العدد 1569 - الجمعة 22 ديسمبر 2006م الموافق 01 ذي الحجة 1427هـ

الأغنية العربية... بين الأمس واليوم

المرسل والمتلقي غريبان بلا هوية

ألوان الوسط- المحرر الفني 

22 ديسمبر 2006

بين تراث قيم يتلاشى، وواقع موسيقي لا هوية له، تعاني الموسيقى العربية في الوطن العربي الكثير من المشكلات التي أثرت على شكل ومضمون الأغنية العربية الحديثة.

إن قضية التأثير والتأثر بين الغرب والشرق لا تعني بالضرورة الاتباع وفقدان الهوية والتقليد الأعمى، وإنما هي علاقة أخذ وعطاء، لكنها أصبحت الآن علاقة أخذ فقط، وهنا يكمن الخطر وتظهر مساوئ العولمة، فلو رفض الأوروبيون العولمة أيام كان العرب سبَّاقين في العلوم والموسيقى والفلسفة لما وصلت أوروبا إلى ما وصلت إليه اليوم.

وفي مطلع القرن العشرين استخدم كبار الموسيقيين العرب بعض الألحان والإيقاعات الغربية المشهورة عالمياً كـ «الفالس» و«التانجو» و«الفوكس تروت» و«الرومبا» وإيقاعات أميركا اللاتينية، ولكنهم استخدموها بحذر شديد ودراية؛ بحيث لم تصطبغ موسيقاهم ولا أغانيهم بهذه الموسيقى، بل حافظوا على الهوية العربية، فقد استخدم الموسيقار «محمد عبدالوهاب» مطلع سيمفونية بيتهوفن السادسة في أغنية «محلاها عيشة الفلاح» مثلاً، وأغنية «أحب عيشة الحرية» كما يعتبر «الأخوان رحباني» من أشهر الموسيقيين العرب الذين نقلوا واستخدموا بعض الألحان الغربية في أعمالهم الغنائية، فمثلاً استعاروا جزءاً من سيمفونية «موزار» في تلحين أغنية «يا أنا يا أنا» وغيرها.

هذا في الوقت الذي أثرت فيه بعض الأغاني العربية في الغناء الغربي، فقد دخلت إلى الموسيقى الغربية واشتهرت أغان عربية مثل «حبيتك بالصيف»، «سالمة يا سلامة»، «دقي يا ربابة»، وبعض الأغاني من المغرب العربي انتقلت إلى أوروبا.

غرباء مغربون... والآخرون مستغربون

إن الغرباء (المغربون) هم إما من يعد الألحان المستغربة البعيدة عن التراث ويروج لها، أو هم الشباب العربي المتلقي، وفي الحالتين هم مغربون، أي متوجهون نحو كل ما هو غربي أو غريب.وما هو ملاحظ في واقعنا العربي أن أسباب توجه الشباب العربي إلى الألحان البعيدة عن تراثه وثقافته، هي غزارة هذه الألحان، وسهولة الوصول إليها، وطبيعة مرحلة الشباب، فهم القادرون على استخدام وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة التي تمدهم بهذه الأغاني والألحان المستغربة عن طريق شبكة الإنترنت والـ CD، هذا في الوقت الذي تتميز به مرحلة الشباب بتخطي التقاليد والمألوف، ورفض الواقع، في ظل تراجع التراث على حساب الحداثة.

كما أن من أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الأغاني والألحان الغربية، ظاهرة الفيديو كليب، وما تحتوي عليه من إثارة وفتنة، وغياب دور أجهزة الإعلام عن إنتاج أعمال جيدة، وتخليها عن دورها في الرقابة على المُنْتَج الفني، وتسابق الملحنين والشعراء العرب وراء المادة، ما أدى إلى هبوط الكلمة، وعدم التعامل مع مقامات موسيقانا العربية، كما أن الأغاني الحديثة لا تكتب باللغة العربية، بل بلهجات

فقيرة التعابير، إضافة إلى أن موضوعات الأغاني متشابهة عن الحب والغرام والوصال، وغياب القصائد والشعر العربي.

جمال الصوت أم القوام؟!

وفي ظل أزمة التغريب التي تواجه الموسيقى والأغاني العربية، والاعتماد على الشكل واستخدام الجسد، والموسيقى الإيقاعية الصاخبة فيما يعرف بأغاني الفيديو كليب التي تملأ الفضائيات، يتبادر إلى الذهن سؤال مهم: «هل جمال القوام يدعم المطربة والمطرب أكثر من جمال الصوت؟».

برأينا أنه «من حيث الصوت، فنحن في زمن تسمح لنا فيه تكنولوجيا برامج التسجيل وإخراج الصوت الإلكترونية بتصحيح أي صوت، أما من ناحية الجمال فإن استخدامه في الأغنية ليس بالأمر الجديد، فالجديد هو الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تسمح بسرعة التعميم والنشر»، لكن هذا لا يعني أن الجمال مهم في كثير من الأحيان.

السياسة والموسيقى العربية

هل تأثر حال الموسيقى العربية وأغاني الشباب بتلك الأوضاع السياسية وعدم الاستقرار في العالم العربي؟

الجواب سيكون نعم، فلنأخذ الأغنية اللبنانية على سبيل المثال، فلبنان المتخبط بالحوادث الأمنية السيئة منذ أكثر من ربع قرن، أدى ذلك إلى توقف لجان المراقبة في الإذاعة اللبنانية عن مراقبة النص الشعري للأغنية الحديثة، والمستوى التأليفي لموسيقى الأغنية اللبنانية، وعدم الموافقة على تصنيف المغنى؛ وهو ما أدى إلى عدم محافظة الأغنية اللبنانية على مستواها الراقي الذي بدأ منذ 50 عاماً من بداية القرن العشرين على يد الأخوين الرحباني، ووديع الصافي، وغيرهم.

ومن أهم أسباب تردي مستوى الأغنية اللبنانية وجود الإذاعات الخاصة والعامة والحزبية ابتداء من العام 1975 فصارت الرقابة حلماً مستحيلاً في ذلك البلد، كما نسب تدهور حال الأغنية العربية واللبنانية إلى تجارة الإعلام التي تبيع العمل الموسيقي، فهو سلعة تريد الربح وتبحث عن الإعلانات الجاذبة، فلا اعتبار إلا للمنتج الدعائي والمردود المالي?

العدد 1569 - الجمعة 22 ديسمبر 2006م الموافق 01 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً