العدد 4070 - الإثنين 28 أكتوبر 2013م الموافق 23 ذي الحجة 1434هـ

الملخص التنفيذي لتقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية بشأن الطاقة المستدامة في البلدان العربية

أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية نجيب صعب يقدم تقرير «أفد»
أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية نجيب صعب يقدم تقرير «أفد»

أنظمة الطاقة في المنطقة العربية، التي تهيمن عليها أنواع الوقود الأحفوري كما في معظم مناطق العالم، هي أنظمة غير مُستدامة سواء من الناحية الاقتصادية أم البيئية أم الاجتماعية. وعلى رغم أن مستويات كثافة استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون للفرد هي من بين الأعلى عالميّاً، فإن نحو 35 مليون عربي لا يحصلون على خدمات طاقة حديثة، وبشكل خاص الكهرباء. غير أن المنطقة العربية، بخلاف الكثير من مناطق العالم، تنعم بوفرة مصادر الطاقة النظيفة المتجدّدة، وعلى رأسها الشمس والرياح. ومن شأن هذه المصادر المتجدّدة، بالتوازي مع اعتماد التقنيات الأنظف وتحسين كفاءة الطاقة، أن تساهم في تنويع الطاقة وتعزيز استدامتها في المستقبل.

وفق التقرير السنوي 2013 للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) حول الطاقة المستدامة في البلدان العربية، إذا التزمت الدول العربية بسياسات واستثمارات ملائمة فيمكنها أن تكون عضواً فاعلاً في مجتمع الطاقة النظيفة العالمي، وبهذا تخلق المزيد من فرص العمل المجزية وتصدّر الطاقة المتجددة، إضافة إلى النفط والغاز. في ما يأتي أبرز ما أورده التقرير من معلومات وأرقام.

استهلاك استنزافي للنفط والغاز

يؤدي قطاع الطاقة في البلدان العربية دوراً حيويّاً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة. فإيرادات النفط والغاز هـي مصدر الدخل الأساسي في معظم الدول العربية، خصوصاً في منطقة الخليج، إذ تشير أرقام صندوق النقد العربي إلى أن قطاع النفط والغاز يشكّل ما يصل إلى 36 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي العربي. وتتراوح نسبة إيرادات المواد الهيدروكربونية من مداخيل صادرات معظم الدول العربية المنتِجة بين 33 في المئة في اقتصاد الإمارات العربية المتحدة المتنوّع نسبيّاً، و88 في المئة في الاقتصادات المعتمدة بشكل عام على التصدير مثل السعودية وقطر، وتتجاوز 97 في المئة في كل من الجزائر والعراق. وقد شهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهي الدول العربية الرئيسية المصدّرة للنفط، على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، تحوّلات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة. وتمّت الاستفادة من مداخيل النفط في تحديث البنية التحتية وزيادة فرص العمل وتحسين مؤشرات التنمية البشرية.

لكنّ عائدات النفط، من ناحية أخرى، لم تؤدِّ إلى خلق التنويع الاقتصادي بالقدر الذي طمحت إليه دول عربية عديدة منتِجة للنفط، ممّا جعل معظمها معتمداً، بشكل استثنائي، على إيرادات النفط التي أثبتت أنها متقلّبة إلى حدّ كبير. كما إن الاضطرابات السياسية التي أطاحت بعدّة أنظمة عربية كشفت عن مدى تأثّر إمدادات النفط الإقليمية بالقلاقل السياسية في ظل الأزمة التي تعصف بالمنطقة. بيد أن النفط لا يزال أهم الموارد الطبيعية في العالم العربي، وتشير كل الاحتمالات إلى استمرار هذا الوضع في المدى المنظور. وعلى رغم اكتشاف احتياطات نفطية ضخمة مؤخراً خارج العالم العربي (منها مثلاً الزيت الصخري في الولايات المتحدة، والرمال الزيتية في كندا، وغاز طبقات الفحم في أوستراليا، ونفط المناطق البحرية العميقة في البرازيل)، من المتوقّع أن يحتفظ العالم العربي بمكانته في أسواق النفط العالمية، وذلك باستمرار سيطرته على تجارة النفط الخام الدولية وامتلاكه معظم القدرة الاحتياطية في العالم.

يُضاف إلى ذلك أن المخاوف المتعلّقة بتغيّر المناخ والتخفيضات المتوقّعة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الصعيد العالمي يمكن أن تؤدي إلى تحوّلات في السياسات العامة لأسواق الطاقة العالمية نحو مصادر طاقة نظيفة أكثر كفاءة وأقلّ احتواءً للكربون. وفي حين أن المفاوضات الجارية حاليّاً في إطار الأمم المتحدة بشأن المناخ لم تتوصّل بعد إلى اتفاق حول نظام مناخي طويل الأجل لما بعد سنة 2020، فإن التحوّلات بدأت فعلاً في سياسات المناخ الوطنية لبعض كبار مستهلكي الطاقة، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وذلك بالتوجّه نحو تحسين تقنيات تخفيض الكربون، ممّا سينعكس تطوّراتٍ استثنائية في سوق النفط العالمية. ووفقاً لتقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الواردة في تقرير توقعات النفط في العالم عام 2011، يُنتظر أن تكون الزيادة في الطلب على أنواع الوقود السائل أسرع في قطاع النقل من أي قطاع استخدام نهائي آخر، ومن المتوقَّع أن تكون معظم الزيادة من الدول النامية، وعلى رأسها الصين والهند. غير أن زيادة انتشار تقنيات النقل المتطورة وأنواع الوقود البديل في السوق ستؤدي إلى تخفيض الطلب العالمي على النفط بنحو سبعة ملايين برميل يوميّاً سنة 2035، بالمقارنة مع سيناريو استمرار السياسات الراهنة.

ضياع الإيرادات

تعتمد الاقتصادات العربية على النفط والغاز لتلبية أكثر من 97 في المئة من الطلب المحلي على الطاقة، أما الطاقة المتجدّدة فتساهم في توفير النسبة المتبقية، أي 3 في المئة. لكن سوق الطاقة المتجدّدة في البلدان العربية آخذة في التوسّع بسرعة، إذ كشفت مجموعة متنوّعة من البلدان عن مشاريع وسياسات لتوجيه وفرة موارد الطاقة المتجددة في المنطقة نحو التنمية الاقتصادية وتحسين أمن الطاقة. كما أن استمرار اعتماد العالم العربي على المواد الهيدروكربونية للوفاء بحاجاته المحلية من الطاقة يطرح تحديات من نوع آخر: الارتفاع الحادّ في الطلب المحلي على الطاقة يعني زيادة في استنزاف النفط المنتَج في المنطقة، وتحويل جزء متزايد منه إلى السوق المحلية بدل التصدير. وتقدّر بعض الدراسات أن الدول العربية المنتجة للنفط يمكن أن تخسر ما يصل إلى 90 دولاراً في كل برميل نفط يُستهلك محليّاً بدلاً من تصديره.

تأتي هذه الزيادة في الطلب على الطاقة استجابة لما حقّقته المنطقة من نموّ اقتصادي وحركة تصنيع وتغيّر في نمط العيش. غير أن هذا الارتفاع في الطلب لا يؤدي بالضرورة إلى ازدياد تلوث الهواء، بما في ذلك زيادة انبعاثات الكربون. لقد تأخّر البدء بإدارة الطلب والتحوّل الجذري إلى رفع درجة كفاءة استخدام الطاقة، أي حجم الناتج مقابل خفض كمية الوقود. وآن الأوان كي تنتقل المنطقة إلى اعتماد الطاقة المتجدّدة بشكل واسع، وهذه النقلة الكبرى سوف تخلق فرصاً اقتصادية منخفضة الكربون وتضمن أمن الطاقة وتوفّر بيئة أنظف.

لا يمكن تحمّل ضياع الإيرادات في حال استمرار الأمور على حالها، في ظل هذا الاقتصاد غير المتنوّع بشكل عام، ممّا يدعو إلى التساؤل: ما هو الدور الذي يُفترض أن يؤديه النفط في الاقتصادات العربية في المدى البعيد؟ هذا يعني أنّ على العديد من الدول العربية المنتجة للنفط أن تزيد استثمارات رؤوس الأموال وتضاعف الجهود من أجل إيجاد حوافز للقطاع الخاص للدخول في أنشطة لا تقتصر على صناعة النفط والصناعات الأخرى الشديدة الاستهلاك للطاقة. كما يُفترض أن تساهم مداخيل النفط الحالية، بشكل أكثر فاعلية، في تحسين قدرات المنطقة في أبحاث الطاقة المتجددة وتطوير تقنياتها. وقد بدأ هذا التوجّه فعلاً في بعض الدول الرئيسية المنتجة للنفط، مثل الإمارات والسعودية.

العدد 4070 - الإثنين 28 أكتوبر 2013م الموافق 23 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً