العدد 4110 - السبت 07 ديسمبر 2013م الموافق 04 صفر 1435هـ

رئيس الوزراء: البحرين تعيش ديمقراطية تتمثل فيها القوى السياسية كافة

في حديث مع مجلة «فالور أكتوييل» الأسبوعية الفرنسية

سمو رئيس الوزراء
سمو رئيس الوزراء

نشرت مجلة «فالور أكتوييل» (Valeurs Actuelles) الأسبوعية الفرنسية المعروفة في عددها الأسبوعي الأخير، حديثا موسعا مع رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، تناول سموه فيه العديد من القضايا المحلية والإقليمية والدولية، حيث اتسمت رؤيته بعمق التحليل ورصانة الطرح، ما يجسد الحنكة وبعد النظر الذي يتصف به سموه في التعامل مع مختلف الأمور.

وأشارت المجلة في تقديمها للحديث إلى أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء رجل قوي ضمن النظام في مملكة البحرين التي تعد إحدى أقدم دول الخليج والتي يناهز عدد سكانها الـ1.3 مليون نسمة، وهي بلد تتميّز عادة بالهدوء إلا أنها تواجه منذ عام 2011 اضطرابات و«تهديدات إرهابية».

ونشرت المجلة صورا لصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، إحداها لسموه يلوح بذراعيه للمواطنين في واحدة من الزيارات الميدانية العديدة التي يحرص على القيام بها ضمن نهجه للتواصل المباشر مع المواطنين، وكتبت تحتها «الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في شوارع المنامة... هنا، لم يصل أثر الربيع العربي».

كما نشر رئيس تحرير الشئون الدولية بالمجلة فريديريك بونس مقالا تحت عنوان «البحرين: أرخبيل استراتيجي»، أكد فيه أن البحرين هذه الدولة الصغيرة التي تربطها علاقات متميزة مع الولايات المتحدة والناتو وفرنسا هي مفتاح أمن منطقة الشرق الأوسط التي تشهد توترات قوية، وأنه تأكد له من خلال الحديث مع سموه أن هناك العديد من المعطيات الدائمة لهذا البلد الصغير البالغة مساحته 711 كيلومترا مربعا، والذي يتميّز بكثافة سكانية منخفضة قدرها 1.3 مليون نسمة، من ضمنهم نحو 54 في المئة من المقيمين الأجانب.

وتميز حديث صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء مع المجلة الفرنسية بأعلى درجات الصراحة والوضوح في تسمية الأشياء بمسمياتها، سواء عند تناوله للوضع الداخلي في مملكة البحرين ومدى ارتباط عمليات العنف والإرهاب التي تشهدها البحرين في الفترة الأخيرة بأجندات طائفية تدعمها قوى خارجية، أو حينما تطرق سموه إلى القضايا الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأوضاع في البحرين سياسيا واقتصاديا.

فعلى الصعيد المحلي أكد سموه أن مملكة البحرين تتميز بأنها بلد هادئ ومنفتح على العالم، ومعروف عنها التسامح والتوافق بين كافة الأديان والإثنيات والطوائف التي تعيش في تلاحم اجتماعي فريد، يحظى فيه الجميع بالاحترام والتقدير، مشيرا إلى ما تعيشه البحرين من أجواء انفتاح وديمقراطية قائلا: «إننا نعيش ديمقراطية تتمثل فيها كافة القوى السياسية في ظل وجود مجلس منتخَب يتمتّع بالسلطات التشريعية والرقابية وفقاً للدستور».

ومن جهته قال رئيس تحرير المجلة فريديريك بونس: «إن مملكة البحرين اعتمدت نهجاً سياسياً معتدلاً رغم التوترات الطائفية، وأنه منذ العام 2011 تتمتّع بنوع من الانفتاح السياسي يتمثل في حق التصويت والانتخاب وتسامح حقيقي حي لأصحاب الديانات، كما أنّ النظام الضريبي المشجّع والنمو البالغ 4 في المئة تقريباً جعلا من البحرين مركزاً مصرفياً مهماً يبرّر وجود العديد من الشركات الأجنبية».

وردا على سؤال بخصوص ارتباط ما يجري في البحرين بالأحداث في المنطقة، أكد سموه أنّ الأحداث الجارية في بلدان عربية أخرى دفعت البعض في البحرين إلى محاولة الاستفادة من هذه الأجواء، حيث اندلعت الأحداث المؤسفة دون أسباب موضوعية، فالبحرين تعيش خيارا ديمقراطيا وبرلمانيا متميزا.

واعتبر سموه أن البحرين تواجه مؤامرة تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد بكافة الوسائل، منها العنف والإرهاب من خلال قتل رجال شرطة ووضع المتفجّرات وقطع الطرق بهدف ضرب الاقتصاد.

وأشار إلى أن جهود مملكة البحرين في مجال «مواجهة الإرهاب»، بالتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لافتا إلى أن البرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشورى قدم في يوليو/ تموز الماضي توصيات إلى عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة من أجل مكافحة الإرهاب الذي كلف الحكومة بتطبيقها، ومن ثم قامت الحكومة باتخاذ إجراءات تهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار، وكانت النتائج إيجابية، وما تبقى من أعمال عنف وتخريب في بعض الأماكن فإنه يبقى على نطاق محدود.

واهتم سموه في حديثه بتوضيح الصورة الحقيقية لواقع حقوق الإنسان في البحرين، إذ شدد على أن مملكة البحرين دولة قانون تحترم حقوق الإنسان وتصر على حمايتها وتتعامل مع الملف الحقوقي بكل موضوعية وشفافية، وتقدّم كافة الضمانات القانونية للأشخاص المتقاضين، داعيا المنظمات والجهات التي توجّه الانتقادات لمملكة البحرين في الشأن الحقوقي، الى أن توجه اهتمامها إلى الانتهاكات التي تقوم بها «المجموعات الإرهابية» التي تستغلّ الأطفال في ارتكاب أعمال العنف.

وأشار إلى أنه في البحرين مؤسسة لحقوق الإنسان تتبع مبادئ باريس المصادق عليها من قبل منظمة الأمم المتحدة وتعمل باستقلالية تامّة من أجل مراقبة كل ما يتعلّق بوضع حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وكان الشق الاقتصادي حاضرًا في حديث سموه، حيث تناول مظاهر النمو الاقتصادي والاجتماعي المستمر الذي تشهده البحرين بفضل الأسس الاقتصادية المتينة التي تحظى بها والتي مكنها من تخطى الأزمة التي مرت بها بأقل قدر ممكن من الخسائر، ومكنتها أيضا من الحفاظ على معدل نمو اقتصادي كان من ملامحه ارتفاع عدد الشركات والفروع والمؤسسات الدولية التي اتخذت من البحرين مقرا لها خلال الأشهر الأخيرة.

وبين أن الحكومة تقدّم للمواطنين خدمات توازي ما تقدّمه البلدان الأكثر تطوّرا في المجالات الصحية المجانية، والخدمات الاجتماعية، والخدمات التعليمية، والخدمات الإسكانية من خلال تقديم مساكن للمواطنين ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى أن الحكومة لا تتقاضى أية ضرائب على الأفراد أو الشركات، بالإضافة إلى أن البحرين تتميز بالانفتاح الاقتصادي وتقدم مختلف التسهيلات المختلفة للمستثمرين ولديها مناخ جيد للأعمال وكفاءات عالية بشرية عالية التدريب ونظام مالي ومصرفي فعّال.

أما على صعيد علاقات المملكة الخارجية، ورؤية سموه للأوضاع الإقليمية في أعقاب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني وإمكانية أن يسهم ذلك في تغييّر المعطيات في المنطقة، أكد أن همّ مملكة البحرين الأول هو إقامة علاقات طيّبة مع البلدان كافة على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في شئون البلدان الأخرى.

وعرج سموه في الحديث إلى العلاقات البحرينية الفرنسية، حيث قال: «إن فرنسا هي تاريخياً بلد صديق، ونتشارك بالمواقف نفسها والمقاربة الاستراتيجية نفسها بشأن أوضاع إقليمية ودولية»، وأعرب عن تطلعه إلى أن تستمرّ فرنسا بتوطيد علاقاتها مع دول الخليج، وخصوصاً مع البحرين بما في ذلك على المستوى الاقتصادي والاستثماري، مؤكدا ترحيب البحرين الدائم بالشركات والسياح الفرنسيين.

من جهته قال رئيس تحرير المجلة فريديريك بونس: «إن البحرين بلد معروف بحضارة دلمون العريقة وبموقع صيد اللؤلؤ المدرج ضمن التراث العالمي لليونيسكو وبحلبة سباق الفورمولا واحد، مشيرا إلى أن البحرين تمثل «حجرا استراتيجيا» ملتصقا بالمملكة العربية السعودية وأنها تستعد لمرحلة «ما بعد البترول» من خلال توطيد أسس قاعدة مصرفية دولية قوية، واستطاعت أن تحقق مؤشرا مرتفعا جدا في مجال التنمية البشرية».

وأشار إلى أنّ فرنسا متواجدة في البحرين من خلال حجم تبادلات يبلغ نحو مليار يورو (مع رصيد إيجابي بقيمة 184 مليون يورو)، وأنها اليوم تستعيد أنشطتها التي تضاءلت منذ فبراير/ شباط 2011.

يذكر أن مجلة «فالور أكتوييل» (Valeurs actuelles) هي مجلة أسبوعية فرنسية معروفة، أسّسها ريمون بورجين (Raymond Bourgine) عام 1966، من خلال الاعتماد على مضمون المجلة الأسبوعية Finances التي كانت تتركّز بشكل أساسي على معلومات خاصة بالبورصة، وهي تابعة لمجموعة Valmonde التي أصبحت اليوم ملكاً لـ Pierre Fabre مؤسس مجموعة مختبرات تحمل اسمه.

وتتميز المجلة بأنها ذات طابع أكثر شمولاً وتعالج كافة المواضيع الاجتماعية، أما على المستوى السياسي فهي ذات توجّه يميني ونظرتها للشئون الدولية تتميّز بنوع من السياسة المحافظة الليبرالية، ومنذ تأسيسها حتى اليوم، عرفت المجلة تطوّرات عديدة. وباتت تصدر مئة ألف نسخة منذ 17 يناير/ كانون الثاني 2013. وبعد ذلك، زادت مبيعاتها بنسبة 50 في المئة في حين كانت مجلات رئيسية أخرى تشهد ركوداً في الفترة نفسها.

العدد 4110 - السبت 07 ديسمبر 2013م الموافق 04 صفر 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً