تحت أشعة الشمس المحرقة في مدينة عطبرة السودانية تقف عشرات القاطرات وعربات القطارات القديمة التي صنعت في أوروبا والولايات المتحدة والهند.
تعطلت هذه القاطرات والعربات منذ سنوات طويلة وعلا الصدأ القضبان الحديدية التي تقف عليها. كان السودان ذات يوم يملك أكبر شبكة للسكك الحديدية في أفريقيا إذ كان طولها يزيد على 5000 كيلومتر وكانت تمتد من الحدود مع مصر إلى دارفور في الغرب وبور سودان على ساحل البحر الأحمر شرقا وواو التي باتت حاليا في جنوب السودان. لكن معظم خطوط القطارات في السودان توقف عن العمل في الوقت الحالي نتيجة سوء الإدارة والإهمال على مر الأعوام. وتسعى حكومة السودان حاليا إلى إعادة بناء شبكة السكك الحديدية وتطويرها بتمويل وخبرات من الصين. وتأمل الحكومة أن يساهم تحديث شبكة القطارات في زيادة الصادرات من الماشية الحية والمحاصيل الزراعية مثل القطن والصمغ العربي بهدف تنمية الاقتصاد. قال شرف ناصر مدير المشروعات بهيئة السكك الحديدية إن الهيئة سوف تتسلم عددا كبيرا من عربات القطارات الجديدة بحلول منتصف العام الجاري. ويحتاج تطوير السكك الحديدية في السودان إلى استثمارا كبيرة لشراء القاطرات والعربات وتحديث المسارات التي لم تتغير منذ الاحتلال البريطاني واستخدمت فيها عوارض خشبية بين القضبان. وأتفق السودان مع الصين وكوريا الشمالية على تحديث وإصلاح قطارات الركاب والبضائع. ولم تعرف تفاصيل الاتفاق لكن الصين تمول مشروعات التنمية في السودان في العادة من خلال قروض تسدد منها مستحقات الشركات الصينية المنفذة للأعمال.
وبدأ العام الماضي مشروع لإبدال خطوط السكك الحديدية. وقال ناصر إن شركة هوي بو للاستثمار الصينية أنشأت مصنعا بشمال الخرطوم قبالة محطة القطارات الرئيسية في المدينة ينتج 1200 عارضة من الأسمنت لقضبان القطارات يوميا. وبدأت شبكة السكك الحديدية في السودان تتدهور في الثمانينات عندما أمر الرئيس الأسبق جعفر النميري بإقالة عدد كبير من العاملين فيها وبتقليص ميزانيتها بعد أن فشل في مواجهة نقابات العمال والحزب الشيوعي اللذان نظما العديد من الإضرابات آنذاك. وأقيل ما يزيد على 20 ألف من العاملين في السكك الحديدية خلال عشر سنوات معظمهم في أعقاب إضراب عن العمل في عام 1989 بعد وصول الرئيس الحالي عمر حسن البشير إلى السلطة. لكن خطط الحكومة الحالية لتطوير شبكة القطارات تلاقي كثيرا من الانتقادات. قال يوسف حسين العضو القيادي بالحزب الشيوعي السوداني إن كل ما تقوله الحكومة عن تطوير السكك الحديدية لا يستند إلى أي أساس. ويأمل المسؤولون الانتهاء من تجديد ما بين 1000 و2000 كيلومتر من القضبان في أنحاء السودان في غضون عامين. وبدأ بالفعل تسيير قطار لنقل البضائع في رحلات يومية من الخرطوم الى عطبرة على بعد نحو 300 كيلومتر شمالي العاصمة كما يجري إنشاء خط من عطبرة إلى بور سودان. وتباينت ردود فعل العمال في ورشة السكك الحديدية في الخرطوم لمشروعات تطوير الشبكة. قال عامل يدعى محمد عوض إن القطارات في السودان سوف تعود إلى سابق عهدها قريبا من خلال مشروع التطوير. بينما قال عامل آخر يدعى الأمير عبد الحافظ إنه يرى من خلال خبرته في الحياة أن المشروع لن يحقق التقدم المنشود. ويحتاج السودان إلى تنمية صادراته من المنتجات الزراعية والمعادن وخصوصا الذهب من أجل إنعاش الاقتصاد.