العدد 95 - الإثنين 09 ديسمبر 2002م الموافق 04 شوال 1423هـ

الروبوت يثير أسئلة جديدة عن هرم خوفو

أسرت جولة الاستكشاف التي قام بها روبوت صغير داخل الهرم الأكبر في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي الخيال في جميع أنحاء العالم وأثارت تكهنات جديدة عن الأفكار الكامنة وراء بناء النصب الفرعوني الغامض.

وقالت مديرة معهد الفن والأركيولوجيا المصرية في جامعة ممفيس لوريلاي كوركوران، إن الاكتشاف الأول الذي قام به الروبوت والذي بث مباشرة عبر القنوات التلفزيونية العالمية من قلب الهرم الذي بناه الفرعون خوفو قبل أكثر من أربعة آلاف سنة أصبح موضوع بحث ساخناً في اليوم التالي في ندوة خبراء المصريات على موقع الويب.

صحيح أنه لو فتح الروبوت الباب على كنز لتوت غنخ آمون لكان العرض التلفزيوني أكثر إثارة، إلا أن الخبراء يقولون إن خطوة الروبوت الصغيرة كانت مثيرة بالنسبة إليهم.

على الشاشة دفع الروبوت كاميرا صغيرة عبر ثقب حفر في باب حجري في نهاية نفق ضيق داخل الهرم كاشفاً عن مقصورة بحجم الخزانة. وفي اليوم التالي بدأ الروبوت رحلة لم تنقل على التلفزيون عبر ممر آخر أكثر صعوبة وتعرجاً. وبعد أيام قليلة عثر على توأم الباب الحجري في النفق الأول.

وقالت رئيسة قسم الفن المصري في متحف متروبوليتان دوروثيا أرنولد: «أعتقد بأن مثل هذه التفاصيل الإضافية لا تتوافر سوى مرة كل جيل. أليس هذا رائعاً؟ هذه معلومات جيدة عن إحدى أكبر الروائع في العالم».

وأضافت ارنولد أن مخطوطات تعود إلى ما بعد 400 إلى 600 سنة من وفاة خوفو تظهر أن المهتمين القدماء بالمصريات كانوا يتكهنون بفلسفة خوفو وما إذا تم الإعراب عن تلك الفلسفة في تصميم هرمه، «ومع تفصيل صغير جداً يزداد تفكيرنا تعقيداً وبهذه الطريقة يصبح أقرب إلى الحقيقة».

يبعد كل باب في الممر ـ أحدهما في الجهة الجنوبية والآخر في الجهة الشمالية - 211 قدماً (70 متراً تقريباً) من نقطة البداية التي هي مقصورة بحجم غرفة عادية داخل الهرم. وقد حفرت الفتحتان في الحجر الجيري، وعلى كل منهما مقبض يبدو أنه نحاسي ويشبه عصي المشي ذات المقبض المكور.

وتقول مؤرخة الفن المختصة بالمعتقدات الدينية في مصر القديمة كوركوران: إن التناسق من وجهة النظر الفلسفية ومن وجهة النظر الجمالية، مصري الطابع جداً.

وكانت أهمية التوازن والنظام - باعتبارها رد فعل طبيعياً قديماً وحديثاً تجاه الأشياء المبهمة جداً في العالم ـ عظيمة في مصر القديمة إلى درجة أنها تجسدت بشكل الإله «معت» التي تقول كوركوران إنه اسم كان يترجم أحياناً الى حقيقة أو عدالة ولكنه في الحقيقة يعني «توازن» أو «انسجام».

وكان الباحثون يعرفون وجود النفقين اللذين لا مثيل لهما في الأهرام الأخرى، وهم يتناقشون منذ عشرات السنين على ما إذا صنعا في الهرم باعتباره رمزين أو أنهما لعبا دوراً استعمالياً عادياً، ربما لمرور الهواء.

وللهرم مقصورتان داخليتان لكل منهما نقطة بداية لنفقين ومقصورة ثالثة تحتهما. وقد استكشف الروبوت الذي سمي Pyramid Explorer (مستكشف الهرم) النفقين بادئاً بالمقصورة الداخلية السفلى.

وكان روبوت قد اكتشف الباب الأول في الممر الجنوبي في العام 1993. وكانت مجلة «ناشيونال جيغرافيك» بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار المصرية، قد كلف شركة سIRobotس في بوسطن بتصميم وبناء الروبوت الجديد مستفيدة من الخبرة التي اكتسبتها في محاولة 1993.

وعثر براميد روفر أيضاً على ما قد يكون باباً ثالثاً يسد النفق الذي عثر عليه قرب الأول الجنوبي، وقال مساعد مدير قسم مصر القديمة والسودان في المتحف البريطاني جون تايلر إن «الباب» الثالث قد يكون مجرد حائط، ما يدل على أن المقصورة القصوى صنعت لتكون مكاناً للدفن ثم تم التخلي عنها لصنع مقصورة في نقطة أعلى من المقصورة الأولى.

ولماذا التخلي؟ قد يكون السبب أن أحد المهندسين قرر أن المقصورة الأولى غير مستقرة، أو أن أحد الكهنة اعتبرها غير متطابقة مع الاحتياجات الفلسفية.

وقال تايلر إن ثمة حاجة إلى معلومات جديدة وأي معلومات جديدة مفيدة، ويمكن اننا استفدنا من المعلومات الأخيرة التي حصلنا عليها ولكنها أثارت مزيداً من الأسئلة.

وكان الاعتقاد السائد عند البعض أن هذه الممرات هي لروح الفرعون، ربما تحت قناع إله الشمس الذي يخرج من الهرم صباحاً ويعود إليه ليلاً.

ولا ينقض اكتشاف الأبواب الحجرية التي يمكن اعتبارها حواجز بالضرورة النظرية القائلة إن الأنفاق صنعت كممرات. وقال عميد مجموعة المصريات في متحف جامعة بنسلفانيا ديفيد سيلفرمان إن المصريين القدامى ربما كانوا يؤمنون بأن روح الفرعون قادرة على عبور الممر عبر مثل هذه الحواجز الموجودة في الكثير من الأهرام المصرية.

وثمة نصوص قديمة تتحدث عن مرور الروح عبر سلسلة من الأبواب التي تحرسها الأفاعي كما يشير مدير المجلس الأعلى للآثار والمشروع زكي الحواس الى مشروع الاستكشاف بالروبوت، وقد تكون «المقابض» النحاسية على الأبواب الموجودة ضمن هرم خوفو تماثيل للأفاعي.

وقال حواس إنه سينتظر بضعة أشهر من أجل استشارة خبراء آخرين والأخذ بنظرياتهم في وضع خطة لإجراء مزيد من الاستكشاف داخل الهرم الكبير، مضيفاً أن كل شيء يحتاج إلى نظرة دقيقة من الآن فصاعداً.

ويبلغ ارتفاع الهرم الكبير المبني من 2,3 مليون كتلة حجرية 452 قدماً وطوله عند القاعدة 756 قدماً. وتجد كوركوران أمراً محيراً في أن يكون مثل هذا الصرح الهائل مليئاً بمقصورات مبهمة وممرات ضيقة وأبواب صغيرة غامضة.

وتقول كوركوران: شكل الأهرام بسيط للغاية من الخارج، ولعله يرمز مجازياً إلى شيء، وهو «أن لا شيء هو ببساطة مظهره الخارجي».

(خدمة أ.ب?

العدد 95 - الإثنين 09 ديسمبر 2002م الموافق 04 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً