العدد 3792 - الأربعاء 23 يناير 2013م الموافق 11 ربيع الاول 1434هـ

نتيجة الانتخابات الاسرائيلية ربما تقيد سياسة نتنياهو الخارجية

ربما يقيد أداء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان أضعف من المتوقع في انتخابات يوم الثلاثاء الماضي المجال المتاح أمامه للمناورة في مواجهة إيران ويجدد الضغوط عليه فيما يتعلق بموقفه المتشدد إزاء قيام الدولة الفلسطينية.

لكن من المرجح أن يتركز اهتمام السياسة الاسرائيلية خلال الأسابيع المقبلة على قضايا محلية مثل الحد من عجز الميزانية ومعالجة شكاوى من إعفاء طلبة المدارس الدينية من الخدمة العسكرية وتوفير مساكن أرخص للشبان.

ويشير استطلاع آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع إلى أن حزب ليكود اليميني المنتمي له نتنياهو والمتحالف مع حزب اسرائيل بيتنا القومي المتطرف سيحصل على أغلب مقاعد الكنيست القادم ومن ثم سيقود المفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية. ورغم تراجع تأييد الكتلة اليمينية بشكل لا لبس فيه تشير التوقعات المبكرة إلى أن نتنياهو مازال بوسعه أن يشكل تحالفا بأغلبية بسيطة من خلال ضم أحزاب دينية وقومية على نحو لا يختلف كثيرا عن الائتلاف المنتهية ولايته. لكن ظهور قوة جديدة منتمية إلى الوسط مثل حزب (هناك مستقبل) بقيادة المذيع التلفزيوني السابق يائير لابيد سيجبره كما يعتقد كثيرون على السعي إلى تشكيل ائتلاف حكومي أكثر شمولا.

وسيتطلب هذا مفاوضات أصعب بكثير ستتطرق إلى خيارات حساسة في السياسة الداخلية والخارجية. لم يشر نتنياهو سوى بشكل مبهم إلى القضية الفلسطينية في الخطاب الذي ألقاه في وقت مبكر أمس الأربعاء بمناسبه فوزه لكنه أبرز قضية البرنامج النووي الإيراني الذي يعتقد كثيرون في الغرب أنه يهدف إلى صنع قنبلة نووية. وقال أمام أنصار حزبه في تل أبيب "التحدي الأول كان وما زال هو منع إيران من الحصول على أسلحة نووية." وتنفي إيران أنها تسعى إلى صنع مثل تلك الأسلحة.

ورغم ان استطلاعات الرأي تظهر أن أغلب الاسرائيليين يتفقون مع نتنياهو على أن إيران تمثل خطرا على وجود اسرائيل أوضحت أحزاب منتمية إلى الوسط واليسار ومنها حزب هناك مستقبل أنها ترى أن حسم المشكلة يقع على عاتق المجتمع الدولي. وقال ياكوف بيري وهو رئيس سابق لجهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي ومن مرشحي حزب هناك مستقبل "فيما يتعلق بإيران فإن الولايات المتحدة هي التي عليها أن تقود الخيار العسكري وليس اسرائيل."

وأشار نتنياهو إلى أنه سيكون مستعدا لشن ضربة عسكرية من جانب واحد إذا لزم الأمر لكن محللين قالوا إن انتخابات الثلاثاء لا تعطيه تفويضا واضحا للإقدام على هذه الخطوة وبدلا من ذلك تظهر عدم راحة على نطاق كبير إزاء طريقة تعامله مع قضية إيران. وقال جدعون رامات الاستاذ في الجامعة العبرية "ينبغي على رئيس الوزراء أن يفهم أن الناس يطالبونه باتخاذ موقف معتدل من إيران."

وأضاف "هذه الانتخابات أضعفت نتنياهو." وقال ارون ديفيد ميلر وهو مستشار أمريكي كبير في عملية السلام إن ضعف موقف اليمين في اسرائيل ربما يساعد على تحسين العلاقات السيئة بين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما.

وكان دعم نتنياهو للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة ومحاولاته دفع الولايات المتحدة نحو تبني موقف اكثر تشددا من إيران قد أثارا احتكاكات متكررة بين البلدين خلال السنوات الأربع الماضية. وقال ميلر لشبكة سي.ان.ان الإخبارية "في حالة تحالفه (نتنياهو) مع لابيد واقترابه من الوسط فسنجد في النهاية تقاربا أمريكيا اسرائيليا لدرجة ما."

ويشير استطلاع آراءالناخبين فور خروجهم من مراكز الاقتراع حصول ائتلاف ليكود-اسرائيل بيتنا على 31 مقعدا من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدا في حين يتوقع أن يأتي حزب هناك مستقبل في المرتبة الثانية بحصوله على 18 أو 19 مقعدا. وعلى الفور سعى نتنياهو للتقرب من لابيد الذي مس وترا لدى الناخب العادي بدعوته إلى توفير مساكن بأسعار معقولة وتوزيع العبء الاقتصادي وتحسين التعليم.

وقلل حزبه من التركيز على القضايا الخارجية التي تواجه اسرائيل. قال دان افنون استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية "أغلبية كبيرة من الاسرائيليين المنتمين للطبقة الوسطى صوتوا بقوة ضد أولويات الحكومة السابقة." وأضاف "هؤلاء هم من يدفعون الضرائب ويخدمون في الجيش... لا أظن أنه يمكن تجاهلهم." سيجد لابيد من يتعاطف معه من اليمين في الكثير من القضايا لكن هناك قضيتين رئيسيتين يمكن أن تنسفا أي تحالف وهما مطالبته بأن يؤدي طلبة المعاهد الدينية الخدمة العسكرية ودعوته لإحياء محادثات السلام الفلسطينية المتعثرة رغم أن احتمالات التقدم تبدو ضعيفة.

وهذه النقطة الثانية بالتحديد ستضعه في مسار خلاف ليس فقط مع الكثير من أنصار نتنياهو بل أيضا مع حزب متشدد آخر وهو البيت اليهودي الذي يتلاءم في كثير من الأوجه مع تحالف ليكود-اسرائيل بيتنا ويقترب من الحصول على 12 مقعدا في الكنيست. فقد رفض حزب البيت اليهودي وزعيمه المليونير الشاب نفتالي بينيت أي مفاوضات سلام وهو يريد بدلا من ذلك أن تضم اسرائيل أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة وهو اقتراح أثار قلق واشنطن وحلفاء غربيين آخرين.

وقال شموئيل ساندلر الاستاذ في مركز بيجن-السادات بجامعة بار ايلان "نتنياهو في حاجة إلى العمل مع لابيد وأن يكشف عن وجه أكثر اعتدالا للعالم. وإذا لم يتمكن من ذلك فسيثير هذا مشكلات كثيرة له." ومضى يقول "لكن توفيق الآراء في القضية الفلسطينية لن يكون من سهلا... لن يكون هذا طريقا سهلا وسيكون تشكيل الحكومة أمرا أصعب من ذي قبل."

ومن الممكن ان يستغرق إتمام محادثات الائتلاف عدة أسابيع وربما يقرر نتنياهو في نهاية المطاف التمسك بتشكيلة الحلفاء الحالية مفضلا الأغلبية البسيطة على الاضطرار للاستجابة لمطالب وافدين جدد من تيار الوسط. لكن محللين قالوا إن الطبقات الوسطى في اسرائيل لن ترضيها تلك النتيجة وتريد أن تسمو الحكومة القادمة فوق الشؤون الحزبية والاقتتال.

وقال افنون من الجامعة العبرية "يثبت نتنياهو دائما أن لديه قدرة كبيرة على البقاء... وأصبح لزاما عليه الآن أن يظهر أن بإمكانه أيضا ان يكون رجل دولة."





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً