للمرة الأولى في قطر ومنطقة الخليج ككل، تم تسجيل التفاصيل الدقيقة عن أحوال الرياح والأمواج في الساحل القطري، وذلك في دراسة فريدة من نوعها قام بتمويلها الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي من خلال منحة برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي.
وتولى فريق بحثي من جامعة تكساس «إيه آند إم» في قطر مهمة جمع القراءات المفصلة عن تيارات الهواء والأمواج في شبه الجزيرة القطرية، وذلك من خلال تنصيب أكثر المعدات تطوراً على حافة الرصيف البحري الممتد بطول 500 متر ويصل إلى داخل الخليج.
وأوضحت النتائج المتحصلة أن هناك حاجة ماسة إلى إنشاء محطة رصد دائمة في قطر، تعمل على توفير المعلومات الضرورية للعديد من القطاعات.
وفي هذا الصدد؛ علّق الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة تكساس إيه آند إم في قطر رضا صدر، قائلاً: «لقد بدأ البحث الفعلي لمحاولة فهم العلاقة بين الرياح والأمواج، وإذا أردنا معرفة لماذا نحتاج إلى ذلك الإجراء؟ فستكون الإجابة، لأنه توجد نماذج رديئة لرصد تيارات الرياح ووضع التوقعات تجاه حركة أمواج الخليج، وهذه المعلومات ومن بين عوامل أخرى تؤثر على الحياة البحرية وصناعة النفط والغاز البحري بالإضافة إلى مبادرات الطاقة المتجددة».
وأوضح أن «طرق قياس أنماط الرياح والأمواج تحتاج إلى أن تُدعم بمزيد من البيانات المتطورة وطرق التحليل التي تناسب كل منطقة في العالم على حدة».
وأضاف «تعكف القوات البحرية التابعة إلى الولايات المتحدة الأميركية وكذلك شركات النفط على دراسة ذلك، غير أن البيانات المتوافرة ليست عالية الجودة. فعلى حد معلوماتنا؛ فإن الأنماط حول العالم تختلف فيما بينها. فبحر الشمال يختلف عن المحيط الأطلنطي الذي يختلف بدوره عن خليج المكسيك، وحتى بين مناطق المحيط الأطلنطي؛ فإنه توجد أوجه اختلاف، فعلى سبيل المثال إذا أخذنا منطقة كوبا ووصلنا إلى الأعلى ناحية الشمال تجاه نيويورك وبوسطن؛ فإن الاختلافات تظهر لدينا بوضوح. وفي ضوء ذلك ندرك مدى أهمية رصد الأحوال لكل مكان على وجه التحديد».
وفي إطار عملية البحث؛ فقد تولى فريق البحث في قطر عملية جمع البيانات بشكل متواصل على مدار ستة أشهر ابتداءً من يونيو/ حزيران حتى نوفمبر/ تشررين الثاني، حيث استخدم الباحثون أجهزة تعتمد على الأمواج الصوتية لقياس حركة الرياح في الغلاف الجوي بتردد عال وعلى أبعاد مختلفة، ما يسمح لهم دراسة تقلبات حركة الرياح في درجات الحرارة العالية والمتوسطة وفي الرطوبة. ففي السابق كانت المعلومات الجوية ترد عن طريق الأقمار الاصطناعية، حيث تتوافر المعلومات الرئيسية المفتقرة إلى التفاصيل التي يمكن الحصول عليها عن طريق دراسات معمقة كما هو حال هذه الدراسة.
ولفت صدر، الى أن جمع هذه البيانات المفصلة عن الرياح وآثارها على الأمواج سيسهم بشكل كبير في مجال صناعة النفط والغاز التي بدأت تنتقل بشكل متزايد نحو البحار، إضافة إلى ذلك، فمن الممكن أن تسهم تلك البيانات في صناعة الطيران، حيث إن موقع قطر كمركز إقليمي للطيران أصبح في تزايد مستمر، وذلك بفضل إنشاء مطارها الدولي الجديد الضخم والمقرر افتتاحه في المستقبل القريب. وبما أن الدولة أصبحت تتطلع بشكل أكثر جدية إلى أبحاث الطاقة المتجددة من الرياح، فإن هذه التطبيقات تصبح من الأهمية بمكان في دراسة الاضطرابات الجوية، والتي يجب أن تطبق نماذجها وفقاً للموقع والنظام.
على صعيد آخر؛ فإن المخاطر والتلوث الناتج عن صناعة النفط والغاز المنتشرة في المنطقة، تفرض حاجة ماسة إلى إيجاد بيانات مرتبطة بالأماكن وتمتاز بالدقة العالية في قطر. حيث تسهم البيانات الدقيقة للأحوال الجوية في قطر في تحديد مدى تأثير التلوث وحرق الغازات على البيئة، كما ستساعد في حالة وقوع الحوادث، في حساب المدة الزمنية لتأثير التلوث السلبي على الإنسان.
يشار إلى أن فريق البحث نشر جزءاً من النتائج التي توصل إليها عن أحوال الرياح والأمواج المحيطة بقطر، ويقوم حاليّاً بمتابعة دراسة الأحوال الخاصة بالساحل، ويتضمن ذلك العلاقة بين الأرض والبحر. كما سيولي الفريق عناية خاصة بمشاريع استصلاح الخط الساحلي وتأثير تلك المشاريع على الحياة البحرية.
وأعرب الفريق في ختام البحث الذي موله الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي عن أمله في أن يكون بحثه دافعاً لإنشاء محطة رصد دائمة لحركة الرياح والأمواج في قطر، ما يساعد على إيجاد بيانات تُمكن الباحثين من التعمق في الدراسات وإيجاد طرق مبتكرة جديدة تختص بالرياح والأمواج، بحيث تنتشر مثل هذه النماذج حول العالم، لتوفر رؤى قيّمة حول الأحوال الجوية وتنبؤاتها على المدى البعيد.
العدد 3786 - الخميس 17 يناير 2013م الموافق 05 ربيع الاول 1434هـ