ابوظبي - جمال المجايدة
قال العالم الأميركي بيتر ديامانديس، إنه يعمل حالياً على إيجاد عالم مرتبط بالتكنولوجيا وبما يترك تأثيرات إيجابية على حياة الملايين من البشر ومنها شبكات «الحوسبة اللامتناهية والروبوتات التي تسهم» في تحويل شيء نادر إلى شيء متوافر بكثرة من خلال استخدام شبكات الاتصال والحواسيب.
واستعرض في محاضرة بعنوان «التصدي للتحديات الكبرى أمام البشرية» ألقاها مؤخراً، تاريخ الجوائز التحفيزية وأهميتها والنتائج التي حققتها في تطوير التنافس والابتكار، مشيراً إلى أن طفولته التي بدأت بالتفكير والشغف بالفضاء وبالحلم في تحقيق أشياء كبيرة لدى رؤية «إن كل شيء ممكن في العالم».
وقدم ديامانديس، عرضاً للتجارب البشرية الأولى في عبور الأطلسي في عام 1927 من نيويورك إلى باريس دون توقف الأمر الذي اعتبر في حينه خطوة جريئة ما لبثت أن توسعت حتى باتت اليوم من الأمور العادية جداً ويقطعه جواً مئات الآف من البشر يومياً من خلال الطائرات العملاقة.
وقدم شرحاً حول مؤسسة «إكس برايز» التي تعتبر إحدى المؤسسات العالمية الرائدة في مجال إقامة المنافسات التحفيزية وتتمثل رسالتها في إحداث اختراقات علمية جذرية لما فيه خير البشرية وبالتالي الإسهام في تأسيس حقول صناعية جديدة وإنعاش الأسواق.
وأضاف أن مؤسسة «إكس برايز» لها إسهامات ريادية في حل كبرى التحديات عبر إنشاء وإدارة منافسات ذات صيت كبير ومحفزات عظيمة...، مشيراً إلى أن مهمة «إكس برايز» تكمن في إحداث تغييرات جذرية لخدمة البشرية وذلك عبر الحث على إنشاء صناعات جديدة وتحفيز الأسواق.
وقال إنه عبر نموذج الجوائز التحفيزية فإن «إكس برايز» تشجع المبتكرين الفذين المتخصصين في مختلف أفرع المعرفة على الاستفادة من قدراتهم الفكرية والمادية، كما تمنح «إكس برايز» الفرصة لممولي الجوائز بأن يقوموا بأنشطة خيرية خالية من المخاطر حيث لا تدفع القيمة المادية للجائزة إلا عند نجاح الفائزين، منوهاً بأن الاستثمار في هذه الجائزة لها قيمة كبيرة بما تعود به من فائدة على أصحابه على شكل الابتكارات التي يتوصل إليها المتنافسون إضافة إلى دورها في نشر الوعي.
وأضاف «لقد ثبت نجاح نموذج «إكس برايز» من خلال إطلاق المركبة الفضائية والتي فازت بجائزة «أنصاري إكس برايز» التي بلغت عشرة ملايين دولار أميركي والتي رصدت لصناعة مركبة فضائية خاصة، وسميت هذه الجائزة بهذا الاسم تيمناً بالأميركية (انوشه الأنصاري) وهي رابع شخصية تسافر لاستكشاف الفضاء مع شركة (سبيس ادفنتشرز)، كما إنها أحد الأفراد المؤسسين للجائزة، وقد حفزت جائزة العشرة ملايين دولار 26 فريقاً من سبع دول مختلفة، حيث صرفوا مجتمعين 100 مليون دولار للتنافس والابتكار وتصميم مركبة نموذجية، والتي انطلقت رحلتها الأولى 2004 وستبدأ رحلتها الثانية بعد أسابيع قليلة «ولفت إلى أن هذا الإنجاز بدأ عام 1966 عندما وضع فكرة لبناء سفينة فضاء مأهولة بالناس ليمضوا نحو أسبوعين في الفضاء الخارجي.
وأكد أن نجاح هذه التجربة التي فازت بها «سبيس وان شيب» بمثابة البداية لانطلاق صناعة خاصة لإطلاق المركبات الفضائية والتي بلغت قيمتها مليارات الدولارات، موضحاً أن مركبات «فيرجن جالاكتيك» و «سبيس وان شيب» هما نتيجة مباشرة لجائزة «أنصاري إكس برايز».
وقال إن مؤسسة «إكس برايز» وجوائزها توسعت في يومنا هذا لتشمل حل التحديات الكبرى في مجالات الصحة والمحيطات والطاقة والتعليم والعديد من المعارف الأخرى.
وأشار إلى ان المؤسسة تضم في مجلس أمنائها شخصيات ذات رؤى ثاقبة بما في ذلك المدير التنفيذي لـ «غوغل» لاري بيج، والمنتج والمخرج السينمائي جميس كاميرون، والرئيس التنفيذي لشركة «تيسلا/سبيس إكس»، إيلون ماسك، ورئيس «تاتا للصناعات»، راتان تاتا، وغيرهم.
وأضاف ديامانديس، أنه وفريق من العلماء يقومون الآن بتأسيس «جائزة أورغن جنسينس» لاستخدام خلية جذعية من خلايا الإنسان في بناء كلية أو كبد للإنسان لزراعتها في جسم الإنسان المريض.
وقال «إننا نعمل حالياً على إيجاد عالم مرتبط بالتكنولوجيا وبما يترك تأثيرات إيجابية على حياة الملايين من البشر ومنها شبكات «الحوسبة اللامتناهية والروبوتات التي تسهم» في تحويل شيء نادر إلى شيء متوافر بكثرة من خلال استخدام شبكات الاتصال والحواسيب.
وأضاف أن هناك ثلاث مشاريع ستبحث في مرض التوحد والسمنة المفرطة لدى الأطفال ومرض الزهايمر.
كما قدم ديامانديس، شرحاً حول شركة «بلانيتاري ريسورسز» والتنقيب في الأجرام الفضائية والذي يعد ديامانديس هو مؤسس مشارك ورئيس مجلس إدارة مشارك لشركة «بلانيتاري ريسورسز» المختصة في تطوير مركبة فضائية قادرة على التنقيب واستخلاص المعادن الثمينة من الأجرام الفضائية، لافتاً إلى أن النظام الشمسي يضم الكثير من الموارد التي لا يمكن الاستفادة منها من خلال الطرق التقليدية وخصوصاً الاستفادة من الصخور الموجودة في الفضاء التي أمكن صنع «مجارف خاصة لجرف كميات منها تستخدم في توليد الطاقة بعد أن كان يتم أخذ عينات صغيرة جداً منها من خلال العمل اليدوي».
وأكد المحاضر أن العلماء تمكنوا في 15 فبراير/ شباط 2013 من جرف كميات من الصخور من الفضاء الخارجي تولد طاقة تعادل 20 قنبلة من قنبلة هيروشيما، لافتاً إلى أن الكثير من الأجرام السماوية موجودة في الفضاء الخارجية بأحجام مختلفة ومنها المذنب الذي ضرب روسيا أخيراً.
وقال «نظامنا الشمسي يحتوي على 60 مليون جرماً سماوياً تتراوح أحجامها من عدة أمتار إلى عدة كيلومترات، ورغم أن معظم هذه الأجرام تدور في فلك المريخ والمشتري، إلا أن عدداً لا بأس به منها يقترب خلال طوافه في الفضاء من الأرض، وهناك أكثر من 1500 من هذه الأجرام يستلزم للوصول إليها طاقة أقل من تلك التي نحتاج إليها للوصول إلى القمر».
وأضاف أن شركة «بلانيتاري» جمعت فريقاً من كبار العلماء والمهندسين الذين يعكفون على بناء سفينة فضائية معقدة التصميم، مستخدمين آخر وأدق التكنولوجيا المتوافرة، للتنقيب في الأجرام السماوية حيث يشمل هذا الفريق مهندسين شاركوا في تصميم وبناء وإدارة مهمات «ناسا/جيه بي إل» إلى كوكب المريخ والتي تشمل: «سبيريت» و «أوبورتيونيتي» و «كيوريوسيتي».
وأوضح أن شركة «بلانيتاري ريسورسز» تركز على تحديد واستصلاح نوعين من الأجرام الأول تلك الغنية بالبلاتينيوم ومعادن مجموعة البلاتينيوم، والنوعية الثانية هي تلك الغنية بوقود الصورايخ وهما مادتا الهيدروجين والأوكسجين حيث تقدر القيمة المادية لهذه الأجرام، التي تمثل «نقطة الانطلاق» لاستكشاف البشر المستمر للكون، بالمليارات بل بالتريليونات من الدولارات.
واختتم ديامانديس محاضرته بالقول «نحن نعيش في زمن يمكن للتقنيات من أن تمكن فريقاً صغيراً من القيام بأشياء مذهل، ليس هناك تحدٍّ لا يمكن حلّه».
العدد 3991 - السبت 10 أغسطس 2013م الموافق 03 شوال 1434هـ