قرر فلورنتينو بيريز التعاقد مع جوزيه مورينهو لتدريب ريال مدريد العام 2010 لرغبة رئيس النادي الإسباني الشديدة في إحراز اللقب العاشر في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بعد غياب منذ 2002.
وسعى بيريز (66 عاما) - الذي أنفق 400 مليون يورو (514 مليون دولار) من أموال النادي على ضم لاعبين منذ عودته لرئاسة ريال مدريد في 2009 - أيضا لإنهاء هيمنة برشلونة الغريم اللدود لفريقه على الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا.
وفي ظل إشارته إلى مورينهو بوصفه «أفضل مدرب في العالم» أثناء تقديمه بدا أن بيريز ربما يكون قد وضع نفسه في مأزق فهل حدث ذلك بالفعل؟
لقد تقرر رحيل مورينهو قبل 3 سنوات من نهاية عقده بعد موسم بلا ألقاب وصفه المدرب البرتغالي نفسه بالموسم «الكارثي» في نهاية لفترة شهدت فرقة وصراعات بالإضافة إلى جدل محتدم.
لكن بينما يبدو مورينهو في طريقه إلى تشلسي الإنجليزي فإن رحيله ليس سببه عدم تحقيقه نجاحات كافية على المستطيل الأخضر.
وسيواجه من يتولى المسئولية خلفا لمورينهو تحديا بالتعامل مع تشكيلة من اللاعبين تعاني من الفشل في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا والكأس المحلية.
وواحدة من المهام العاجلة لخليفة مورينهو هي إعادة دمج لاعبين مثل القائد إيكر كاسياس والمدافع بيبي - وكلاهما اصطدم بمورينهو وأبعد عن المباريات - في الفريق وفي الوقت ذاته إقناع اللاعبين أصحاب المواهب بعدم الرحيل مع المدرب البرتغالي.
كما سيتعين على المدرب القادم - الذي يتوقع كثيرون أن يكون مدرب باريس سان جيرمان كارلو أنشيلوتي - العمل على تهدئة مشجعي ريال مدريد الذين يطالبون الفريق بتقديم عروض ممتعة وفي الوقت نفسه إحراز ألقاب.
وعلى رغم أن ريال مدريد تحت قيادة مورينهو كان فعالا بشدة في الهجمات المرتدة بفضل كريستيانو رونالدو ومسعود أوزيل وأنخيل دي ماريا الذين يتمتعون بالسرعة إلا أنه كثيرا ما يتم انتقاد المدرب لاعتماده على خطط سلبية وخصوصا عندما يكون الفريق متقدما.
ومثال واضح على ذلك ما جرى في كأس الملك الجمعة الماضي عندما خسر ريال مدريد أمام اتلتيكو.
فبعد تقدمه 1/صفر في المباراة النهائية وبدلا من الضغط من أجل إحراز الهدف الثاني ليصعب المهمة أكثر على منافسه تمكن الغريم اللدود اتلتيكو من العودة إلى أجواء اللقاء والفوز 2/1 وهو أول نصر على ريال خلال 14 عاما.
ويرى خبراء في التسويق أن مورينهو تسبب في إلحاق الضرر بصورة ريال مدريد بوصفه مؤسسة حيث التعامل الراقي سواء عند النصر أو الهزيمة.
وقام بيريز بتعيين مورينهو «مديرا للكرة» بالإضافة إلى عمله كمدرب للفريق الأول وهي خطوة غير مألوفة بالنسبة للأندية الإسبانية إذ يتم تحجيم صلاحيات المدرب وكان مسئولا عن تطوير «منتج كرة القدم».
وتتطلب الإستراتيجية التسويقية الناجحة في المقام الأول تحقيق نجاح في أرض الملعب لكن يجب أيضا دعم صورة النادي المقبولة لدى المشجعين الحاليين وتشجيع المزيد منهم على استثمار وقتهم وأموالهم.
ويبدو أن مورينهو فشل في المهمتين وحدثت سلسلة من الوقائع المثيرة للجدل طوال أعوامه الثلاثة في قيادة ريال مدريد.
ومن ضمن الوقائع المثيرة للجدل تسلل مورينهو خلف تيتو فيلانوفا بينما كان الأخير مساعدا لمدرب برشلونة ووضع إصبعه في عينه وتكرار الشكوى من تحيز الحكام ضد فريقه واشتباكه مع الصحفيين ومسئولي النادي والتلميح بأن برشلونة يلقى معاملة تفضيلية من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
كما كان أثر البرتغالي عاصفا، كما كان متوقعا، بين لاعبي ريال مدريد. في بدايته أقنع اللاعبين بأن المواجهات ضد برشلونة تتعلق بما هو أقل بقليل من الحرب، وأدان إيكر كاسياس بعد قيام الحارس بالاتصال بزافي هيرنانديز لتهدئة الأجواء بين لاعبي الفريقين الأهم في إسبانيا، ودخل في صفقات مثيرة للجدل مثل الأربعين مليون يورو التي دفعت مقابل ضم الظهير فابيو كوينتراو.
ويوم الجمعة الماضي طرد الحكم مورينهو أثناء الشوط الثاني من مباراة اتلتيكو مدريد بعد حديث غاضب كما رفض تسلم ميدالية المركز الثاني من ملك اسبانيا.
وتختلف شخصية انشيلوتي تماما عن مورينهو ولديه سجل رائع إذ فاز بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم مع ميلان عامي 2003 و2007 وخسر أمام ليفربول في نهائي البطولة العام 2005.
لكن انشيلوتي معروف عنه أيضا تكوين فرق تنفذ الهجمات المرتدة ببراعة لكنها أحيانا تلعب بخطط سلبية وهو أمر لن يروق لجماهير ريال مدريد.
لكن بعد الصدام والجدل إبان حقبة مورينهو ربما يكون انشيلوتي هو ما يحتاجه ريال مدريد لاستعادة الهدوء والفوز أخيرا باللقب الأوروبي العاشر.
العدد 3910 - الثلثاء 21 مايو 2013م الموافق 11 رجب 1434هـ