أكدت الباحثة ضحى سامي السند أهمية الابتكار التقني في بقاء و نماء المؤسسات في القطاع الخاص والعام وتأثيره المباشر على دعم النمو الاقتصادي للبلدان، لكونه عنصرا أساسيا وحيويا في تحسين الإنتاج، موضحة إن معظم الدول العربية متأخرة في التطور التقني و الابتكار مقارنة بالدول المتقدمة صناعيا.
وقالت السند في اطروحة الماجستير التي قدمتها بعنوان "تقييم الابتكار التقني في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)" ضمن متطلبات الحصول على درجة الماجستير من برنامج إدارة التقنية بجامعة الخليج العربي أن الدراسات المنشورة حول تقييم الابتكار وطرق تحسينه في المنطقة قليلة جداً، وهو الأمر الذي دعاها إلى ببناء نموذجاً معدلاً لرسم خريطة الابتكار التقنى لإستخدمه في تقييم الحالة الراهنة للابتكار التقني في إحدى أكبر شركات البتروكيماويات في المملكة العربية السعودية وهي الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)..
وفي هذا السياق، انقسم البحث الذي أشرف عليه مدير برنامج إدارة التقنية، أستاذ الإدارة الهندسية بجامعة الخليج العربي رفعت عبدالرازق إلى قسمين رئيسيين، انصرف القسم الأول إلى تحديد جميع التقنيات والطرق الحديثة المتعارف عليها علميا لتقييم الابتكار التقني والمقارنة بينهم وتحديد نقاط القوة والضعف لكل منهم. فيما ركز القسم الثاني على استخدام النموذج المعدل في رسم خرائط الابتكار في شركة (سابك) لمدة ثلاث سنوات، من عام 2008 حتى نهاية عام ،2010 وتم رسم خرائط الابتكارات خلال الثلاث أعوام للشركة، وكذلك لكل وحدة من وحدات العمل الإستراتيجية الستة بشكل منفصل.
وخلال انجاز المرحلة الأولى تم تحديد أحدث التقنيات وأقواها علميا و الأكثر استخداما في البحوث العلمية لرسم خرائط الابتكار التقني للمؤسسات و هو نموذجMapping Innovation-4Ps . و قد تم نقد النموذج و إظهار بعض نقاط الضعف في هذا النموذج، وفي الإطار ذاته قامت الدراسة ببناء نموذجاً معدلاً لرسم خرائط الابتكار و الذي يتغلب على نقاط الضعف المرتبطة بالنموذج الأصلي، إذ يفصل النموذج المقترح بوضوح بين المناطق الواقعة بين الابتكار في المنتجProduct innovation والابتكار في العملياتProcess innovation و كذلك بين الابتكار في الموضعPosition innovation و الابتكار للنماذج الفكرية الابتكارية Paradigm innovation.
إلى ذلك، يميز النموذج المعدل بين درجة حداثة الابتكارDegree of novelty بسهولة، بعكس النموذج التقليدي المستعمل، وأكدت الباحثة السند أن النموذج المطور يمتاز يسهل عملية إدخال البيانات ويحدد أنواع الابتكارات على الخرائط و إظهار النتائج و رسمها.
وأظهرت النتائج أن سابك قدمت 44 ابتكاراً خلال الثلاث أعوام المذكورة جميعهم ابتكارات تدريجية في مجالات تحسين كل من المنتجات والعمليات، وكانت الغالبية العظمى من الابتكارات تقع في منطقتي المنتجات والعمليات حيث أن 64٪ من مجموع الابتكارات في الشركة كانت في المنتجات و 32٪ في العمليات. وقد قعت إحدى الابتكارات في المنطقة الواقعة بين الابتكار في المنتج و الابتكار في العمليات بينما وقعت أخرى في المنطقة الواقعة بين الابتكار في المنتج و الابتكار في الموضع, معا يشكلان 4٪ من مجموع الابتكارات.
كما توصلت النتائج إلى أنه ليس هناك أي أبتكار في منطقة الابتكار في الموضع الذي يتضمن إعادة النظر في السوق المستهدف للمنتج أو في النماذج الفكرية. عند مقارنة الابتكارات المقدمة من قبل وحدات الشركة الست, وجد أن الوحدتين المختصتين بإنتاج البلاستيك (وحدة البوليمر ووحدة البلاستيك المبتكر) هما الأكثر ابتكاراً بنسبة تصل إلى 70% من مجمل الابتكارات المقدمة من الشركة خلال الثلاث سنوات، بينما كانت وحدتي الأداء الكيميائي والأسمدة هم الأقل حيث قدما معا فقط 10% من مجمل ابتكارات الشركة في نفس الفترة الزمنية.
قامت الدراسة بإجراء عملية مراجعة على الابتكار Innovation Audit في شركة سابك، وحددت نتائج المراجعة مواطن القوة و الضعف في الشركة من وجهة نظر ادارة الابتكار. حيث وضحت أن شركة سابك تركز على الجانب التعليمي و التدريبى بدرجة متفوقة بينما تعطي درجة أقل من الاهتمام إلى إستراتيجية الابتكار.
بينت النتائج ايضا إن المجموعة الأكثر رضاً من بين الموظفين في الشركة عن الطريقة التي تدير بها الشركة الابتكار بشكل عام هم العلماء الباحثين، بينما الفنيين من الناحية الأخرى هم المجموعة الأقل رضاء. و قد مكنت عمليتا رسم خرائط الابتكار التقني و مراجعة إدارة الابتكار في سابك من تقييم حالة الابتكار التقني في الشركة. وأظهرت أن هناك مجال كبير للتحسين في إدارة الابتكار في الشركة.
كذلك تمت مقارنة النتائج مع شركات أخرى في البرازيل و الصين و بينت النتائج أن نتائج سابك قريبة من مثيلاتها في الصين و البرازيل ومن الممكن التفوق عليهم ببذل المزيد من التحسين و التطوير خاصة في الجوانب المتعلقة بالإستراتيجية والبيئة الداخلية للابتكار و حسب التوصيات التي أوصت بها الدراسة، بالإضافة إلى زيادة التطوير في مجالات الابتكار في الموضع Position innovation والنماذج الفكرية الابتكارية Paradigm innovation .
و خلصت الدراسة إلى أن التكرار الدوري لعملية توقيع الخرائط الابتكارية باستخدام النموذج المقترح وعملية المراجعة لإدارة الابتكار التقني تسد الفجوات التي تظهرها النتائج وتزيد دور شركة سابك في الابتكار على المستوى العالمي لتتبوأ الدور الذي تستحقه في ريادية الابتكار على الصعيد الدولي.
ومن جانبه أوضح رفعت عبدالرازق ان هذا البحث يعتبر طفرة في هذا المجال الهام خاصة لدول الخليج العربي و الدول العربية، لافتا إلى إشادة لجنة المناقشة بالبحث خصوصا تعديل الآلية الخاصة بتحديد ورسم خارطة الابتكار التقني المتاح للمؤسسات وتطبيق النموذج المعدل باستخدام بيانات شركة سابك.