يحكى أن رجلاً من أهل فارس قصد عالم النحو سيبويه فالتقى بجاريته وسألها عن سيدها سيبويه فقالت له: فاء إلى الفيء فإن فاء الفيء فاء – أي أنه ذهب إلى الصحراء (الفيافي) فإذا ذهبت الشمس وشارفت على الغروب عاد إلى المنزل – فتعجب الرجل، وقال إن كانت هذه الجارية فماذا يكون سيدها؟
قد يرى البعض هذا تكلفاً في اللغة ولكن كم هي لغتنا العربية فذة وقوية ولها رونقها الخاص، وعلى رغم ذلك فحينما نقف على أعتاب هذه اللغة وننظر في خفاياها، ثم نحول أنظارنا إلى وسائل الإعلام لا نعلم أين اختبأت الأساسيات اللغوية وفي أي ركنٍ انزوت. فاللغة أشبه بالبستان الكبير الذي لم يقطف منه سوى نبتات وشتلات صغيرة لإضفاء نوع من النضارة فقط.
العجب كل العجب من هذا الانحطاط الذي آلت إليه لغتنا العربية اليوم في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة منها، فلم تغب جمالية اللغة فحسب بل اختلفت الموازين، وتبدلت القواعد فيها، فقد تجد المفعول مرفوعاً، والمبتدأ منصوباً، وصار فعلاً ناسخاً قد يتبعه اسمٌ مجرورٌ. ومن المشين حقاً أن نقرأ في صحفنا العربية عموداً لكاتبٍ ما أو أن يظهر من خلال شاشاتنا العربية مذيعو النشرات الإخبارية أو مقدمو البرامج كما هو الحال حين يرتقي رجلُ دين منبراً أو منصة ليخطب في جماهيره وجميع أولئك غارقون في وحل اللغة فاقدين لأساسياتها ومبادئها عابثين بالمفردات وتشكيلها ليخلقوا لهم لغةً جديدةً محرفةً ستبدو تبعاتها جلية على الأجيال القادمة.
لا عزاء للغتنا اليوم، الأخطاء الشائعة فيها صارت أنموذجاً يحتذى به، إنني لا أبرئ ساحتنا كعربٍ وكإعلاميين فجميعنا مذنبون حينما نقتبس أو نستخدم أساليب ومفردات لا نعلم أصلها ومصدرها ولكن كل اللوم والعتب في ذلك يقع على كاهل صناع اللغة وجهابذتها، فالأخطاء التي بتنا نتداولها فيما بيننا اليوم وفي شتى وسائل الإعلام على أنها لغةٌ سليمة قد ترعرعت وثبتت في معاجمنا منذ أن تجاهلها، أو غفل عنها أولئك العلماء.
في ختام القول أبث همسةً لكل عربي، لكل باحثٍ ومفكر، ولكل إعلاميٍ وكاتب، قرآننا الكريم تلك المعجزة الخالدة كنزٌ زاخرٌ بأجمل وأرقى الأساليب الأدبية واللغة الرصينة الرفيعة التي لو أخذنا جزءاً من فتاتها لتباهينا بلغتنا بين الأمم كذلك علي ابن طالب عليه السلام مدرسةً كبيرة في البلاغة والأدب، وحياتنا مليئة بالنماذج التي لو سرنا على خطاها وحذونا حذوها لأنقذنا لغتنا العربية فلا تضيعوها فتكونوا كمن يقتل القتيل ويسير خلف جنازته.
زهراء العسبول
طالبة إعلام
دمية كاملة الإتقان تفاصيل روعتها معجزة.
خاوية من الداخل مجرد هواء... وعتمة.
ننبهر بخفتها وجمالها... نلعب بها لمدة محدودة ثم ترمى في رف الإهمال ويعتو بها الزمان ويحث فوق روعة جمالها الغبار... وننساها... وننسى حتى إن كنا يوماً من الأيام نتوق إلى اللعب بها.
هكذا أنت يا فتاة... فلا يطغيك جمالكِ الخلاب... ولا للذة مبسمكِ الشفاف ولا انحناء جسدكِ الرنان... كنتِ مجرد لعبة امتلكتها بين الكم الهائل من مجموعة ألعابي.
ثم بكت... تصدعت... وهامت في قفار الذل والاحتقار وحدها بلا زاد من العفة ولا شراب من الكرامة.
أيفعل بابنة العز والدلال أن ترفض وتستحقر... ترفض أو ترد.
عزمت على تحطيم ذله وقهره أو حتى سحق حياته بكعب حذائها المستورد من متاجر فرنسا.
ثم تحلت بالصبر القاطع وتجاهلت الحكم واستأنفت حكمه عليها... وانتظرت أن تقضي فيه بما يستحق من العدل.
راقبته... ترصدته... وخططت وقد آن أوان تنفيذ حكم إعدام حياته في نظرها... ومازال صدى حديثه يطرق سمعها وما أقسى أن تهان المرأة في شرفها وتذل. حين تتنازل بكل ما تملك في سبيل من تحب تعتقد أنها تمنح حبها ما يستحق أن ينال.
اليوم يومه الكبير عقد قرآنه على فتاة اختارها بكل عناية فتش عنها بين المتبرجة والكاسية والحاسرة... واختار أن تكون مختلفة كلياً عن جميع من عرفهن... محجبة بالكامل متدينة ربة منزل فتاة بسيطة لا يعرف طرف عينيها أكثر من أبعاد أسوار منزلها.
تزينت وتعطرت وقد زاد سحر عينيها وهي تبرق بالانتقام... سارت نحو القاعة كأنها هي العروس المنتظرة... وقفت تنتظر دخول العروسين للقاعة.
زف على عروسته ووقف يستقبل المهنئين بسرور اعتقد أنه لن يزول للأبد.
وطلت بسحرها الأسود تخطو ببطء في ممشى القاعة... وانبهر الحضور وانصرفوا بأنظارهم عن العروس إليها... فهم بسطاء ما يرونه أمام ناظرهم لم يشاهدونه إلا في عروض الأزياء في أسبوع الموضة على شاشة التلفزة.
شعرها الطويل الأسود المتعرج بكل فخامة فستانها الطويل الأسود أم عيناها ولون بشرتها... أم شفتاها الصارختان بالروج الأحمر... تهامس البعض مستغرباً والآخر مستنكراً... أما البعض فقد فتحوا أفواههم وتجمدوا.
شعرت العروس بنار الغيرة تتأجج
همست في أذن شقيقتها: من هذه
لا أدري ربما صاحبة أهل المعرس... تهامست شقيقات المعرس فيما بينهن: من هذه.
تقدمت ببطء ومدت يدها للعروس، قبلتها ثم أدارت بوجهها نحو المعرس وكأنما فوق رأسه الطير، لكنها لم تكتفِ... بل أدارت بوجهها نحو العروس وضمت أصابعها العشر وقالت: لم تعرفيني... أنا صديقة زوجكِ... ألف مبارك.
حواء الأزداني
لـَـكَ مُـطـْـلـَقْ الحُريَّـة ْ
فاخـْـتـَـرْ ما يَحْـلو لـَـكْ
فأنا كُـلـِّي ديمقراطيَّـة ْ
فاخـْـتـَـرْ
بَيْنَ المَـقـصَـلة أو صَـلبُـكَ دَلـْدَلـَة ْ
مِـنْ أعـْلاكَ وََرَأسُـكَ أسفـَـلـَهْ
أو خـَصْـيُـكَ مَهزَلـَـة ْ
أو الفـَيْـلـَـقـَة أو المَـشـْـنـَقـَة ْ
أو خـَلِـيِّـة إرْهابـِـيَّة ْ
أو العُـبوديَِّـة ْ
يا أيُّـها الإنسانْ
***
إنـِّي كـُـلـِّي احتِـرامْ وانسِـجامْ
بالكـَـمالْ والتـَّمامْ
رَغـَد العَـيش عندي نـَديمُ ُ ومُدامْ
ولكنْ أعـْـصابي
آهٍ مِـنْ أعـْْـصابي
تـُثيرُ في داخلي رَغـبَـة الاِنتِـقامْ
جُـلَّ هَـمِّي أن ُأحيلـُكَ إلى حُطامْ
إنـِّي أخيِّرُكَ بينَ المُـؤبَّـدْ والإعدامْ
فاخـْـتـَـرْ ما يَحـْـلو لـَـكْ
يا أيُّـها الإنسانْ
***
في يَـدي لـَحْـمـًا عَـفِـنْ
وفي الثانية صَـولجانْ
في يَـدي مَطرقـَـة ْ
وفي الثانية سِـندانْ
تحت إمرتي
ذئابْ وثعالبْ وكلابْ
وغـُربانْ
مِـنْ الإنسْ والجَـانْ
وَشـَـتـَّى أنواعْ الأحزانْ
فاخـْـتـَـرْ ما يَحْـلو لـَـكْ
يا أيُّـها الإنسانْ
***
عندي كـُـل أنواع الــِّزنزانات
بكـُـل المَـقاسات لكـُـل المَـقامات والهَامات
وكـُـل الأثقالْ والأوزانْ
والأشكالْ والألوانْ
فاخـْـتـَـرْ ما يَحـْـلو لـَـكْ
يا أيُّـها الإنسانْ
***
عندي كـُـل أنواع السَّـلاسلْ والقــُيودْ
لكـُـل الأفكار المُبدعة لكـُـل العُـهودْ
فأنا ديمقراطيُّ جـدًا ولأبعَـدْ الحُـدودْ
يا أيُّـها الإنسانْ
***
لديَّ جَـواسيسْ وعُـيونْ
بلا أحَـاسيسْ تـُعَــِّذبُ بجُـنونْ
تعلم ما تـُخبِّـئـُهُ مُـقـلتاكْ تحتَ الجُـفونْ
باختصارْ..
أنا مَنْ يَهـِبُكَ عُـمْـرُكْ
ُأحَــدِّدُهُ لـَـكَ.. كـَمْ ليلة وكـَمْ نـَهارْ
باختصارْ..
أنا مَـنْ يُـقـَرِّرُ مَوتـَـكْ
وأختارُ لـَـكَ طريقة َحَـتـفـَـكْ
َأحْـقِـنـُكْ حتى تـَـنهارْ
أو أرميكَ برصاصي في رأسِـكْ
أو أسحَـقــُـك بحِـذائي رَغمـًا عَـن أنفـُـكْ
أو أجبـِرُكَ على الانتِـحارْ
يا أيُّـها الإنسان
***
باختصارْ..
أنا لـَـكَ الحاضرْ والمُستـَـقـبَـلْ
تـَـقـبَـلْ أو لا تـَـقـبَـلْ
فإن تـَـقـبَـلْ فأنتَ الأوَّلْ
ورأيُـكَ الأفضـَـلْ وحُـكمُـكَ الأعدَلْ
أوْ لا تـَقبَـلْ فإلى الدَّركِ الأسفـَـلْ
باختصارْ..
أنا لـَـكَ المَـلبَـسْ والمَـأكـَـلْ
فإن تـَـقبـَـلْ
فالخـَيرُ قد أقبـَـلْ
وألبستـُكَ الأجمَـلْ
من الحَرير والمُخمَـلْ
وأطعمتـُك اللـَّـذيذ الأشكـَـلْ
من المَنِّ والسَّـلوى والحَـلوى المُعَـسَّـل
أو لا تـَقبَـلْ فإلى الأسفـَـلْ
مع الأحوَلْ والأثوَل يا مُغـَفـَّـل
فاختـَـرْ ما تعـمَـلْ. .وانظـُـرْ ما أفـعَــلْ
باختصارْ..
لا عَـيْـبَ عندي .. ولا عَـارْ
يا أيها الكـَحْـيانْ
***
أنا البُهتانْ والطــُّـغيانْ والآثامْ
أنا تـَـعبانْ.. لا أنامْ
سـُأهشـِّمُ أضلاعَـك
وُأقطـِّعُ أطرافـَـك
وأفرُمُ عِـظامَـك
وأحتسي دِمائـَـك
عَـلـَّـني... عَـلـَّـني... يومـًا أهزمُ أفكارَكْ
فأنا لا أحتمِـلُ البَـتـَّـة أمثالـَـكْ
يا أيُّـها الإنسان
رياض حميد صنقور
مغرم وأحبك وأنت جنبي
مغرم بيك يا حياتي
أنت الوحيد، بس حبي
أمدح فيك في أبياتي
ما غيرك شمعة في دربي
أصوت عليك يا غناتي
أحبك وحق ربي
وأوفي إلك بذاتي
أغار عليك وايزيد نحبي
وأنا خايف ما أباتي
أنت وحي وأنت قلبي
بعد للأبد فيك أحاتي
أنت لي الماي وأنت شربي
ما غيرك يا حياتي
ما أظن ترتاح له عقبي
ما أفارق للمماتي
جميل صلاح
بعدما أتقن الباري عزّ وجلّ خلقه من نطفة ثم علقة ثم مضغة، بكرمه على عبده، ولا يريد منا جزاءً ولا شكوراً سوى احترام هذه الخلقة وصونها، وتربيتها تربية صحيحة بما يرضيه.
وبعدما حملت حملاً خفيفاً فمرت به بعد المعاناة المريرة والآلام المهولة، والتي تفضي أحياناً إلى مفارقة الحياة أثناء الطلق.
فإذا شرفوا وجه هذه الدنيا أحياءً فهنيئاً لأبويهما، وإذا استقبلتهم الدنيا أمواتاً، ولم يكملوا نصابهم من العمر من غير علة أو مرض يذكر بشهادة الطبيبة، سوى دخان مسيل الدموع، فما هو شعور الوالدين في هذه اللحظة الحاسمة، ألن يقعوا في موقف مؤلم لا يحسدون عليه، ويسودّ جمال الدنيا في أعينهم؟
كم من الأجنة البشرية البريئة أسقطت من أرحام أمهاتها من دون أن يكتمل نصاب العمر؟
عند ذهابك إلى المقبرة ستجد هنالك البرهان والدليل، حيث قبور ا?جنة بدت في تكاثر ملحوظ مذهل مقارنة بالسنوات الماضية.
كل ما نتمناه ونطمح إليه هو صفاء الجو ونقاؤه، والمحافظة على العنصر البشري، الذي نعتبره هدية ونعمة وافرة من نعم الله أسبغها علينا من دون مقابل.
مصطفى الخوخي
طالعتنا صحيفة «الوسط» بتاريخ (19 مارس/آذار 2013م)، العدد رقم (3846) بالعنوان المؤثر: «مخالفة عمالية تتسبب بقطع مصدر رزقه، وتكلفه غرامة مكلفة مع السجن إذا تخلف عن سدادها»، فالمواطن ينشد الإنقاذ من تورطه في مخالفة عمالية، حيث فرضت عليه غرامة مالية تقدر بمبلغ 5000 دينار.
الواقع إننا في البحرين نعاني من سنّ قوانين مجحفة وغير منصفة للمواطن، وقد تكون غير مرنة في التعامل معه، ولكنها مع الطرف الثاني (العمالة الهاربة) قد تحنوا عليهم حنان الأم العطوف، فقد يعفى العامل الهارب عند ضبطه من الرسوم والغرامات والضرائب، وقد يطلب له تذكرة سفر لمغادرة البلد، إذا لم يُلزم بها الكفيل، فلماذا هذا التفاوت في المعاملة؟
وغير خافٍ أن كل مؤسسة تضبط في تشغيل عامل غير محسوب على المؤسسة، يفرض عليها غرامة مالية 1000 دينار عن كل عامل، وهكذا تتضاعف الغرامة بعدد العمال.
وهنا تساؤل، لماذا لا تقسم هذه الغرامة مناصفة بين الطرفين، بين المؤسسة والعامل الهارب، حيث يعتبر الطرفين مخالفين للقانون؟ ولماذا لا نكون مرنين في بداية الأمر، ثم التدرج في العقاب القاسي شيئاً فشيئاً ؟
كفرض غرامة مبلغ 300 دينار لأول مرة، ثم 600 دينار للمرة الثانية، ثم 1000 دينار للمرة الثالثة، ثم اتخاذ الإجراء الرادع، على أن يكون في الحسبان عدم إفلات الطرف الآخر من العقاب ليكون عبرة لمن اعتبر، ومن هنا يمكننا القضاء على ظاهرة الهروب.
عبدالحسين جعفر إبراهيم عباس
إلى التي تحملت الآلام عن رضا وسعادة، إلى التي فاق حنانها قدرات البشر لتمنحني طريقاً طويلاً من الأمل في وسط بحرٍ من اليأس، إلى التي ألهمتني النور في الحياة كي لا أضل طريقي نحو النجاح... إلى أول من رأيت عندما أبصرت في الحياة... إلى التي حمل النسيم عبق أنفاسها ليداعب روحي ويشعرها بالأمان والرضا... إلى التي علمتني كيف أنطق اسمي، وكيف أكتبه وأقرأه. إلى التي نزفت جراحها ينابيع كي توفر لي الراحة... إلى التي غسلت وطبخت وغزلت الخيوط بجوار بعضها كي تصبح ملبساً أنيقاً أرتدي، إلى التي منحتني حياةً كريمةً لم أصادف فيها يوماً الخوف من المستقبل المجهول أو القلق على الحاضر... إلى التي أعطتني من صبرها ما يعينني على تعلم ما أجهله وقوتها ما يعينني على مصاعب الحياة... إلى التي غمرني حبها وحنانها في الصغر والكبر.
إلى التي فعلت كل ذلك وأكثر... ولم تنتظر أجراً على ذلك، بل فعلته من أعماق قلبها وبكل رضاها وقناعتها. إلى أمي... أرسل باقة من الحب والدعاء والعرفان بالجميل، ويا ليتني أستطيع رد هذا الجميل.
أحمد مصطفى الغر
العدد 3870 - الخميس 11 أبريل 2013م الموافق 30 جمادى الأولى 1434هـ