"(أخ مع الأسف... أخ مع الأسف...، أين برامجكم الانتخابية)، يرد عليه النائب: (احنا ما فلحنا إلا في آخر أربع سنوات، وسأقترح تمديد الفترة لتكون فترة الدور الدور في مجلس النواب 10 سنوات)، ويرد عليه مواطن (معاناة المواطن زادت)، ويقول له نائب آخر: (نحن نجحنا في كل المواد)".
ما سبق كان المشهد الأول من المسرحية الكوميدية "النواب على الأبواب" التي عرضت على مسرح الجزيرة في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وكانت المسرحية آخر أعمال الفنان البحريني سعد الجزاف تأليفاً وإخراجاً، وبها أوقف "الجزيرة" أنشطته الفنية حتى إشعار آخر.
انتخابات باللون الأبيض
قدم الفنان سعد الجزاف عملاً مسرحياً كوميدياً مع طاقم فناني وفنيي مسرح الجزيرة من خلال مسرحية "النواب على الأبواب". وقدم الجزاف العرض بلون أبيض، اللون الذي يرمز إلى الأمل والتفاؤل والسلام، وهو لون الثوب العربية، الثوب التي هي لباس الغني والفقير.
نزل على خشبة المسرح في أول مشهد من المسرحية مواطنون عدة يرددون "قالوا انتخابات وغاصت الديرة بالصورة والكتيبات"، مظاهر الاستعداد للانتخابات كلها كانت حاضرة على خشبة المسرح، الملصقات واليافطات وتجمعات الأهالي والتصفيات والتصريحات، حتى التلفزيون لم يغب في المشهد الانتخابي على خشبة المسرح.
أعطى دخول نائبين من جانب الجمهور إلى المسرح انشداداً للجمهور والتفاتاً أكبر، نائب بلدي ونائب نيابي يعطون التصريحات هنا وهناك في كل الوسائل الإعلامية وحتى اليافطات لم تكفهم إذ كانوا يعطون تصريحات حتى على الجدران، وعود وعود من النواب فمن يصفق أكثر تحقق له الوعود.
اختزلت مشاهد مسرحية النواب على الأبواب كل المشهد الانتخابي النيابي والبلدي في دورته السابقة، فأدوار الممثلين الذين أجادوها وقدموا صورة لمعاناة المواطنين تجاه ممثليهم في المجلسين، ليردد أحد الممثلين "كل مطالب المواطنين هي مجرد طموح"، وفي المقابل مشروعات النواب تقدم بصورة بهرجة إعلامية وفي كل وسائل الإعلام، الصورة التي استخدمها المخرج على خشبة المسرح، فديكور المسرح يتكون من شاشتين للتلفزيون والجدران تعبر عن صفحات الصحافة المكتوبة ولسان المواطنين والنواب يعبران عن تصريحات النواب في الرد على مشكلات المواطنين عبر الراديو، مشهد إعلامي تلميعي وآخر بكائي قدماه فنانو مسرح الجزيرة في "النواب على الأبواب".
شمل نص المسرحية الكثير من الإسقاطات الكوميدية المضحكة والتي جعلت جمهور المسرحية ينتظرها في كل مشهد، إسقاطات سياسية وأخرى مأسوية اجتماعية وحقوقية وظفها المخرج بلون من الكوميديا الساخر على المسرح وفي زي متكامل لبسه الممثلون مع الطاقم الفني في تأديتهم لهذه الإسقاطات، جميل جداً توظيف السخرية والكوميديا في القضايا المأسوية، والأجمل منه استطاعة ممثلين في بداية طريقهم الفنية أن يعطوا لهذه الإسقاطات توظيفاً جيداً متقناً.
اعتزال الجزاف صدمة لفناني المسرح
اعتزل الفنان البحريني سعد الجزاف بعد مسيرة فنية في الإخراج والتمثيل والعمل على مسرح الجزيرة والمشاركة في الأعمال البحرينية التلفزيونية، مع أول عرض لمسرحية "النواب على الأبواب" أنهى الجزاف مسيرته الفنية التي أمتدت لواحد وأربعين عاماً من العطاء الفني، الأعتزال الذي عبر عنه عدد من فناني المسرح البحريني بإنه يمثل صدمة للمسرح والمسرحيين في البحرين.
ومن جانبه قال الفنان (سعد البوعينين): "اعتزال الفنان سعد الجزاف هو صدمة، إذ وبمجرد قراءتي خبر اعتزال عمود من أعمدة المسرح في البحرين، المسرحي والمخرج سعد الجزاف ليس بالإنسان العادي في أعمال الفنية، من أحد الذين قدموا وطوروا المسرح في المسرح، وأنا أول ما عملت في المسرح كنت أتابع لأعمال سعد الجزاف، وعملت معه كمخرج وهو لي من "خيرة المخرجين"، وأقول إنه لابد أن يعد الأستاذ سعد الجزاف عن قراره ويواصل مسيرته، وعلى رغم ان المسيرة هذه شائكة فالعزم والإرادة سيتغلب على كل العواقب، وطريق العطاء أفضل من الاعتزال فهو ممثل قدير ومتمكن". وأوضح البوعينين ان هناك الكثير من الأعمال التي جمعته والجزاف ومنها أول مسرحية يشارك فيها ويخرجها الجزاف وهي "كان يا مكان" قدمت على مسرح الجزيرة، كما جمعني معه كممثل أعمال عديدة عرضت على التلفزيون. ومن جهته أكد الفنان البحريني والمخرج أحمد الصايغ: "إن الكلام يعجز عن إعطاء كلمة للفنان البحريني الكبير سعد الجزاف"، موضحاً: "إني سررت لما سمعت عن عرض مسرحية من مسرحيات مسرح الجزيرة لأفرح، ولكني وفور قراءتي لخبر اعتزال الفنان سعد الجزاف حزنت كثيراً".
وأشار الصايغ إلى إنه تعلم الفن المسرحي من الجزاف، ومدرسته الأولى في المسرح هو مسرح الجزيرة وأول عمل له كإخراج كان مع المخرج سعد الجزاف، إن اعتزاله أرجع ذاكرته لأعمال لصايغ طوال مسيرة فنية تمتد لخمسة وعشرين عاماً، مع فنان أشتغل في المسرح ممثلاً ومخرجاً طوال واحد وأربعين عاماً.
"الجزيرة" توقف نشاطاتها المسرحية
وأعلن القائمون على مسرح الجزيرة بعراد في بيان مستقل موقع من عشرة من أعضاء ومنتسبي مسرح الجزيرة عن توقيف كل أنشطة مسرح الجزيرة الفنية حتى اشعار آخر، وتكون خاتمة أعماله مسرحية "النواب على الأبواب"، وجاء في البيان "نناشد الفنانين لحماية هذا المسرح العريق كعنصر عامل وفاعل في الحركة المسرحية البحرينية المعاصرة، ونؤيد مجلس إدارة المسرح ونقف معه لنؤكد موقفنا المساند لقراره الذي اتخذه بوقف جميع أنشطة المسرح الفنية وتعليق مختلف فعالياته الثقافية...، بعد أن وجدنا أنفسنا جميعاً إدارة وأعضاء أمام هذا الخيار الصعب... كما جاء قرار اعتزال الفنان سعد الجزاف بعد 41 عاماً من البذل والتضحية والعطاء الفني المتجدد ليؤكد ما يعانيه المسرح ورواده وفنانوه الشباب من حالة فنية مزرية يتعذر معها الاستمرار (..)"
من جانبه قال سعد الجزاف: "إن قرار توقيف أنشطة مسرح الجزيرة الفنية والثقافية لا علاقة لها باعتزاله".
وبحسب القائمين على مسرح الجزيرة بعراد قالوا إن عروض المسرحية الكوميدية الساخرة "النواب على الأبواب" 23 نوفمبر /تشرين الثاني الجاري كان آخر عرض للمسرحية، وتتوقف لتواصل العروض في نصف شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل
العدد 1541 - الجمعة 24 نوفمبر 2006م الموافق 03 ذي القعدة 1427هـ