نواب 2002... هل خدعونا أم خُدِعوا؟!
ذلك الانجاز أصبح الورقة التي ترفع فى وجه كل من ينتقد ويدعي عدم تحقيق مجلس 2002 أي إنجاز يذكر!
في الحقيقة أنه بداية اقتنعت بأنه فعلاً إنجاز سيستفيد منه المواطنون وسينعش المشروعات الإسكانية ويخفف عن كاهل المواطنين، ولكن... نعم إنها «لكن» التي تفسد ما قبلها وأفسدت الاقتناع الذي صنعه كلام نواب 2002 من كثرة تطرقهم لهذا الموضوع وإصرارهم على أنه إنجاز حتى لو كان انجازاً يتيماً ووحيداً ليس له أخ ولا أخت؟!
وكوني أحد المستفيدين من قروض الإسكان خلال السنتين الماضيتين أتيحت لي فرصة مقارنة كل ذلك الكلام عن الانجاز الكبير!
في الحقيقة ان ما اكتشفته أنه من الناحية النظرية والرقمية يمكننا أن نسمي ذلك انجازاً ولكن ولوجود جهات هي أكبر من المجلس وأقوى منه إن سواء كان من ناحية التشريع أو التنفيذ وجدنا أن ما تم منحه من أموال لرفع موازنة الإسكان تم أخذه من جهة أخرى وعلى حساب المستفيدين من الإسكان؟!
ما هذا القول؟! للأسف، إنها الحقيقة التي يظهر جزء منها في الأرقام المذكورة ويختفي جزؤها الآخر في أرقام لا يذكرها أحد!
فأول ما قامت به تلك الجهات القوية هو إلغاء الإعفاء من رسوم توصيل الكهرباء إلى المنازل التي تبنى من قروض الإسكان، فأصبح لزاماً علينا - على سبيل المثال - نحن المستفيدين من قروض البناء أن ندفع رسوم توصيل الكهرباء إلى منازلنا والتي تتراوح ما بين 350 ديناراً و600 دينار بحسب مساحة البيت وسعته!
هل علم النواب بهذا الموضوع؟ ولماذا ألغي الإعفاء من دون إعلان ولا إعلام في الوقت الذي يدعي جميع النواب بوجود الكثير من الأموال المخفية التي منها أتت الزيادة على موازنة المشروعات الإسكانية؟!... ذلك أولاً.
أما ثانياً، فكلنا يعلم أن جميع الدفعات التي استفادت من القروض الإسكانية ما قبل سنتين شملها على الأقل مكرمة من مكرمات الإعفاء من نسبة لا تقل عن 25 في المئة من قيمة القروض، بينما دفعات القروض التي منحت خلال السنتين الماضيتين لم تنل شيئاً من الإعفاء ولا التخفيض أسوة بإخوتنا المواطنين الذين استفادوا من بعض الإعفاء والبعض شمله الإعفاء أكثر من مرة وبما لا يقل عن 50 في المئة كحد أدنى من قيمة القروض وهم بلا شك يستحقون أكثر من ذلك.
طبعا، آنذاك كانت موازنة الإسكان شحيحة وزهيدة أي قبل الانجاز الكبير للنواب برفعها؟! بينما الآن لم نشهد لا إعفاءً ولا تخفيضاً للقروض؟ الأمر الذي قد نستنتج منه أن الزيادة في موازنة الإسكان جاءت على حساب بعض المنافع والخدمات وهو ما يحد من الأثر الحقيقي لتلك الزيادة أو ما يفسر مصدر تلك الزيادة وعلى حساب من جاءت؟!
إنها دعوة للجميع وخصوصاً أولي الأمر ومجلس النواب المقبل والحكومة المقبلة إلى النظر جدياً في مثل هذه الأمور واحترام المواطن وتقدير فهمه وإدراكه لما يجري، والعمل على مساعدته بشكل حقيقي بعيداً عن التلاعب والتحايل الذي يسلكه البعض ويفرغ الكثير من الإنجازات والقرارات من أهدافها التي توخاها من وضع القانون.
زكريا راشد العشيري
في نهاية كل سنة وتحديداً في شهر ديسمبر/ كانون الأول تبدأ أحلام الفقراء ببث الشائعات فيما بينهم... ومن أقوى تلك الشائعات وأشدها ترويجاً هي إسقاط القروض الشخصية عن المواطنين! والغريب في الموضوع أن ترى أشخاصاً يروجون لها بشكل غريب جداً وكأنهم قد هيأوا أنفسهم تماماً لهذه المكرمة الدسمة والتي تعتبر بمثابة قارب النجاة لانتشالهم من ديون كثيرة تقع على عاتقهم! وتزداد حمى الشائعة إلى أن تستقر أخيراً وتنطفئ نارها في يوم السادس عشر من ديسمبر من كل عام! وتبقى فئة قليلة تروج للشائعة نفسها وتعيش على الأمل إلى نهاية شهر يناير/ كانون الثاني... وهذه الفئة بالتأكيد تكون معدومة جداً وتنتظر الفرج يأتي إليها في أية لحظة لإعادتها إلى التوازن من جديد في الحياة المأسوية التي تعيشها منذ سنوات بتجديد القرض كلما شارف على الانتهاء وذلك من أجل البقاء حية على هذه الأرض!
وقد التقيت أشخاصاً كثيرين ممن يحلمون ويروجون لهذه الشائعة النارية القوية وأكثرهم طبعاً من الطبقة الفقيرة، وعندما تسألهم عن مصادر هذا الخبر ومن أين جاءت فكرة إسقاط القروض الشخصية لهم؟! تجد هناك إجابة واحدة لديهم وهي أنهم قد سمعوا بذلك وأن الناس أكثرهم يتحدثون عن هذه المكرمة!
ولو نظرنا إلى هذه الإجابة بشكل عميق جداً لاستدركنا أن أكثر شعب المملكة يحلمون بإسقاط القروض الشخصية وإلا لما كانت الإجابة على هذا السؤال واحدة وهي أن هذه الشائعة روجت من (الناس) أنفسهم!... وكلمة الناس تشمل الجميع على حد تعبير هؤلاء الفقراء الحالمين.
وقد تستغرب عزيزي القارئ حينما تسأل شخصاً ما أو يفتح حوار عن قضية القروض الشخصية وتكتشف في نهاية الأمر أن من تتحدث معه لم يقترض من المصرف! تلقائياً تكون هناك ردة فعل عكسية، وكما تعلمنا بأن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة له في الاتجاه، وقد تصل ردة الفعل هذه إلى تجريدك من الوطنية بكلمات بسيطة تنطق لغرض النكتة والطرفة ليس إلا وهي (أكيد أنت مو بحريني)... طبعاً لما كان لهذه القروض من آثار سلبية على حياة المواطنين من جراء الرواتب الضعيفة وعدم وجود السكن الملائم أو بيت لكل مواطن... وهذه من الحاجات الفسيولوجية إذ يبقى أكثر الناس يصارعون هذه المرحلة وقد يموتون وهم على هذه الحال من دون الوصول إلى تحقيق الذات وهو أسمى ما يصل إليه الإنسان من تحقيق للأمنيات!
وأخيراً وليس آخراً، فإن الأحلام والآمال لا تتوقف أبدا ولو كان للإنسان أمل واحد في حياته وانتهى هذه الأمل بانتهاء يوم السادس عشر من ديسمبر مثلاً من دون تحقيق حلم الفقراء لانتهى معه هذا الإنسان تماماً، فالأمل هو كل ما يتبقى لنا في النهاية، وكما قال الشاعر:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
سامي العنيسي
العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ