العدد 4011 - الجمعة 30 أغسطس 2013م الموافق 23 شوال 1434هـ

اليمن: معاناة الأطفال النفسية بعد صدمة الحروب

أصيب أحمد البالغ من العمر 15 عاماً في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 بطلق ناري خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العاصمة اليمنية صنعاء. وعن تلك الحادثة قال: «لقد أصبحت معاقاً من الداخل».

وقد تسبب الجرح في إصابته بالعرج بالإضافة إلى الندوب النفسية العميقة التي بات يعاني منها بعد الحادثة. وبعد صراع لمدة عام مع الصدمة النفسية، سعى أحمد إلى طلب المساعدة في مستشفى الأمل لعلاج الأمراض النفسية في المدينة.

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال أحمد: «إنه مثل الكابوس... أشعر بالانزعاج كلما مررت بالشارع الذي أصبت فيه بالطلق الناري. إنه أمر سيئ حقّاً».

وقد خلفت الاحتجاجات العنيفة التي أدت في النهاية إلى إنهاء حكم الرئيس علي عبدالله صالح الذي استمر 33 عاماً إرثاً من الصدمات في بلد يتمتع بالقليل جدّاً من خدمات الصحة النفسية.

وتشير الأرقام الحكومية الأخيرة إلى وجود «44 طبيباً نفسيّاً من بين 8.534 طبيباً اختصاصيّاً في البلاد» على رغم أن تلك التقديرات تعود إلى العام 2006. وعلى هذا النحو يكون هناك طبيب نفسي واحد لكل 500.000 نسمة وهو ما يعكس واحداً من أقل نسب الأطباء النفسيين مقابل المرضى في العالم العربي. وبخلاف مستشفى الأمل، هناك مركز علاجي رئيسي واحد فقط للاضطرابات النفسية وهو مستشفى السلام للأمراض النفسية في عدن.

وقال أحد المنسقين الطبيين في إحدى الوكالات الإنسانية الدولية في صنعاء طلب عدم ذكر اسمه لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) إن «وزارة الصحة والسكان تركز على الأمراض الجسدية على حساب الأمراض النفسية. كما أن الوزارة لا تحتفظ بسجلات عن أعداد المتخصصين في الصحة النفسية الموجودين في البلاد؛ لأنهم لا يعرفون عددهم».

ويعمل الطبيب النفسي عايد طلحه في مستشفى الأمل حيث يعالج أحمد وعدداً آخر من المرضى.

وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال طلحة: «بدأنا نشاهد في السنوات الأخيرة عدداً كبيراً من الأطفال الذين يعانون من نتائج الصدمات وغالبيتها ناتجة عن الحرب».

وأضاف قائلاً: «من الحقائق الثابتة الآن أن الأطفال الذين يتعرضون للصدمات يصبحون على الأرجح أكثر ميلاً إلى العدوانية في وقت لاحق من حياتهم عندما يصبحون بالغين... وبذلك سيكون لدينا مجتمع مصاب بالشلل في النهاية إذا لم نقدم إلى هؤلاء الأطفال الرعاية المناسبة».

الضغوط اليومية

وحتى بالنسبة إلى من لم يتضرر بصورة مباشرة من أعمال العنف الأخيرة، فإن انكماش الاقتصاد وارتفاع أسعار الغذاء أضافا عبئاً لضغوط الحياة اليومية بالنسبة إلى العديد من الأسر في بلد يعاني فيه نصف سكانه تقريباً من انعدام الأمن الغذائي.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال طبيب يتولى أيضاً مهامَّ إدارية في مستشفى جراحة المخ والأعصاب في صنعاء: «هناك شعور باليأس من الفقر في اليمن».

وقال الطبيب إنه بسبب ندرة المرافق الصحية النفسية يعتمد اليمنيون على الأسرة وشبكات الدعم التقليدية الأخرى.

وأضاف أنه «كما هو الحال في العلاج النفسي حيث يطلب منك الطبيب أن تجد مجتمعاً داعماً تذهب إليه. فالأسر اليمينة لا تدعك تشعر بأنك بمفردك، وأن عليك أن تجتاز الألم بمفردك».

وفي الوقت نفسه، تركز خدمات الصحة النفسية التي تقدمها المنظمات غير الحكومية على اللاجئين والمهاجرين والنازحين داخليّاً.

وتقدم المنظمة الدولية للهجرة خدمات المشورة النفسية والاجتماعية في حرض في محافظة حجة شمال البلاد. وفي الجنوب تقدم منظمة انترسوس (INTERSOS) الدعم النفسي والاجتماعي للنازحين داخليّاً الأكثر ضعفاً العائدين إلى أبين.

وتقدم المنظمة الدولية للمعاقين خدمات إعادة التأهيل والخدمات النفسية والاجتماعية للمعاقين من ضحايا الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في عدن وأبين.

وخلال الأشهر الأربعة الماضية، قامت منظمة أطباء بلا حدود بتنفيذ برامج للصحة النفسية للمهاجرين المحتجزين في صنعاء قبل أن يتم ترحيلهم. وفي الوقت الحالي، يتلقى العلاج حوالي 10 في المئة من المهاجرين البالغ عددهم 500 إلى 600 مهاجر.

علاج جماعي بالقات

ويجد البعض العزاء في المضغ الشعائري للقات، وهو مخدر يشبه المنشطات يتم تناوله في نهاية كل يوم من قبل معظم الرجال اليمنيين ونحو 30 إلى 50 في المئة من النساء.

وفي صنعاء يشبه أحد الشيوخ القبليين النافذين الذي عارضت عائلته القوات الحكومية في العام 2011 جلسات القات بأنها «كجلسات العلاج الجماعي» حيث يمكن للزملاء الثوار التفكير في صدماتهم المشتركة. وبالنسبة إلى العديد من اليمنيين فإن هذه الجلسات هي أقرب ما يكون إلى العلاج.

ولكن الاعتماد على المنشطات له كلفة اقتصادية وخاصة عندما تكون موازنات الأسر محدودة.

في الوقت نفسه، يبدو أن هؤلاء القادرين على الحصول على الرعاية النفسية المتخصصة في مستشفى الأمل يستفيدون منها.

كانت أميرة البالغة من العمر 12 عاماً في المنزل عندما فجرت قذيفة منزل جيرانهم وقتلت أختها البالغة من العمر ثلاث سنوات. وتقول أميرة: «أصبحت مختلفة عما كنت عليه من قبل. في الماضي كنت سعيدة، لكني لست كذلك الآن». مع ذلك، عادت أميرة إلى المدرسة بعد العلاج.

العدد 4011 - الجمعة 30 أغسطس 2013م الموافق 23 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً