في الجزء الثاني من الحوار الذي أجريناه مع مدرب منتخبنا الوطني الانجليزي هيدسون، كان أكثر ما توقفنا عنده عندما تحدث بحزن عميق وتغيرت نبرة صوته، عندما قال ان الاتحاد العماني وجماهيره وإعلامه احتفلوا بلاعبيهم وتأهلهم للنهائيات الآسيوية في حافلة مكشوفة وطافوا بها الشوارع، وكنت أتمنى أن ينال اللاعبون في البحرين نفس الاهتمام، ويجب أن يعلم الجميع أن اللاعب البحريني هو الأساس وليس المدرب، ويظل أي لاعب بحاجة الى التقدير والاهتمام حتى يعزز من قيمته ومستواه.
وعندما سألناه عن حقيقة طموحاته في قادم سنواته، وهل يفكر أن يكون أحد المدربين في دوري الأبطال الأوروبي، لم يتردد هيدسون في التأكيد على ذلك، وقال بنبرة فيها الكثير من الرغبة والجاهزية في التحدي والثقة بالنفس: «لا أشكك لحظة واحدة في أنني سأصل يوما من الأيام، أنا أعمل لذلك وأعد نفسي أن أكون في ذلك المستوى ولا يمكن أن أشكك لحظة واحدة في ذلك، قام بترديدها أكثر من مرة».
وقال: «دون أدنى شك أحب البحرين وأحب التعايش مع أهلها إذ لمست كل حب، وأنا أعمل من أجل أن تكون لكرة البحرين هوية وشخصية مختلفة في الملعب، وحتى يتمكن البحرين من ذلك يجب أن أعمل بكل ما أملك من قدرات وإمكانات، وأن أكون وفيا لهذا البلد الذي منحني الثقة والدعم». وأضاف «هي فرصة عظيمة التي قدمها لي الاتحاد البحريني لكرة القدم، ويجب أن أكون حريصا على تقديرها والإيمان أن العمل يجب أن يبقى حتى بعد رحيلي وحتى تتمكن البحرين من تقديم كامل قيمتها في البطولات المقبلة».
هنالك جيل واعد من اللاعبين واليوم أقول ذلك وغدا سيكون الحال مختلفا لكرة البحرين التي أعتقد أنها حاليا في مرحلة تجديد وتغيير جلد، وأن القادم والمستقبل سيشهد تغييرا كبيرا في القيمة العامة للمنتخب.
صحيح يجب أن أتحمل الانتقادات، ومن الصعب أن ترضي الجميع، لكن ما أطلبه أن يظل المتابعون والإعلام والجماهير داعمين للاعبين وليس لي شخصيا، لأنني سأرحل في يوم من الأيام وسيظل المنتخب واللاعبون، وهذا هو الأساس الذي يفترض إلا يغيب عن التركيز والاهتمام.
مؤخرا بعض المدربين في البحرين انتقدوا قيمة الدوري البحريني وأن مستواه في تراجع، ألا تعتقد أن ذلك يمكن أن يؤثر على منهجيتك؟
- أحد أهم الأسباب حتى تنجح هو أن تحترم قيمة المجتمع والبيئة التي تعيش عليها، ولا يمكن أن أحقق النجاح إذا لم أحسن الانسجام مع كرة القدم البحرينية، أعتقد من الواجب أن يكون لي دور كبير في ما يمكن أن يكون عليه الدوري من تطور، وأن أعمل جاهدا الى جانب اتحاد الكرة والأندية على الارتقاء بالمستوى العام، وأرى أننا قادرون على ذلك.
لكنك انتقدت سابقا بطء اللعب والفارق بين الأداء في المنتخب والأندية؟
- كانت مناشدة مني حتى يتمكن لاعبو المنتخب من الصعود بمستوى أنديتهم والدوري بشكل عام، إطلاقا لم أنتقد بقدر ما طالبت اللاعبين أن يكون لهم أثر وأن ينقلوا السرعة التي اعتادوا عليها في المنتخب الى فرقهم، وذلك ما أتحدث عنه من دور يفترض أن نقوم به جميعا.
هل تعتقد أن ثقافة وعقلية اللاعب البحريني متوافقة مع العقلية التي تود إيصالها لهم؟
- ماذا تعتقد أنت؟... ما أراه أنني ارتبط بعلاقة قوية جدا مع هؤلاء اللاعبين، أحب لاعبي البحرين، وألمس كل جدية وتضحية فيما يقدمونه مع المنتخب، وفي ذلك تأكيد أنهم يتفهمون ما أرغب به، ويدركون حجم المسئولية المطالبين بها، لا أعتقد بوجود أي مشكلة تخص اللاعبين، كل ما يحتاجون إليه مجرد وقت ومباريات تصاعدية قوية حتى تظهر قيمتهم الحقيقية وقيمة المنتخب البحريني.
هل لمست في السابق تأثرهم بما كنت تتعرض له من انتقادات من قلة من وسائل الإعلام، هل أشعرتهم بذلك؟
- لم أعتقد في يوم من الأيام أن تؤثر الانتقادات على عطائي وعملي، هو ملعب لكرة القدم، يجب أن تحترم كامل تفاصيله، لكن ما يهم أن أقوله هو أن كرة البحرين ليست هيدسون...هنالك أسماء أخرى ومجموعة من اللاعبين الشباب، هم في أمس الحاجة أن يقف الإعلام الى جانبهم، وأن يساندوهم، هؤلاء هم مستقبل كرة البحرين، في يوم من الأيام سأرحل وسيبقى اللاعبون، هم الحاضر والمستقبل والطموح.
البعض يرى أن المباريات الأخيرة في آسيا لم يقدم فيها الفريق المستوى المطلوب، فلم يسعدهم ذلك؟
- أيضا من الواجب الإيمان أن الفريق واجه مجموعة كبيرة من التحديات، ولا ينسى الجميع أن الإصابات التي تعرضنا لها كان يمكن أن تعيدنا كثيرا الى الوراء، لكن إرادة اللاعبين وتحاملهم على نفسهم ورغبتهم في تقديم الجديد كان سمة بارزة، مرة أخرى أعود وأقول أنهم يستحقون التقدير.
عبدالله يوسف مهاجم الاولمبي قال أيضا ان ما قدمته له لا يمكن أن يقدمه له أي مدرب في العالم، عندما تمسكت بوجوده على رغم الإصابة؟
- أتذكر جيدا عندما عاودته الإصابة قبل البطولة الاولمبية، في تلك اللحظات كان يتوقع أن أقوم باستبعاده واستدعاء لاعب آخر مكانه، لكنه تفاجأ عندما قلت له أنني متمسك به، وأنه سيكون جاهزا لخدمة الفريق أكثر في الأدوار النهائية.
لذلك أقول ان شعاري دائما هو التركيز على ما يمكن أن يكون قادرا لخدمة البحرين، وأن يتمكن من خدمة المنتخب وفي أي اتجاه.
مرة أخرى تكرر الموقف مع سامي الحسيني، تتمسك به ولا تستدعي بديلا له رغم حاجتك للاعب مهاجم، أحيانا نصفك بالاحترافية، وأحيانا أخرى بالمثالية؟
- علاقتي مع اللاعبين لا تتغير، أنا هكذا عندما بدأت التدريب، دائما ما ابني نجاحي على العديد من الجوانب، من ضمنها ارتباطي الوثيق مع اللاعبين، ليس لأنني الآن في البحرين وأحتاج لهم، على العكس تماما سأرتبط معهم كأصدقاء وسأستمر معهم حتى بعد رحيلي في يوم من الأيام.
الحسيني يقدم مع المنتخب أقصى ما يملك وهو يجسد روحا عالية من التفاني والإخلاص، أعتقد أنه يستحق الفرصة حتى يعود من جديد الى التشكيلة إذا ما سارت الأمور كما نشتهي وتأهلنا، الأمر الثاني وهو الجانب التكتيكي، وليس من السهل الزج بلاعب جديد لم يتعرف بعد على أسلوبنا وطريقة لعبنا.
الحديث عن الإصابات يذكرني بالانتقادات التي واجهها مدرب اللياقة أليكس، قالوا إنك انفعلت عندما تلقيت تلك الانتقادات؟
- لا يمكن أن أشكك لحظة واحدة في قيمة القدرات والخبرات التي يمتلكها أليكس، أعتقد من ينتقد اليكس يمكن أن يسأل قبلها عن السمعة التي بلغها في المسابقات الانجليزية، لا أريد أن أتحدث عنه كثيرا، فعمله يشهد له.
أما الإصابات فهنالك أسباب كثيرة يمكن أن تحدث بسببها، لكنه سوء طالع دون شك أن نتعرض لتلك الحالات قبل وأثناء مباراة المنتخب الماليزي.
وأعتقد أن الفريق تمكن من تجاوزها، وذلك يحسب في صالح اللاعبين الذين كانوا على قدر الموقف ومستوى الحدث وأثبتوا أنهم رجال مواقف، وعلى البحرين أن تكون فخورة بهم وبما يقدمونه.
راهنت في المؤتمر وبعد مباراة العراق على أن منتخبك وبلغة أرقام سيكون أحد أفضل المنتخبات... على ماذا استندت؟
- التقييم لابد وأن يكون على مستوى المباراتين اللتين لعبناهما، ومن خلالهما يجب أن يتابع الجميع مستوى سيطرتنا على الكرة واللحظات التي وصلنا فيها شباك المنافس خاصة أمام المنتخب العماني، وأيضا الشكل العام للفريق والأداء الجماعي الذي كان عليه.
ما يحسب للبحرين أنه أبرز المنتخبات في الاستحواذ على الكرة؟
- الأداء الجماعي الذي نركز عليه في التدريبات هو أن تكون الكرة في صالحنا فترات أطول، وأن نركز في الابتعاد عن التمرير أو الإبعاد العشوائي للكرة، وأعتقد أن جهود اللاعبين كانت واضحة ومؤثرة في نفس الاتجاه، وحقيقة يجب أن نشير الى أن اللاعبين بذلوا جهودا كبيرة وسهلوا من مهمتي في إيصال ما أطلبه منهم، وهذا يضاف في صالح اللاعب البحريني الذي ظهر متقبلا للتطور والارتقاء بمستواه.
تنتظرك مباراة هامة أيضا في تصفيات آسيا أمام المنتخب القطري... كيف تنظر لها؟
- دون أي شك مباراة قوية وهامه بالنسبة لنا، يجب أن نفوز ونظل في القمة، هذا مهم بالنسبة للاعبين ولي شخصيا، أعتقد المشاركة في هذه البطولة كشفت أمامي العديد من الجوانب، وأيضا استفاد الفريق بصورة أفضل، لقد تجاوزنا بشكل أفضل مطبات التصفيات الأخيرة، وأرى أن الفريق بمستواه في طريق تصاعدي.
في 7 مباريات لم نخسر أي مباراة ولم يدخل شباكنا سوى هدفين، فالأكيد ذلك مؤشر ايجابي يحسب في صالح الفريق ولاعبيه ويؤكد أن الأداء سيستمر تصاعديا.
العدد 4133 - الإثنين 30 ديسمبر 2013م الموافق 26 صفر 1435هـ