العدد 4087 - الخميس 14 نوفمبر 2013م الموافق 10 محرم 1435هـ

البهارات المخمرة في المطبخ الياباني

يميز طعم أومامي أسلوب الطهو الياباني بشكل كبير، وكيف استفاد اليابانيون بمهارة فائقة من هذه النكهة، كما هو ظاهر بشكل واضح في مرق الداشي المستخدم لإعداد الحساء والأطعمة المخمرة، لتحسين مذاقات أطباقهم؟ هنا يتحدث البروفيسور كويزومي يوكيميتشي من جامعة طوكيو للزراعة عن أومامي.

بما أن اليابان يحتضنها البحر من كل الجهات؛ فقد استفاد اليابانيون من عشب كومبو البحري منذ أقدم العصور في إعداد الداشي، وهو عبارة عن مرق تقليدي لإعداد الحساء ولطالما اعتبره اليابانيون العنصر الأساسي في تحضير العديد من الأطباق اليابانية. خير مثال على الطهو باستخدام الداشي هو طبق يودوفو، من أجل تحضير هذه الوجبة، توضع ورقة واحدة من كومبو في وعاء ويتم غمرها بالماء. بعد ذلك، تتم إضافة توفو ببساطة ويسخن الوعاء لإعداد هذه الوجبة من واشوكو. وقد عرف اليابانيون سر الخواص التي يختزنها كومبو والتي تعمل على تحسين المذاق من خلال الخبرة التي اكتسبوها منذ زمن بعيد.

يعد كاتسوو - بوشي أو سمك بونيتو المجفف أحد المكونات المهمة جدّاً لأسلوب الطهو الياباني في إعداد مرق الداشي، ومما هو معروف عن هذا السمك أنه من أكثر الأطعمة المخمرة صعوبة في التحضير على مستوى العالم. لإعداد كاتسوو – بوشي، يتم غلي سمك بونيتو وتدخينه وتجفيفه، ومن ثم معالجة العفونة لعدة مرات وتعريضه لأشعة الشمس ليجف.

قام صياد من كيشو (وهي منطقة تضم جزءاً كبيراً من محافظة واكاياما) بابتكار هذا الطبق لأول مرة في العام 1674. لطالما فضل اليابانيون تناول السمك أكثر من اللحم، وذلك عائد إلى تأثرهم بالمعتقدات البوذية إلى حد كبير، وقد شجعت ثقافة الغذاء هذه على تطوير مذاق أومامي الراقي مستخدمة بذلك المنتجات البحرية الوفيرة التي تزخر بها البلد إضافة إلى فطر شييتاكي المجفف.

في القرن العشرين تمت إزاحة الستار بطريقة علمية لأول مرة عن الطبيعة الحقيقية لمذاق أومامي هذا الذي ألفه اليابانيون. كان أيكيدا كيكوناي، وهو بروفيسور في جامعة طوكيو الاميراطورية (جامعة طوكيو حاليّاً)، أول من أبدى اهتماماً خاصّاً بالكومبو. وقد نجح في العام 1908 في استخلاص حمض غلوتاميك من الأعشاب البحرية، مما أدى إلى استحداث مذاق «أومامي».

بعد مرور خمس سنوات على ذلك، أي في العام 1913، اكتشف أحد طلبة البروفيسور أيكيدا ويدعى كوداما شينتارو أن مصدر أومامي في كاتسوو – بوشي يكمن في حمض اينوزينيك.

وفي العام 1957، اكتشف العالم كونيناكا أكيرا أن أحد أنواع الأحماض النووية الموجود في فطر شييتاكي، وهو حمض غوانيليك، يدخل في تركيبة أومامي. تم اعتماد مصطلح أومامي الذي اكتشفه هؤلاء العلماء اليابانيون الثلاثة ليصبح المصطلح العلمي الرسمي وذلك عند انعقاد حوار أومامي الدولي الأول في العام 1985.

يتم تصنيف المركبات التي تعطي مذاق أومامي في غالبية الأحيان إما ضمن الأحماض الأمينية أو الأحماض النووية.

يعد أومامي الذي تم اكتشافه في الكومبو حمضاً أمينيّاً يعرف باسم حمض غلوتاميك. يتواجد هذا الحمض أيضاً بنسب عالية في جبن بارميزان والطماطم وسمك الردين. أما حمضا اينوزينيك وغوانيليك فيصنفان ضمن الأحماض النووية. وبعيداً عن كاتسوو - بوشي، يتواجد حمض اينوزينيك أيضاً في سمك الأبراميس، ويتواجد حمض غوانيليك في الفطر.

عند اجتماع الأحماض الأمينية والأحماض النووية سويّاً، فإنها تعمل على إيجاد تأثير تآزري يؤدي إلى إطلاق طعم أومامي. على سبيل المثال، في واشوكو، عادة يتم دمج كومبو وكاتسوو - بوشي لإعداد مرق داشي ذي مذاق أطيب بكثير من المرق الذي يتم إعداده باستخدام مكون واحد. هذه هي الطريقة الرشيدة في الطهو التي تعمل على مضاعفة نكهات الداشي.

ونظراً إلى ما تتمتع به اليابان من مناخ حار ورطب، فقد تم توظيف تأثير الميكروبات من أجل تحسين الأطعمة المخمرة والبهارات التي تحتوي على مركبات بطعم أومامي مثل حمض غلوتاميك. حتى في رموز تايهو Taiho Code، وهي قوانين اليابان القديمة التي وضعت في العام 701، ستجد معلومات عن كوكوبيشيو، وهي بهارات مخمرة يتم إعدادها عن طريق تخليل الحبوب في الملح.

تعتبر كوكوبيشيو باكورة بهارات فول الصويا والبهارات المصنوعة من الحنطة مثل الميسو وصلصة الصويا والتي تعد أيضاً من المعالم المميزة لطرق الطهو اليابانية. وقد أدرك اليابانيون بوضوح وجود أومامي منذ الأزمان الغابرة وقد عملوا على تطوير واشوكو من خلال استعمالهم لأومامي بمهارة بهدف تحسين النكهات. وتناقلت الأجيال هذه المذاقات التي تعد في يومنا هذا متعة للعائلات في أرجاء البلاد كافة.

العدد 4087 - الخميس 14 نوفمبر 2013م الموافق 10 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً