نعم المرأة تلك
ربما لا تكون أسطري جديدة في التعبير عن نضالها وصمودها... وربما قد سبقني البعض في تناول قوة وعظمة هذه الشخصية، ولكنني سأعيد وأكتب بشرف عن هذه الفارسة لأن في قلبي حرقة وألما مازالا يغليان من أجل هذا الوطن والمواطن.
ربما تسألون من هي تلك؟ ولماذا كل هذه المقالات والشعارات تتحدث عنها؟!... قد يثيركم الشعور داخلياً لمعرفتها، هل تعلمون السبب؟! في الحقيقة الجميع كان ينتظر صوتا جريئا يعبر عن آماله وآلامه ويغير صفحات من هذا الوطن التي قد تلوثت بداء الطائفية السوداء وداء الفساد المعمور في هذا المجتمع.
منيرة فخرو... هي من أعظم النساء التي قد لا تتكرر في زمن الرتابة وأكل القوي الضعيف، إذ إن برامجها الانتخابية كانت من أقوى البرامج الذي ركزت على 14 قضية كبرى تهم المواطن وتؤثر على حياته هو وأسرته... الموازنة، الإسكان، التعليم، الاقتصاد، الصحة، البطالة، الفساد الإداري، المرأة والأسرة، الشباب، الفئات الخاصة، التقاعد والتأمينات، التجنيس السياسي، الإصلاح الدستوري والبيئة... كانت من أهم النقاط التي تنوي إيجاد حلول لها في دستور 2006 لتضمن العيش الكريم للمواطن الذي كان ينتظره من سنين طوال.
أضخم الحشود كانت تتوجه إلى مقر منيرة فخرو الانتخابي وتزداد يوماً بعد الآخر... يأتون من دوائر أخرى لسماع كلمة تنطق بالحق وتدافع من أجلهم، متمنين لو كان القانون يسمح لهم بالتصويت لها على رغم أنهم من دوائر مختلفة.
واقتربت الأيام وجاء يوم الحسم لعله يبشرنا بنتيجة إيجابية نرضاها... لكن جاءت النتائج متقاربة وخبرتنا الصحف بأنه يجب الحسم في تلك الأصوات بالإعادة ...وبعد ذلك قدر الله وما شاء فعل.
لكن ما أبهرني حقاً روحها الرياضية التي تقبلت النتيجة بكل رضا وعزيمة، فصمدت شامخة قوية كالحديد، لا تنكسر، فيكفي منيرة حب الشعب لها وحبها للشعب، إذا التفت عليها الجماهير هاتفة بها ومحبة إليها (منيرة نورت لنا الديرة)، فكانوا أسرة واحدة، عائلة واحدة، قلبا واحدا. فبوجود منيرة مازالت الدنيا بخير، ومازالت منيرة أمام منتظر الطريق والشعب ينتظر معارك مقبلة حتى ولو لم تكن صوتاً من الداخل فهي صوت قوي من الخارج يعبر عن آلام الشعب بالتآزر والتعاون والتعايش والتكاتف ولن ينطفئ غليله وتعود حقوقه إلا بفرسان وفارسة مناضلين لا بالمناصب والكراسي.
منيرة شخصية عظيمة أثارت في نفسي دافعا قويا أتطلع فيه إلى حقوقي وواجباتي السياسية تجاه وطني معبرة برأيي... بنعم للوحدة الوطنية ولا للطائفية البغيضة.
ترحل أيام وتأتي أيام وقد تتغير سوالف المقاهي والبيوت عن مجلس النواب، ولكن الشعب سيكون على وعي بمن دخل البرلمان بنضاله وجهاده ومن دخله لأجل كرسي ومنصب. شخصيات صلبة مناضلة قوية قد لا تتكرر غالباً... فنعم المرأة أنت... ولك كل التحية والتقدير.
فاطمة عمار علي
غنيته وطني... غنيت عن رَشَدٍ
وكنت أعلم أني بالغ رشدي
لم يضحك الشيب إلا فوق تربته
ولم تطل قامتي إلا على عَمَدِ
وعين رأسي... متى جال الجمال بها
فإنها كحلت من تربة البلدِ
وكل عينٍ يُضيع النومُ فرصتَها
دون المحبة للأوطان في رمدِ
صويحبي إن هذي الدار عامرةٌ
والحب فيها كلحن الطائر الغَرِدِ
صويحبي قم بنا نحصي ضفائرها
حتى نذوب كذوب الشهد بالبردِ
أما ترى العشق يمشي حول خيمتنا
ويركض الشوق فيها غير منفردِ
والبدر والفجر... والشطآن غافية
على سناها... وشمس الصبح لم تكدِ
هذي جدائل من نهوى... تزاحمها
قلائد... وهي تحبو من يدٍ ليدِ
تعدو عليها رياح غير عاتية
فتنجلي عن بحيراتٍ من الشَهَدِ
وشاهدي ليس أقوالاً مهلهلة
فالنطق في ساحة التأريخ كالسندِ
كلؤلؤ البحر... أنَّى شئت تقلبه
يبوح بالفرق بين الدر والصفدِ
فالناطق الضاد... في اصلاب نخلتنا
كالناطق الضاد في انشودة البلدِ
ما اروع الخطو... ينمو في طرائفنا
يمتد ظلاً على آمالنا الجددِ
يا موطني... أنت مهد للأولى فطنوا
وأنت قيثارة في يومناوغدِ
أراك ملء عيوني في تقلبها
وإن نأيت... فأنتُ الروح للجسدِ
محمد حسن كمال الدين
من يقرأ العنوان يظن أنه سيقرأ قصة بوليسية ولكن هذا حالنا، وسبق أن كتبت عن هذا الموضوع وهو أننا من سكان مدينة زايد من جهة هورة عالي نواجه مشكلة الكلاب الضالة التي لا تخرج إلا في الليل لتقلق منامنا وراحتنا نحن وأهلينا وأبنائنا وذلك بكثرة النباح ولا نعرف من المسئول عن هذا الأمر لعله يقرأ هذا المقال فيريحنا من تلك الكلاب.
وأمر آخر... كانت هناك محاولة منذ أيام قليلة من مجموعة من الشباب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية للاعتداء جنسياً على أحد أبناء المنطقة ولكن بعد محاولته المستميتة لدفعهم أخذوا يضربونه ثم تركوه.
أقول... أين شرطة المجتمع؟... أين دورية الشرطة آنذاك وهذا الطالب الذي تم الاعتداء عليه بالضرب في سن 14 إلى 15 سنة وقد استطاع أن يدافع عن نفسه ونجا بجلده من هؤلاء، ولكن الخوف على أبنائنا الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة كيف يمكن أن نأمن عليهم من هؤلاء الأشرار؟! يجب أن نقف وقفة جادة ونضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه الاعتداء على الأعراض وفي وضح النهار، إذ إن من أمن العقوبة أساء الأدب.
أرجو من الأب والأم لهذا الطالب ألا يتنازلا عن حقهما أمام مركز الشرطة لأن هذا قد يؤدي إلى تكرار المشكلة مع أي من أبناء المنطقة الصغار، وهذا ما يسبب تعرضهم للخطر مرات ومرات، وهذا قد يحدث في أية منطقة أخرى في البحرين إذا لم يتم تدارك الأمر وتم تجاهله والاستهانة به، ولم تتخذ الإجراءات اللازمة حيال هذا الأمر ولكي يرتدع هؤلاء وغيرهم وإلا فلن ينفع الندم.
عبدالله يوسف
الظلم أحد أبناء العصبية! إذ تثمر العصبية ثمرة الظلم المرّة: ظلم النفس وظلم الآخر! يعمى المتعصب عن أخطائه وأخطاء من يتعصب له... فيفقد الرؤية الواضحة والإدراك السليم والتفكير الواعي، فيتهم من دون بينة ويظلم ويتجنى ويفتري من دون وعي حينا، وعن عناد أحيانا كثيرة فيقع في الموبقات والمهلكات وربما قتل نفسا بكلمة أو إشارة خرجت من شهوة عصبية. كما يفقد المتعصب (الجاهل) الحياد والإنصاف فيسبغ على من يتعصب له لبوسا من التقوى والكمال والعفاف فلا يرى له عيبا ولا منقصة ولا زللا.
إبليس كان أول المتعصبين وإمام المتكبرين... يقول تعالى: «وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا، إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا» (الإسراء: 61).
ويذم نبينا الأكرم (ص) العصبية بقوله: «من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية»، ومن ذلك ما ذكره المؤرخون انه قد حدث بعض الخلاف بين الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري (رض) وغلامه الأسود، فزلّت لسان أبي ذر و عيّر غلامه بقوله له «يا ابن السوداء»، فشكا الغلام إلى رسول الله (ص) فغضب الرسول (ص) و قال لأبي ذر: أعيّرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية (أي خصلة من خصالها التي قضى عليها الإسلام)، فما كان من أبي ذر إلا أن رمى عمامته على الأرض وعفّر وجهه بالتراب أسفا وندما وطلب من غلامه أن يدوس على خده ليغفر له الله تعالى زلته ويرضى عنه النبي (ص).
يقول أمير المؤمنين (ع) في إحدى خطبه ذاكرا فيها عصبية إبليس: «ولقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمين يتعصب لشيء من الأشياء إلا عن علة تحتمل تمويه الجهلاء، أو حجة تليط بعقول السفهاء غيركم، فإنكم تتعصبون لأمر ما يعرف له سبب ولا علة، أما إبليس فتعصب على آدم لأصله، وطعن عليه في خلقته، فقال: أنا ناري وأنت طيني، وأما الأغنياء من مترفة الأمم فتعصبوا لآثار مواقع النعم، فقالوا: «نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين».
أما الإمام زين العابدين (ع) فإنه يتعمق في شرح العصبية ويضع مقياسا لنوع العصبية بقوله: «العصبية التي يأثم صاحبها عليها أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن العصبية أن يعين قومه على الظلم».
إن الإنسان إذا تعصب لنفسه رفعها فوق الآخرين وميزها وفضلها من دون وجه حق، وإن تعصب لقومه فضلهم ونصرهم ظالمين أو مظلومين.
ومن ذلك فإن العصبية تعمي عن رؤية الحق بل وتحض على كتمانه إذا رؤي، وتنكر المحاسن وتبدي المساوئ والمثالب وربما ابتدعتها وافترتها على المخالف، والعصبية العمياء تنم عن الجهل لأن المتعصب لا يرى إلا طريقا واحدا ولا يسمع الا صوتا واحدا فكأن عقله صخرة صمّاء وكأن في داخله صنم يعبده.
فلا تجد للمتعصب مدخلا تدخل إليه منه نصحا أو زجرا، ترغيبا أو ترهيبا، كما أن المتعصب (قبليا أو طبقيا أو مذهبيا أو قوميا) لا يمكن أن يتقبل الآخر، وإذا زعم انه يفعل فإنه يكون مضطرا وواقعا تحت بعض الأسباب كالخوف أو المصلحة التي قد ترتفع فتحين الفرصة للانقضاض والفتك!
كما أن المتعصّب له إذا كان حيا موجودا، وإذا كان إنسانا غير سوي فإنه يصاب بداء العظمة وتضخم الذات فيمتلئ كبرا وغطرسة فلا يرى من حوله إلا قشورا ومخلوقات وضيعة فيتصرف كأنه إله وكأن الأرض والعباد ملك له.
وإن العصبية لتفتك بالضمير والإنسانية فتهلك الحرث والنسل وليس أدل على ذلك مما قام به هتلر من حروب ودمار عن عقيدة وعصبية، فهو يقول في كتابه «كفاحي» «سيصل التاريخ في ألفية جديدة إلى أوجه تتسم بعظمة لا مثيل لها و تستند إلى تسلسل جديد للأجناس تقرره الطبيعة ذاتها «... كما يقول في موضع آخر: «إن الجنس الأعلى يُخضع لنفسه الجنس الأدنى، وهو حق نراه في الطبيعة وهو الحق الوحيد القابل للإدراك».
كما أن أوضح صورة للعصبية القومية العمياء ما ينادي به البعض من تخليص صدام حسين (العربي) من المحاكمة والدفاع عنه، فقط لأن الأميركان (الفرنجة) هم من قبضوا عليه، فصار صدام يمثل شرف الأمة وعزتها وكرامتها!
جابر علي
كم كنت أسأل كثيرا ما الخصوصية التي يتمتع بها الشهيد لكي يبلغ أعلى المراتب عند الله؟ كيف يكون عند الله حيا يرزق؟ لا أدري كيف أصف حياته؟
حياته أسمى من حياتنا وبقاؤه أرقى من بقائنا، اختار له الله موتا شريفا وجازاه بحياة أبدية ورزق سرمدي، وحياته من علم الغيب إذ لا يمكننا أن نتصور هذه الحياة بأي حال من الأحوال لكننا قد نتلمس شيئا من آثارها... آثار حياته الغيبية على حياتنا غريبة عجيبة حتى كأنها من نسج الخيال أو رؤية ولي صالح، حياة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر.
لا أدري كيف أصف حياته؟
لعلي أتوصل لوصف حياته بوصف حياة من يحيون بوفاته، هؤلاء الذين بدم الشهيد يتنفسون، ومن نظرة إلى جسده الطاهر يثورون، وتنبض فيهم روح العزة والحمية، ويدفنونه لكن بدفنه تحيا وتقوى عزائمهم ويصبح دمه الطاهر وقودا لمسيرتهم، دمه غير دمائنا ففي كل قطرة منه حياة تكفي آلاف البشر، يدخره الله وينثره في قلوب أوليائه حتى ينتفض في قلوبهم ويستثمرونه في مواصلة مسيرة الحق.
لا أدري كيف أصف حياته!
فحياته تجعل الراجعين من مواراته الثرى كأنهم مقدمون على حرب هم أسودها. نعشه يمثل لهم جذوة لن تنطفئ يستقون منها قيمهم، ويمثلونه بشموع يضيئونها، فالشمعة تضيء وتبدد الظلام وتنير الطريق وكذا النعش الطاهر فهو يبدد ظلمة الجور والاستبداد ويضيء طريق الثائرين.
آه يا شهيد، نبكيك دما قبل الدموع، ودمعنا لا يجف وإن جف فإنه ينتقل من أعيننا ويصب في قلوبنا ليصبح مخزونا نستقي منه قيمنا في السلم وقوتنا عند مواجهة الأعداء، وإن روحك الطاهرة بغيب الله تلف أرواحنا وأجسادنا.
استيقظت كلماتي مذ ذرفت عيني أول دمعة عندما رأيت شهيد المعارضة اللبنانية الأول أحمد محمود وهو يوارى الثرى، فالصرخة تبعث في النفس العزيمة والدمعة تولد في الصدر حرقة وتملأ القلب غلا على العدو وتقرب زمن النصر التي وعدت به الأمة... جنازته جمعت قلوب لبنان، وطوائف لبنان، وأديان لبنان وأعراق لبنان.
ثلاث ليال هن... ليلة كان فيها الشهيد أحمد محمود على قدميه في ساحة رياض الصلح يشارك إخوانه وأصدقائه الاعتصام المفتوح لإسقاط حكومة السنيورة، وليلة نعشه مسجى أمام المنصة والقيادات يلقون خطاباتهم وأيديهم تقسم على جثمانه الطاهر الملفوف بعلم لبنان... وليلة أمست فيها ساحة رياض الصلح خالية من قدمه وخالية من صوته و خالية من حرارة جسده، وصار من في الساحة كلهم أهله، كل يضيء شمعة لأحمد، وصارت صورته مشعلا تشرأب لها الأعناق .
كل المعتصمين تفاعلوا مع استشهاد أحمد وما شدني وأنا أتابع هذه المناظر أن أرى فتيات وهن يحملن الورود والرياحين وكأنهن يزفن عريسا إلى عروسه، فهنيئا لك يا شهيد بالشهادة وهنيئا لك لما حباك الله من كرامة في الدنيا والآخرة، رحمك الله ورحم شهداءنا الأبرار.
علاء الملا?
العدد 1564 - الأحد 17 ديسمبر 2006م الموافق 26 ذي القعدة 1427هـ