ذكر رئيس قسم المياه والصحة العامة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر روبرت مارديني أن الصليب الأحمر لا يملك أداة للضغط على الدول لزيارة سجونها، وإنما تسعى للدخول إلى هذه السجون بوجود مبادرات من السلطات في الدول.
وأشار مارديني في ختام ورشة عمل «الاحتجاز وإدارة السجون» التي نظمتها لجنة الصليب الأحمر واللجنة الإشرافية للمراجعة الدورية الشاملة يوم أمس (الخميس) في فندق «موفنبيك»، إلى الاشتراطات الواجب مراعاتها في السجون، ومن أهمها توفير الأماكن الملائمة للحجز وتوفير الطعام الكافي، مع إعادة تحديث السجن مع مرافقه إذا تطلب الأمر، وأهمية توافر المياه الصحية، ناهيك عن ضرورة الاهتمام بالصحة الوقائية والصحة الشفائية للنزيل.
ولفت مارديني إلى الزيارة التي قامت بها اللجنة الدولية في العام 1995 إلى سجون اليمن، والتي قامت من خلالها بإعادة بناء الزنزانات والمرافق الصحية وتزويدها بالمياه النظيفة، مشيرا إلى أن السجن كان يضم أكثر من 3 آلاف نزيل يعاني 200 منهم من أمراض عقلية.
كما استعرض معاناة سجن مانيلا، والذي قامت اللجنة الدولية بوضع برنامج للحد من الاكتظاظ فيه، وخصوصا أن هذا السجن يتسع لألف نزيل فقط، إلا أنه تم وضع أكثر من خمسة آلاف نزيل فيه.
وأشار مارديني إلى أن اللجنة الوطنية عملت على إصدار كتيب يوضح كل الاشتراطات التي يجب مراعاتها في السجون ويهدف إلى مساعدة السلطات في السجون لمعرفة كيفية التعامل مع كل حالة من النزلاء، وهو بمثابة كتيب مرجعي يستخدمه النزلاء في السجون، لكنه يفتقر إلى المعايير العالمية والدولية.
وأوضح أن هذا الكتيب يقدم نظرة شاملة للمشكلات الصحية في السجون وهو مستوحى من خبرات اللجنة الميدانية ويستعرض بعض الأرقام، ويهدف إلى وضع قواعد وأسس إجراءات السجن، وتحديد المشكلات وبعض الحلول الفعالة والناجعة لها، كما يقترح تدابير عملية لحل المشكلات التي يسببها الاكتظاظ في السجون، ناهيك عن كونه يهدف إلى مساعدة سلطات السجون والخبراء في عدة جوانب.
وأشار مارديني إلى بعض الاشتراطات التي يجب توافرها في السجن والمساحة المتاحة للنزلاء كحدود دنيا وهي 20 مترا مربعا كمساحة إجمالية، لافتا إلى أن المساحة الدنيا التي يجب توافرها للأسرة التراكبية هي متر ونصف المتر.
وأكد ضرورة فصل النزلاء المرضى بأمراض معدية عن بقية السجناء، وأن يكون هناك مسئول عن صحة السجناء، لافتا إلى أن أي برنامج في العالم يجب أن يقوم على الالتزام السياسي لتحسين أوضاع السجناء، والتنسيق بين الوزارات المختصة المعنية بأمور السجين.
وتطرق مارديني إلى خصوصية الصحة أثناء الاحتجاز، مشيرا إلى أن المشكلات الصحية الرئيسية في أماكن الاحتجاز هي الاكتظاظ، وقلة الأنشطة، وقلة الأطعمة، منوها بضرورة الأخذ بالاعتبار حالة المحتجزين الصحية قبل اعتقالهم، لافتا إلى أن بعض السجناء يعانون من صعوبة في تلقي الخدمات الصحية.
كما أشار إلى أن زيارة اللجنة الدولية للصليب الأجر للسجون تتم من خلال القيام بجولة على مباني السجن، ومن ثم الانفراد في لقاء مع السجين من دون تواجد أي من مندوبي السجن.
وقال: «لجنة الصليب الأحمر لا تقوم بأية زيارات إلى السجون إلا بموافقة السلطات في الدولة المعنية. وفي المقابلة الأولية مع سلطات السجن يتم تعريفهم بالطاقم الطبي للجنة وأخذ وجهات نظرهم وملاحظاتهم، ومن ثم يتم أخذ رواية النزلاء، قبل القيام بجولة على المباني التي تقع في نطاق السجن».
وتابع «للأسف أن ليس كل الدول تحبذ دخول الصليب الأحمر إلى سجونها، كما أن بعض السجون تتطلب منا زيارتها لأكثر من مرة أو أن تستغرق الزيارة الواحدة للسجن أكثر من يوم واحد».
من جهته، تحدث طبيب لجنة الصليب الأحمر في زيارة السجون رائد أبوربيع عن تقييم الوضع الصحي للسجناء، مشيرا إلى أن الحديث الذي يجريه ممثلو اللجنة مع السجين يتم بوجود مترجم من خارج نطاق السجن، منوها بأن الصليب الأحمر تشترط عدم التكلم مع السجين في ظل وجود الشرطة.
وقال: «البعض يعتبر السجون مدرسة أو مكانا تأهيليا، فيما يعتبرها البعض غابة ومصدرا للأمراض».
وتابع «يتم التركيز في زيارتنا للسجون على الجانبين الجسدي والنفسي عند تقييم صحة السجين لأن بعض النزلاء يكونون محطمين نفسيا داخل السجن، وهذا ما يتطلب سرعة علاجهم».
ولفت أبوربيع إلى أن السجون في أوروبا ليست أحسن حالا من الدول العربية، وأن بعض السجون الأوروبية أغلقت بسبب الأوضاع الصحية السيئة في هذه السجون.
ودعا إلى التفريق بين التعذيب وسوء المعاملة، مبينا أن هناك أنواعا من التعذيب التي لا تنحصر فقط على التعذيب الجسدي، منوها بضرورة بقاء الملف الطبي للسجين سريا مع عدم إتاحته للنشر.
وقال: «للأسف أن الأطباء يكونون جزءا من المعذبين في أنحاء العالم، وما يؤسف له أيضا أن التعذيب يكون في العيادات الطبية أحيانا. ولذلك يجب التأكد من أن الطبيب لا يكون أداة في تعذيب السجناء».
وتابع «من الأمور السلبية في زيارة السجون، أن السلطات تقوم بإظهار ما تريده وتخفي الأشياء الأخرى التي لا تحبذ في إظهارها على الصليب الأحمر».
أما على صعيد توافر الأغذية في السجون، فأشار أبوربيع إلى أن لجنة الصليب الأحمر اقترحت على بعض السجون الزراعة خارج السجن بسبب نقص الأغذية فيها.
وأشار أبوربيع إلى ما تبين للجنة من خلال زياراتها للسجون من عدم وجود تنسيق بين وزارات الداخلية والصحة والدفاع من الناحية الصحية، لافتا إلى محاولات اللجنة للجلوس مع الوزارات المختصة لحل المشكلات التي توجد في السجون.
نفى نائب رئيس الممثل الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر مؤيد غلابي أن يكون هدف عمل اللجنة هو التفتيش على السجون وإنما تحسين الأوضاع فيها ومساعدة السلطات لتحسين الأوضاع داخل السجون، إذ قد تكون السلطات بحاجة للخبرات أو للمساعدة المالية.
وأوضح غلابي أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدأت حوارها مع السلطات البحرينية لزيارة سجونها منذ العام 1996، وعرضت خبراتها لتحسين الأوضاع داخل السجون، وكانت آخر زيارة للجنة الدولية لسجون البحرين في العام 2001 حين أطلق سراح جميع المحتجزين بعفو ملكي.
وقال: «منذ العام 2001 ومن حينها لم نتلقَ أي طلب من الحكومة البحرينية لزيارة السجون، ولكن هناك تقييما مستمرا للأوضاع في البحرين عموما، ويمكن من خلال التفاهم مع السلطات المعنية عرض خدماتنا كلجنة مرة أخرى». وتابع «عملية تقييم الأوضاع تتم من خلال إطلاعنا على أوضاع البلد والتقارير التي تنشر في الصحافة، حتى نرى إذا كانت هناك حاجة للزيارة أو تقديم خدماتنا، إذ يتم حينها تقديم طلب الحوار مع السلطات فيما إذا كانت هناك حاجة لزيارة السجون».
أما بشأن توجه مملكة البحرين لإنشاء مراكز تفصل الموقوفين المؤقتين عن المحكوم عليهم، فأكد غلابي ضرورة عدم التماس بين الموقوفين والمحكوم عليهم لأن تأثيره النفسي السلبي سيكون عاليا جدا بالنسبة للموقوف، كما لفت إلى ضرورة توافر الضمانات القانونية في إدارة السجون، والتي تقوم على أن يعرف أي مسجون سبب دخوله إلى السجن.
العدد 2464 - الجمعة 05 يونيو 2009م الموافق 11 جمادى الآخرة 1430هـ