العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ

تأثير تغير المناخ على الأعاصير مازال غير مؤكد

التقط كيفن فورد، وهو رائد فضاء في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) هذه الصورة لإعصار بوفا القوي في ديسمبر 2012 من المحطة الفضائية الدولية، فيما كانت العاصفة تتجه نحو الفلبين
التقط كيفن فورد، وهو رائد فضاء في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) هذه الصورة لإعصار بوفا القوي في ديسمبر 2012 من المحطة الفضائية الدولية، فيما كانت العاصفة تتجه نحو الفلبين

عندما ضرب إعصار بوفا جزيرة مينداناو الفلبينية خلال العام الماضي، عرضت وسائل الإعلام الكثير من التكهنات حول التأثير المتزايد لتغير المناخ. وإعصار بوفا هو من أقوى العواصف التي هزت غرب المحيط الهادئ في الذاكرة الحديثة.

لكن العلم مازال غير متأكد ما إذا كانت الغازات الدفيئة التي تؤثر على حرارة الغلاف الجوي قد تسببت في تغير ملحوظ في نشاط الأعاصير.

وقد ذكرت لجنة الأعاصير التابعة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ /المنظمة العالمية للأرصاد الجوية هذا الموضوع في تقييم جديد يركز على حوض شمال غرب المحيط الهادئ.

ويُعتبر نشاط الأعاصير المدارية في هذه المنطقة الأكثر قوةً مقارنةً مع أي حوض آخر في العالم. ويوفر نشاط الأعاصير نحو 11 في المئة من إجمالي كمية المطر في ذلك الجزء من الحوض، وقد أحدثت العواصف - التي تعرف باسم الأعاصير في هذا الجزء من العالم - أضراراً كبيرة وحالات وفاة عديدة.

وتتألف لجنة الأعاصير التي أطلقت التقييم حالياً من 14 عضواً: كمبوديا والصين وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وهونغ كونغ والصين واليابان وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وماكاو والصين وماليزيا والفلبين وجمهورية كوريا وسنغافورة وتايلاند وجمهورية فيتنام الاشتراكية والولايات المتحدة الأميركية.

وتتماشى النتائج التي توصلوا إليها مع التقرير الخاص الذي أجراه الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ حول إدارة مخاطر الظواهر المتطرفة والكوارث للنهوض بعملية التكيف مع تغير المناخ. وقال العلماء الذين هم على دراية بتقرير إدارة مخاطر إن الباحثين غير متأكدين من كيفية تغير الأعاصير المدارية منذ عصور ما قبل الصناعة، وذلك بسبب نقص البيانات، ونوعية البيانات القديمة المشكوك بها، وبسبب الفهم المحدود للروابط بين تغير المناخ العالمي ونشاط الأعاصير المدارية.

كما لم يكن التقييم الذي أجرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في عام 2010 حاسماً بشأن هذا الارتباط.

وينقسم المجتمع العلمي حالياً بين بعض الذين يعتقدون أن تغير المناخ البشري المنشأ قد ظهرت آثاره على نشاط الأعاصير المدارية، وغيرهم ممن يرون في التغييرات الملحوظة في قوة الإعصار، وتردداته ومساراته عنصراً جديداً بالنسبة للتغيرات الطبيعية. وتعكس لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية وتقرير إدارة مخاطر الظواهر المتطرفة والكوارث للنهوض بعملية التكيف مع تغير المناخ الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ وجهة النظر التي تقول إن نقص البيانات يمنع من اتخاذ أي موقف حاسم.

مع ذلك، تحضّر معظم المجموعات التي نشرت أوراق مناقشة حول هذا الموضوع، لإقامة مشاريع بشأن التأثير المستقبلي المتزايد لتغير المناخ الناتج عن أنشطة بشرية على الأعاصير المدارية، بما في ذلك زيادة متوسط الكثافة وانخفاض الوتيرة العالمية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات هطول الأمطار الناجمة عن الأعاصير المدارية.

البيانات التاريخية

وقال لتز- تشيونغ لي، من مرصد هونغ كونغ وأحد محرري التقرير الجديد الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادئ/المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إن البيانات الموثوقة حول الأعاصير المدارية متوافرة فقط منذ خمسينات القرن الماضي. وهذا يترك فترة قصيرة نسبياً لاستخلاص النتائج، لاسيما عندما يكون هناك تغير كبير في نشاط الأعاصير في شمال غرب المحيط الهادئ من عقد إلى آخر.

من جهة أخرى، أوضح توماس كنوتسون، وهو متخصص أميركي في مجال الأعاصير وأحد محرري التقييم الجديد، أنه «في منتصف سيتينات القرن الماضي بدأنا نتمكن من رؤية الأعاصير المدارية من خلال الأقمار الصناعية، وبالتالي أصبح بإمكاننا مراقبة مساحات واسعة من المحيط للتأكد من وجود الأعاصير. قبل ذلك، ولاسيما قبل اكتشاف طائرة الاستطلاع في بداية أربعينات القرن الماضي، كانت السجلات التاريخية تعتمد في الغالب على تلاقي الأعاصير المدارية مع السفن في البحر صدفةً للكشف عن وجود الأعاصير المدارية - وخاصة تلك التي لم تصل إلى اليابسة».

وأضاف كنوتسون، مصمم نماذج المناخ الذي يعمل مع الإدارة الأميركية الوطنية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي، أن ممارسات مراقبة الأعاصير «قد تغيرت كثيراً مع مرور الوقت، فإذا لاحظنا هذا السلوك الذي يشبه اتجاهاً معيناً، من الصعب أن نعرف ما إذا كان تأثيراً حقيقياً لتغير المناخ أو ناجماً فقط عن مشاكل في تغيير أنظمة المراقبة مع مرور الوقت».

وكجزء من الدراسة، طلب الباحثون من بعض البلدان في حوض شمال غرب المحيط الهادئ توفير بيانات تاريخية حول الأعاصير المدارية التي وصلت إلى اليابسة.

وتابع كنوتسون قائلاً: «تقييمنا لتلك المعلومات دفعنا مجدداً إلى الاستنتاج بأنه ليس هناك أي إشارة واضحة إلى أي تغير بشري المنشأ في المناخ وفقاً لبيانات الأعاصير المدارية حتى الآن».

وبعد قضاء سنتين على مراجعة دراسات جديدة، وجد التقييم اختلافات كبيرة في نشاط الأعاصير من سنة إلى أخرى وكذلك من عقد إلى آخر. وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال لي إن الأسباب معقدة ويمكن أن تشمل تأثير تغير المناخ الناتج عن أنشطة بشرية والعوامل الطبيعية مثل النينيو/ النينيا. كما ودعا التقييم إلى مزيد من الدراسات.

تغييرات جارية

ووجد الخبراء أيضاً أنه في السنوات المقبلة، «من المرجح أن تنخفض الترددات العالمية للأعاصير المدارية أو تبقى على حالها، نتيجةً للاحتباس الحراري. وأضاف لي مستشهداً بالتقييم، أنه «من المرجح حدوث بعض الزيادة في سرعة الرياح القصوى ومعدلات هطول الأمطار من جراء الأعاصير المدارية في القرن الحادي والعشرين. ومن المتوقع أيضاً أن تنخفض نسبة تعرض المناطق الساحلية لموجات من الفيضانات الناجمة عن العواصف، مع ارتفاع في مستوى سطح البحر في المستقبل وزيادة في التنمية الساحلية. علاوةً على ذلك، لاحظ التقييم أن ثمة احتمال أن يكون قد حصل تحول في نمط مسار الأعاصير المدارية في شمال غرب المحيط الهادئ خلال العقدين الماضيين، مع أن احتمال ارتباط هذه التغييرات الملاحظة بتغير المناخ البشري المنشأ مازال يخضع لمزيد من الأبحاث».

من جهته، قال كنوتسون إن التوقعات الحالية على المدى القصير للأعاصير المدارية هي الوسيلة الفضلى لتوقع مسارات العواصف بدلاً من حدتها. «تبدو حدة العواصف مشكلة أكثر صرامة ويجب معالجتها، حتى بمساعدة أفضل نماذج التوقع التي تستخدم الحواسيب».

وتابع لي قائلاً: إن «إعصار بوفا، في رأيه، كان ظاهرة متطرفة خلال هذا العام. خلال دراسة تأثير تغير المناخ، عادةً ما نشير إلى تغيرات في المناخ (متوسط حال الطقس) على مدى فترة من الزمن، كالعقود أو القرون. أما بالنسبة إلى الأحداث المتطرفة مثل بوفا، فالأمر سيتطلب المزيد من التحليل ونماذج المحاكاة لتأكيد المساهمة النسبية لتغير المناخ البشري المنشأ في إتاحة الفرصة لحدوث هذه الظاهرة المتطرفة».

وأضاف: «مع ذلك، ووفقاً لتوقعات توصّلنا إليها من خلال عدد من الدراسات على خلفية تغير المناخ العالمي، من المرجح أن ترتفع إمكانية حصول أعاصير مدارية أكثر حدة وتحمل المزيد من الأمطار خلال القرن الحادي والعشرين».

وذكر أن وجهات نظر لي حول بوفا تتناسق مع وجهات نظره. وعندما سُئل عن كيفية تأكد العلماء من تأثير الانبعاثات في المستقبل، نظراً لأنهم غير متأكدين حول تأثير الانبعاثات الماضية، قال: «إن المستوى المتواضع نسبياً للاحتمال الذي نربطه أنا ولي بهذه التوقعات يعكس، في جزء منه، حقيقة أنه لم يتم اكتشاف تغيير كهذا حتى الآن في سجل الأعاصير الاستوائية... يصعب كشف تغير الشدة الناجم عن تغير المناخ الذي نشير إليه في هذه المرحلة، حتى ولو كان لدينا 60 عاماً من الشدة التي تشير إليها البيانات في شمال غرب المحيط الهادئ، علماً أنه ليس لدينا بيانات كهذه».

العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً