ليست لأنها حرف يقتات صانعوها مما ينتجونه منها، لكن لأنها تعبر عن عراقة الحياة وأصالتها في وطن احتضن حضارات عريقة، وعمل أهله في الكثير من الحرف والصناعات التي ساهمت في إثراء حياة إنسانها وجعلها أكثر مرونة، ذلك لأن "حرفنا تثري".
من بين ثنايا تلك الصناعات والحرف، خلقت سيرة الأشياء، كالسلال والصناديق الخشبية والخزف والفخار والنسيج الملون والسيراميك والسفن وزخرفة الآلات الموسيقية وغيرها من الصّناعات التي تقتبس من البيئة المحليّة الطّبيعيّة وذاكرة الأهالي والسّكان ما يجعلها كائنات أخرى تشبههم.
وفي بادرة مهمة من نوعها، تحتضن مملكة البحرين، من خلال وزارة الثقافة، خبراء أوربيين في المنامة عاصمة السياحة العربية 2013، وفي الفترة ما بين5 إلى 7 أكتوبر، ليتعرفوا على جوهر تلك الأعمال اليدوية وآلية عملها التقليدي، في محاولة منهم لإدخال التطور التكنولوجي والمعلوماتي بحيث تتحول تلك الحرف إلى لوحات فارهة، تصل إلى يد المتذوق بأسلوب رفيع.
وقد بدأ الوفد الأوروبي زياراته من أجل تطبيق استراتيجية تطوير التراث الإنسان المادي وغير المادي، عبر تشكيلة من ورش العمل والمختبرات التي تستمر خلال فصل السياحة البيئية، لأن الحرف اليدوية تصنع هوية الأوطان وثقافتها وسياحتها.
ويتناول تصوّر هذا المشروع الحِرَفيّ التّراثيّ الثّقافيّ رؤية موسّعة وتطلّعات لإعادة إيجاد وتصنيع تلك المنتوجات في سياق المعاصرة والحداثة دون أن تفقد قيمتها التّاريخيّة وبعدها الحضاريّ في تداخل ما بين الصّناعة التّقليديّة والاستخدام الحديث بوسائل وتقنيّات مبتكرة، تضع من خلال خطّتها الحِرَفيّ البحرينيّ بكامل خبرته وتاريخه وهويّته قبالة مجموعة منتقاة من الخبراء والمصمّمين والحِرَفيّين من فرنسا، بريطانيا وسويسرا، لتبدأ اللّقاءات الثّقافيّة بمختلف أجيالها وأفكارها في إعادة إنتاج المصنوعات والمنتوجات البحرينيّة التّقليديّة بملامسات معاصرة مع الحفاظ على التّراث الثّقافيّ المحليّ.
يتمسّك برنامج العمل ، الذي تنظمه وزارة الثقافة، خلال فترة انعقاده بالعديد من الحِرَف والمنتجات التّقليديّة والشّعبيّة، وذلك عبر 8 فِرَق ومجموعات مهنيّة تتواصل مع 8 حِرَف بحرينيّة مختلفة (مصمّم أوروبيّ معاصر برفقة حِرَفيّ بحرينيّ تقليديّ) بالتّنسيق مع مركز الجسرة للحِرَف اليدويّة، من أهمّها:صناعة السّلال، صناعة الصّناديق الخشبيّة المعروفة باسم "الصّندوق المبيّت"، الزّخارف الجبسيّة، الفخّار، صناعة النّسيج، الرّسم على الآلات الطّربيّة، صناعة السّفن التّقليديّة والرّسم على الحرير.
وقد انطلقت المرحلة الأولى من خلال الزيارة التي التقى فيها المصمّمون العالميّون بالحِرَفيّين البحرينيّين، كما إنهم سيعودون لاحقًا في نوفمبر، لابتكار قطعهم وتكوين أفكارهم فيما يتعلّق بموضوع تطوير تلك الحِرَف وعصرنتها دون المساس بتاريخها وتقنيّاتها الموروثة، حيث ستكون تلك المرحلة هي الاشتغال الفعليّ لابتداع موروث معاصر سيُعرَض في ربيع 2014 عبر معرض فريد يتناول حصيلة الورش والكيفيّة التي أعاد من خلالها وضع تلك المنتوجات والمصنوعات في سياق الحياة اليوميّة