العدد 3794 - الجمعة 25 يناير 2013م الموافق 13 ربيع الاول 1434هـ

بياض الألف

وقالت لي..

دع عنك بيت الوهن...

ثم غابت..

قدماها بسرتي الأولى..

وعيناها في خيط قلبي..

مدينة تكتظ بالعاشقين..

يقطع شوارعها نهار الألف..

أول الحكايات..

وأول النور نحو بيتها الظليل

امرأة على حصيرتها تتقلب..

تعيدُ رحاها بكفين مقرحتين..

وعينين دامعتين..

2

لم تغير من طبعها..

ظلت فوق عتبت بيتها تنز صغيرها

تخاطب النجوم عن ليلها المحزون

وتندب حظها..

زمن مضى..

وهي كما كانت تتلفت...

تعيد مبخرتها..

لعل من رملها يسمع بكاء وليدها.

3

اختلفا..

وأمام قاضي الفصل

بكتْ بحسرة

بعد أن سقطت ورقةٌ بيضاء أمام عينها

فربت الوجع على قلبها..

وغادرت تعصر جرحها وتغالب بكاءها.

4

لم تكن تعرف..

ولم يدر بخلدها أن من حلمت به سنيناً سيهجرها

نظرت للمرآة وبكت

لأن الدار التي احتوت جسدهما معاً أيضاً بكت!

5

كانت أصابعها تشير نحو فستان زواجهما

حدقت في وجه طليقها..

تذكرت أول ليلة..

غسلت شفتيها المتيبستين بريق حسرتها

وانحشرت في لحاف صبرها..

تبكي لوحدها!

6

قال لها في أول يوم رآها فيه «أحبك»..

ابتسمت في وجهه..

ذهبت بعيداً..

تتأمل تلك الحروف المعطرة بالياسمين

تقلب حروف رسائلها الملونة..

تستعيد تلك السنين البريئة..

وتتأوه قائلة: يا لكم من ذئاب!

7

ضفيرة شعرها غزا البياض حلمها

فلم تمل الانتظار..

ولم تمل الوقوف بنافذة حجرتها الصغيرة

شيء بداخل قلبها ينبض..

والكثير من الأسئلة قد سقطت من تقويمها

الأم قلقة..

والأب حائر في فك لغز ابنته

بياض آخر العمر لقترب..

ونضارة الشباب غادرت ملامح ابنته

والخوف كبر في محيط الحجرة..

وهي كما كانت..

كلما تقدم لها عريس.. رفضت

قالت ابن عمي لازال معي..

فصفرت الريح ومات الجسد.. ولم يمت الحب!

8

في فناء البيت..

كبرت شجرة السدر

والعصافير لم تر بيتاً هادئاً أفضل من هذه الشجرة

9

خطوات امرأة تدب على الأرض..

تكنس كل يوم فناء بيتها بالصبر

وتغسل قدميها بحناء العرس..

تتأوه بحسرة..

أبو أحمد لم يمت!

لأن العصافير في كل يوم تثير الزغردة

وفي كل صباح تحتضن الحي بالحركة.

10

تعبت وهي تقلم أضافرها

لعل غائب البيت يرجع!

11

تلفاز يعيد قلقها بخيط الإبرة

وهي كعادتها تحيك ثوب ولدها الوحيد

تنظر إليه كل يوم وهو يكبر..

وفي صدرها تحبس مشاعرها..

لن أعيد الكرة مرة أخرى..

طليقة أهون من زواج المر..

حضنت وليدها..

فكبرت شاشة التلفاز، تعيد أمام ناظرها

قصة حب فاشلة!

12

منديل جرحها لم يستطع صبراً على تألمها

انحشر بين جمع من الثياب المعلقة على حبل الغسيل

وظل لسنوات طويلة يتأمل محزونته

ويتمنى الفرار!

الشاعر: علي الستراوي

العدد 3794 - الجمعة 25 يناير 2013م الموافق 13 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً