي وزارة العمل أهمية قصوى في البحث عن فرص تشغيل الأشخاص المعاقين ومن أجل استيعابهم في سوق العمل، بيد أن المؤشرات على ارض الواقع تشير إلى عدد من الصعوبات والتحديات التي تعترض العاملين من المعاقين أهمها ضعف الراتب وصعوبة توفير المواصلات في ظل عدم قدرة البعض على السياقة وقلة فرص التدريب والتأهيل ورفض بعض قطاعات العمل إلحاق المعاقين في بعض المجالات.