تستحق الفنانة الكبيرة حياة الفهد، شهادة شكر وتقدير من المشاهد العربي على مسلسل "الفرية"، كما تستحق قناة "دبي" الفضائية الشهادة نفسها، لأنها تابعت وباهتمام إنتاج هذه القصة الإنسانية الرائعة.
لقد قدمت حياة الفهد دروساً مجانية في التأليف بتقديمها قصة بسيطة جداً تنطلق من خلالها في نسيج درامي رائع، تتصاعد حوادثه في كل حلقة، من دون الاعتماد على تقديم مشاهد مثيرة، من دون الاستناد إلى إقحام شخوص أو حوادث فيها افتعال لشحن البناء الدرامي، للفكرة التي انطلقت بها.
لقد كان العمل متفرداً واستثنائياً وغريباً في رسمه العواطف الإنسانية، لمشاعر الحب، للكبرياء عندما تهان، للكرامة عندما تنجرح، للحب عندما يفقد الأمل، لروعة العلاقة الزوجية التي تبني قصوراً من الحياة في الزوج نفسه، تتهاوى تلك القصور ويهجرها الفرح ويسكنها الهم والانكسار عندما تفقد الحبيب.
لقد رسمت حياة الفهد بصياغتها العمل لوحة إنسانية شديدة الشفافية، اختارت لها زمناً آخر ومكاناً آخر، ربما لأن هذا الزمن لا يحتمل وجود ذلك الزخم العاطفي، وذلك الدفق في المشاعر.
"الفرية" يركز على علاقة الجار بالجار، وعلاقة القرابة، ومجتمع رائع يقدس العلاقة الزوجية ويكرم المرأة. عرض مجتمعاً يتراجع فيه الشر إلى مكانه بسرعة، عندما يجد من يلفظه ومن يرفضه ومن يقف في وجهه.
من شاهد حياة الفهد في "الفرية"، سيعرف أنها فنانة حقيقية، قدمت دورساً حقيقية بروعة أدائها وبواقعيتها الشديدة التي ظهرت بها، وبجرأتها على الوقوف أما الكاميرا من دون مكياج، بتلك التجاعيد التي نسجها الزمن على خديها، وهي صورة ضاعت عن معظم الأعمال الخليجية ونحن نرى آثار الحقن "والبوتكس"، أو ممثلاث يظهرن على المشاهد يستعرضن المكياج والملابس والإكسسوارات لتضيع الشخصية ويضيع العمل.
"الفرية" عمل خاص، قدم وسط عشرات الأعمال وتفوق، لأنه اعتمد على الصدق، وعلى البساطة، ولم يجنح إلى المبالغة وإلى الحشو وإلى تكثيف الحوادث
العدد 1527 - الجمعة 10 نوفمبر 2006م الموافق 18 شوال 1427هـ