انطلقت أمس الإثنين (28 أكتوبر/ تشرين الأول 2013) فعالية المؤتمر السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) في الجامعة الأميركية بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد ناقش العشرات من الباحثين وذوي الاختصاص في أولى جلسات المؤتمر السادس لمنظمة «أفد» الطاقة المستدامة في البلدان العربية.
وافتتح حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي المؤتمر، وذلك بحضور عدد من الوزراء والمسئولين بالبلدان العربية، ومن ثم قدمت اللجنة المنظمة فيلماً وثائقياً تحت عنوان «طاقة تضيء المستقبل»، وتلا بعد ذلك إلقاء المدير العام بالوكالة للجامعة الأميركية في الشارقة توماس هوكستيتلر الكلمة الترحيبية بالحضور.
وستستمر فعاليات المؤتمر حتى اليوم (الثلثاء)، وستكون الحلقة النقاشية الأخيرة بين الوزراء والمتحدثين ومؤلفي التقرير والمندوبين المشاركين حول توصيات التقرير النهائي والمؤتمر.
ونبَّه تقرير «الطاقة المستدامة في البلدان العربية»، إلى أن نحو 60 مليون عربي لا يحصلون على خدمات طاقة حديثة، وبشكل خاص الكهرباء، مع أن كثافة استهلاك الطاقة في المنطقة هي بين الأعلى في العالم. غير أن المنطقة العربية، بخلاف الكثير من مناطق العالم، تنعم بوفرة مصادر الطاقة النظيفة المتجدّدة، وعلى رأسها الشمس والرياح.
يُظهر التقرير أنه يمكن للمنطقة العربية تخفيض استهلاك الطاقة إلى النصف، مع الحفاظ على مستويات الإنتاج نفسها، وذلك عن طريق تحسين الكفاءة فقط. وهو يؤكد على أهمية التعاون الإقليمي في إنتاج الطاقة وتوزيعها. ويخلص إلى أنه إذا التزمت البلدان العربية بسياسات واستثمارات ملائمة، يمكنها أن تكون عضواً رائداً في مجتمع الطاقة النظيفة العالمي، فتخلق فرص عمل حقيقية لمواطنيها، وتصدّر الطاقة المتجددة إضافة الى النفط والغاز. لكن التقرير لفت إلى أن الدعم غير المنضبط للوقود التقليدي ولأسعار الكهرباء، الذي يصل إلى 95 في المئة أحياناً، يمنع التطوير الواسع النطاق للطاقة المتجددة ولا يشجع استثمارات القطاع الخاص، كما يحول دون تحسين كفاءة الطاقة التي يبلغ معدلها في المنطقة العربية أقل من 50 في المئة.
وكان بين الحضور رئيس وزراء الأردن السابق عدنان بدران، ووزير البيئة والمياه في الإمارات راشد أحمد بن فهد، ووزير الطاقة والكهرباء في اليمن صالح السميع، ووزير الزراعة في مصر أيمن أبوحديد، وعضو لجنة المياه والأشغال العامة في مجلس الشورى السعودي علي الطخيس، والأمين التنفيذي للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية عبدالرحمن العوضي، والمديرة التنفيذية لشبكة سياسات الطاقة المتجددة كريستين لينس، والمدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إياد أبومغلي.
وحضرت وفود نيابية عربية ووفود من صناديق التنمية العربية، وعدد كبير من الديبلوماسيين ورجال الأعمال ورؤساء الشركات والهيئات الأعضاء في المنتدى العربي للبيئة والتنمية. وشارك أساتذة وطلاب من 26 جامعة عربية.
بن فهد: تنويع مزيج الطاقة وكفاءة استخدامها
نوَّه وزير البيئة والمياه في الإمارات راشد أحمد بن فهد في كلمته بتقرير «أفد»، خصوصاً ما أورده حول تنويع مزيج الطاقة وكفاءة استخدامها والترابط بين قضايا الطاقة والمياه والغذاء. وأشار الى اعتماد الإمارات خيار الطاقة المتجددة، فتم هذه السنة افتتاح محطة شمس 1 بطاقة 100 ميغاواط وافتتاح المشروع الأول في مجمع الشيخ محمد بن راشد للطاقة الشمسية بطاقة 13 ميغاواط. كما تبنت خيار الطاقة النووية للأغراض السلمية وبدأت العمل لإنشاء أربع محطات سيبدأ تشغيلها تباعاً بين عامي 2017 و2020 وستوفر ربع احتياجات البلاد الى الكهرباء. وتعمل الإمارات حالياً على استكشاف أشكال من الطاقة المتجددة بما فيها تحويل النفايات الى طاقة.
هوستيتلر: التقدم العلمي طريق لتطوير المجتمع
كلمة الجامعة الأميركية في الشارقة، التي تستضيف المؤتمر، مدير الجامعة بالوكالة توماس هوستيتلر. منوهاً بأن الجامعة عضو في «أفد» وتسعى إلى اعتماد أساليب الاستدامة، وتعمل على تعزيز التقدم العلمي الذي تعتبره طريقاً إلى تطوير المجتمع. وهي تمنح شهادة بكالوريوس علوم في العلوم البيئية. وأشار إلى أن طلاب الجامعة يشاركون باستمرار في نشاطات «أفد» من خلال منتدى قادة المستقبل البيئيين.
صعب: الثورات ليست بديلاً عن التنمية المستدامة
قدم أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية نجيب صعب تقريراً عن أعمال المنتدى لسنة 2013، جاء فيه أن تقارير «أفد» استُخدمت كمراجع رئيسية في أكثر من 32 برنامجاً تنفيذياً خلال سنة 2013، وساهم المنتدى في 42 اجتماعاً وتقريراً وبرنامجاً إقليمياً ودولياً، كما كان شريكاً فاعلاً في المفاوضات العالمية حول تغيُّر المناخ. وتم اعتماد مبادرة «أفد» حول الاقتصاد الأخضر لتطوير استراتيجيات تنمية في كثير من البلدان العربية. وانتشر دليل «البيئة في المدرسة» في معظم أنحاء العالم العربي، فتم تدريب آلاف الأساتذة على استخدام الدليل والموقع الإلكتروني المرافق. كما وُضع كامل أرشيف مجلة «البيئة والتنمية» لفترة 17 سنة مجاناً على الإنترنت، وبات الموقع www.afedmag.com العنوان الإلكتروني المرجعي الأول بالعربية. أما صفحة الفيسبوك للمجلة فقد استقطبت مئتي ألف عضو و12 مليون زيارة خلال عشرة أشهر.
وقال صعب: «لقد بدا شبيهاً بالمستحيل في بعض الأحيان محاولة تنفيذ أجندة بيئية في منطقة يواجه نصف سكانها ثورات وانتفاضات، لكن بعد كل النزاعات سيبقى الناس بحاجة إلى حماية الرأسمال الطبيعي، لأن الثورات ليست بديلاً عن التنمية المستدامة».
بدران: دعم الطاقة والمياه يعوق كفاءة الاستهلاك
عرض رئيس مجلس أمناء المنتدى العربي للبيئة والتنمية عدنان بدران أبرز ما جاء في تقرير المنتدى عن الطاقة. ومن ذلك أن تحلية المياه أو استخراج المياه الجوفية تستهلك 50 في المئة من إجمالي الطاقة في بعض البلدان العربية، ومع ذلك فإن كفاءة الري في المنطقة العربية ككل لا تتعدى 40 في المئة، فيما يبلغ معدل كفاءة الطاقة أقل من 50 في المئة. وقد وجد التقرير أن الدعم غير المقيد للطاقة والمياه، الذي يصل إلى 95 في المئة في حالات كثيرة، هو العقبة الرئيسية أمام تحقيق نتائج ملموسة في كفاءة استهلاك الطاقة والمياه.
وأشار إلى أن بلداناً عربية كثيرة أعلنت عن مشاريع وسياسات لاستغلال وفرة الطاقة المتجددة في المنطقة، وبلغ مجموع الاستثمارات الجديدة في هذا القطاع عام 2012 نحو 1,9 بليون دولار، ما يوازي ستة أضعاف مجموع الاستثمارات في العام 2004. ورأى أنه إذا كان تخفيض الانبعاثات الكربونية هو التحدي الرئيسي الذي يواجه حرق الوقود، فإن السلامة والأمن والتخزين الدائم للنفايات المشعة هي التحديات التي تواجه خيار الطاقة النووية.
تخللت جلسة الافتتاح كلمتان رئيسيتان. فتحدث المدير العام لصندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد) وعضو لجنة الأمم المتحدة الرفيعة المستوى سليمان الحربش، بشأن الطاقة المستدامة للجميع، عن استخدام دخل البترول لتحقيق التنمية المستدامة في الدول المنتجة ودعم الدول النامية لهذا الهدف أيضاً باعتبار أن المسئولية مشتركة. كما أكد على أهمية محاربة فقر الطاقة مع المحافظة على المعايير البيئية في آن وأحد. وتناول مجيد جعفر، الرئيس التنفيذي لنفط الهلال المشاركة في تنظيم المؤتمر، أهمية الغاز العربي في تنويع مزيج الطاقة وتخفيف الانبعاثات الكربونية.
وتم عرض فيلم وثائقي أنتجه المنتدى العربي للبيئة والتنمية بعنوان «طاقة تضيء المستقبل». كما ألقى تلاميذ مدارس «أمسي» في الإمارات تعهداً شبابياً بيئياً لأجل المستقبل.
تناولت الجلسة الأولى سبل التحول إلى الطاقة المستدامة وتحديات تغيّر المناخ في البلدان العربية. أدارها المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي عدنان شهاب الدين، وشارك فيها محررا تقرير «أفد» الرئيس التنفيذي السابق لمرفق البيئة العالمي محمد العشري، وأستاذ كرسي الشيخ زايد للطاقة والبيئة في جامعة الخليج العربي ابراهيم عبدالجليل. وشارك في النقاش وزراء وقادة أعمال.
خُصصت الجلسة الثانية لموضوع «الطاقة في خدمة التنمية المستدامة»، وذلك في ضوء تجربة صندوق الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد)، وأدارها مدير الأبحاث في الصندوق فارس حسن.
وتميز المؤتمر بمشاركة مئات الطلاب من 26 جامعة عربية في إطار مبادرة «منتدى قادة المستقبل البيئيين». وهم عقدوا ندوة خاصة بعد انتهاء الجلسات، ناقشوا فيها المواضيع المطروحة تمهيداً لإعداد إعلان شبابي يقدمونه في الجلسة الختامية.
يبدأ اليوم الثاني للمؤتمر بجلسة حول مستقبل النفط والغاز، تليها جلستان حول دور القطاعين العام والخاص في تمويل الطاقة المستدامة، ومبادرات الاستدامة من أجل إدارة أكفأ للموارد. وتعقد ثلاث جلسات متزامنة تتناول سياسات الطاقة المستدامة في دول الخليج، ومنتدى قادة المستقبل البيئيين، وإنتاج طاقة من النفايات.
وسوف تعلن توصيات المؤتمر في جلسة ختامية.
يمكن تنزيل تقرير المنتدى كاملاً من الموقع الإلكتروني www.afedonline.org/conference
العدد 4070 - الإثنين 28 أكتوبر 2013م الموافق 23 ذي الحجة 1434هـ