رحب مفاوضو دول الجنوب بالتركيز على قضية تمويل آليات التكيف على آثار التغيير المناخي أثناء المداولات الجارية في وارسو في إطار مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي، لكنهم رفضوا اقتراحات الدول الغنية بأن يضطلع القطاع الخاص بهذه المهمة، واعترضوا على الدور المتنامي الذي تلعبه الشركات متعددة الجنسيات في هذا المؤتمر، لكونها ضمن أكبر مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
فعلى رغم أن المفاوضات الخاصة بالتغير المناخي امتدت الآن على مدى ما يقرب من 20 عاماً، فإن الحديث عن ضرورة التوصل إلى اتفاقيات «عادلة وطموحة وملزمة» - للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري - أخذ يتلاشى الآن لتحل محله مقترحات باللجوء إلى القطاع الخاص للحصول على قروض واستثمارات لتحقيق هذه الغاية.
في هذا الشأن، صرح المفاوض عن جمهورية الكونغو الديمقراطية والرئيس السابق لمجموعة مفاوضي البلدان الإفريقية توسي مبامو- مبامو، بأن «هذا التحول في النهج المتبع في تمويل الاستجابة لتداعيات التغيير المناخي، هو أمر خطير».
وذكر أن «الدول المتقدمة تعهدت في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن في العام 2009، بتوفير 30 مليار دولار من المساعدات الجديدة، وذلك لتمويل آثار التغيير المناخي في العالم النامي على مدى الفترة بين العامين 2010 و2012، على أن ترفع حجم هذا التمويل إلى 100 مليار دولار بحلول العام 2020».
وشاطر المفاوضون عن الدول النامية تحذيرات المفاوض الكونغولي من أن البلدان المتقدمة تحوِّل الآن إلى القطاع الخاص مسئولية توفير هذا التمويل، ومن مدى خطورة هذا التوجه. كما شاركوا مخاوف مبامو- مبامو بشأن الدور الذي تلعبه الشركات غير الوطنية في مؤتمر المناخ الأممي المنعقد في وارسو.
عن هذا الدور، أفاد رئيس وفد بوليفيا في مفاوضات مؤتمر وارسو رينيه أوريانا: «في اجتماع لمدة ثلاثة أيام قبل بداية المؤتمر، أنفقت الشركات يومين لشرح كيف يمكنها كسب المال من التغير المناخي».
من جانبه، نبه باسكون سابيدو - من مرصد الشركات الأوروبي - إلى أن الشركات التي تلعب الدور الأكبر في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ في وارسو هي أيضاً كبرى مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وانتقد الأمم المتحدة لقبولها أن ترعى كبرى مصادر التلوث في العالم هذا المؤتمر الأممي، ومن بينها عملاق الصلب «أرسيلور ميتال»، و»مجموعة الطاقة البولندية (PGE).
ونبه إلى أن هذه الشركات تؤثر على المفاوضات الجارية، متسائلاً: «أنت لن تطلب من شركة «مارلبورو» رعاية قمة حول سرطان الرئة، فلماذا اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيير المناخي؟».
وفي المقابل، قال مسئول في المفوضية الأوروبية إنه على رغم أن فترة بداية التمويل السريع قد انتهت، لايزال تمويل الاتحاد الأوروبي للقضايا يواصل التدفق.
وذكر أن الاتحاد الأوروبي وعدداً من الدول الأعضاء، أعلنوا في العام الماضي في الدوحة مساهمات مالية طوعية لتداعيات المناخ في البلدان النامية، بما يبلغ 5.5 مليارات يورو من المخصصات المالية. وشرح أن هذه الدول تتوجه إلى تقديم هذا المبلغ في العام 2013.
كذلك ذكر أن الاتحاد الأوروبي التزم بمبلغ 480 مليار يورو منذ العام 2007 لصالح 200 مبادرة ذات صلة بالمناخ، وذلك عندما أطلق أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 28 عضواً، مرافق التسهيلات التي تجمع بين المنح والقروض.
لكن راشيل تانسي - الكاتبة المستقلة والباحثة في قضايا العدالة البيئية والاقتصادية - أكدت أن الشركات التجارية الكبرى تريد أن ترى تمويل المناخ - التمويل العام - موجهاً نحو مشاريع يمكن أن تستفيد الشركات منها.
العدد 4094 - الخميس 21 نوفمبر 2013م الموافق 17 محرم 1435هـ