حذرت فرنسا من ظهور عقبات كبيرة تحول دون التوصل لاتفاق طال انتظاره مع إيران في وقت بدت فيه مؤشرات على ضعف الوحدة بين القوى الغربية خلال المحادثات الرامية لدفع طهران إلى الحد من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع القوى العالمية اليوم السبت فإن المحادثات قد تستأنف في غضون أسبوع أو عشرة أيام.
وقال للصحفيين في جنيف حيث يتفاوض وزراء من ست دول كبرى مع إيران "هناك احتمال -ربما يكون قائما- أنه إذا توافرت النوايا الحسنة يمكننا التوصل لنص متفق عليه." وأضاف "إذا توصلنا لنتيجة بحلول نهاية اليوم فبها ونعمت. وإذا لم يتحقق ذلك فإن العملية ستستأنف في غضون أسبوع أو عشرة أيام."
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله "ما زالت هناك فجوة في المواقف". وبعد تمديد المحادثات شكك وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في أن تنجح المحادثات سريعا في التوصل لاتفاق مؤقت يبدد المخاوف من تقدم إيران سرا نحو امتلاك القدرة على تصنيع أسلحة نووية.
وقال فابيوس لراديو فرانس إنتر "لا يمكنني أن أقول الآن وأنا أتحدث معكم أن هناك أي تأكيد على أننا يمكن أن نتوصل "لاتفاق مشددا على أن باريس لا يمكن أن تقبل "اتفاقا خاسرا".
وأشارت تصريحات فابيوس إلى انقسام يظهر داخل المعسكر الغربي. وقال دبلوماسي غربي قريب من المفاوضات إن الفرنسيين يحاولون أن يخطفوا الأنظار من القوى الأخرى.
وأبلغ الدبلوماسي رويترز طالبا عدم ذكر اسمه "الأمريكيون والاتحاد الأوروبي والإيرانيون يبذلون جهدا مكثفا منذ أشهر لإعداد هذا الاقتراح وهذه ليست أكثر من محاولة من فابيوس ليضفي على نفسه أهمية في مرحلة متأخرة من المفاوضات."
وفي مؤشر آخر على تلاشي مناخ الود الذي ساد الجولة الأولى من المحادثات الشهر الماضي وأول يومين من المناقشات التي بدأت يوم الخميس قال عراقجي لوكالة مهر للأنباء إن نظرائه في القوى العالمية الست "يحتاجون إلى تنسيق وتشاور مستمر لتحديد مواقفهم." ويبدو أن من بين نقاط الخلاف الرئيسية الدعوات المنادية بغلق مفاعل إيراني قد يساعد طهران في النهاية على إنتاج وقود نووي يستخدم في تصنيع أسلحة ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية وطبيعة تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على الجمهورية الإسلامية وتدرجه.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس الجمعة إن هناك "بعض القضايا المهمة للغاية مطروحة على الطاولة لم يتم حلها. من المهم معالجة جميع تلك القضايا بشكل سليم." وتجنب كيري الظهور في وسائل الإعلام اليوم السبت قبل المشاركة في محادثات مكثفة لمدة ساعتين مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون.
وكان الثلاثة التقوا على مدى خمس ساعات أمس الجمعة. وذكر وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أن المحادثات حققت "تقدما جيدا للغاية" ولكن هناك الكثير من الأمور ما زالت تحتاج إلى اتفاق ولم يتضح ما إذا كان ذلك سيحدث في نهاية اليوم.
وقال هيج للصحفيين "نحن مدركون لحقيقة أن المحادثات تكتسب زخما وثمة تركيز فعلي في هذه المفاوضات... لذا علينا أن نبذل قصارى جهدنا لنستغل اللحظة." ومن المقرر أن يشارك وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن - بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة - وألمانيا في محادثات اليوم مع ظريف. وتتطلع القوى العالمية إلى اتفاق مبدئي يحد من البرنامج النووي الإيراني ويجعله أكثر وضوحا لمفتشي الأمم المتحدة المعنيين بحظر الانتشار النووي. وفي المقابل تحصل طهران على تخفيف تدريجي ومحدود في البداية للعقوبات التي تعصف باقتصادها.
وقال كيري للصحفيين مساء الجمعة "نعمل بجد".
وكشفت إيران عن نقطة رئيسية مثار خلاف إذ قال عضو وفد المفاوضين الإيرانيين مجيد تخت روانجي لوكالة مهر للأنباء أمس الجمعة إن القوى الغربية يجب أن تبحث تخفيف العقوبات النفطية والمصرفية في المرحلة الأولى من أي اتفاق. وعرضت القوى العالمية على إيران الحصول على أموالها المجمدة بالخارج منذ عدة أعوام لكنها استبعدت أي تخفيف ملموس للعقوبات في المراحل الأولى لأي اتفاق.
وقال دبلوماسيون إنه حتى لو حدثت انفراجة مطلع هذا الأسبوع فلن تكون سوى بداية لعملية طويلة لبناء الثقة ترمي إلى إيجاد حل دائم يبدد المخاوف الدولية من مساعي إيران النووية. لكنهم قالوا إن وصول كيري وهيج وفابيوس ووزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله والروسي سيرجي لافروف - والمشاركة المتوقعة لوزير الخارجية الصيني وانغ يي - يشير إلى أن القوى الست ربما تكون أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق طال انتظاره مع إيران.
ووصل كيري قادما من تل أبيب حيث التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض تقديم أي تنازلات لإيران وبدا أن اللقاء كان متوترا. وحذر نتنياهو كيري ونظراءه الأوروبيين من أن إيران ستحصل على "صفقة القرن" إذا نفذوا اقتراحات بمنح طهران إعفاء محدودا مؤقتا من العقوبات في مقابل تعليق جزئي لبرنامج تخصيب اليورانيوم والتعهد بعدم توسيعه. وقال فابيوس إن المخاوف الأمنية لإسرائيل وبعض الدول العربية المجاورة لإيران "يجب أن توضع في الاعتبار". وقال فسترفيله إن منع إيران من اكتساب القدرة على تطوير أسلحة نووية ليست قضية تهم إسرائيل وحدها.
وأضاف أن هذه المسألة "لا تهم إسرائيل وحدها بل تهم المنطقة والعالم بأسره." وليس أمام المفاوضين سوى مساحة محدودة للمناورة إذ أن هناك معارضة من المتشددين في طهران والكونجرس الأمريكي لأي تقارب بين البلدين خاصة الحرس الثوري ورجال الدين الشيعة المحافظين في إيران.