قامت السلطات في شبه جزيرة القرم بخطوة اضافية نحو الالتحاق بروسيا من خلال تبنيها الثلثاء (11 مارس / آذار 2014) اعلانا للاستقلال، فيما قلص حوار الطرشان بين الروس والاميركيين فرص التوصل الى مخرج للازمة.
من جهة ثانية كرر الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش التأكيد انه الرئيس "الشرعي" لاوكرانيا. وكان لجأ الى روسيا منذ اطاحته في شباط/فبراير بعد ثلاثة اشهر من الاحتجاجات المؤيدة للغرب وحوالى مئة قتيل في كييف.
وفي البرلمان الاقليمي للقرم، تبنى 78 من 81 نائبا "اعلانا للاستقلال" يمهد للالتحاق بروسيا. ويشكل الناطقون باللغة الروسية الاكثرية في هذه المنطقة التي ارسلت موسكو اليها الاف الرجال.
وتحدث النواب خصوصا عن سابقة استقلال كوسوفو الذي اعترفت به الامم المتحدة لتبرير مسعاهم.
وجاء في الاعلان ان "جمهورية القرم ستكون دولة ديموقراطية، علمانية ومتعددة القوميات وتتعهد بالحفاظ على السلام والوفاق بين الاتنيات والطوائف على اراضيها".
ومن المقرر اجراء استفتاء ابتداء من الاحدد حول الالتحاق بروسيا. ثم تتوجه القرم الى "روسيا الاتحادية لقبولها بناء على اتفاق مناسب بين الحكومتين بصفتها عضوا جديدا في الاتحاد".
وتأتي هذه البادرة التي اتخذها النواب فيما باتت القوات الروسية تسيطر على النقاط الاستراتيجية لشبه جزيرة القرم التي تتمتع بحكم ذاتي داخل اوكرانيا. وقد باتت كل الامور جاهزة لحصول انفصال شبه الجزيرة بشكل سريع. ف"رئيس الوزراء" سيرغي اكسيونوف اعلن نفسه "قائد الجيوش"، ورأى سكان القرم المليونان والذين يتحدث القسم الاكبر منهم اللغة الروسية ان القنوات التلفزيونية الروسية حلت محل الشبكات التلفزيونية الاوكرانية على محطتهم التلفزيونية.
ويفتش رجال بالزي العسكري كل مسافر يصل الى سيمفيريبول آتيا من الشمال، ووحدها الرحلات الواصلة من موسكو يمكن ان تهبط فيها.
وعلى الجانب الاخر من بحر ازوف، في روستوف اون دون بروسيا، ظهر الرئس السابق يانوكوفيتش للمرة الثانية امام الكاميرات منذ سقوطه اواخر شباط/فبراير. وقال انه الرئيس "الشرعي" الوحيد لاوكرانيا، لكنه كان على خلاف على ما يبدو مع الكرملين بالقول انه يأسف "لانفصال القرم" عن اوكرانيا.
وقال "ما ان تسمح الظروف وانا اكيد في فترة ليست بطويلة، ساعود بدون شك الى كييف"، داعيا المجموعة الدولية الى الكف عن "دعم انقلاب قامت به زمرة مؤلفة من قوميين متشددين وفاشيين جدد".
واكد يانوكوفيتش ان اوكرانيا "ستستعيد وحدتها"، فيما دعمت القيادة الروسية على ما يبدو امكانية تقسيم البلاد وقالت ان يانوكوفيتش لم يعد له مستقبل سياسي.
وعشية زيارة رئيس الوزراء الاوكراني ارسيني ياتسينيوك الى واشنطن لطلب مساعدة باراك اوباما قبل خمسة ايام من الاستفتاء في القرم، يبدو التباين كاملا بين الروس والغربيين.
وحذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من فرض "عقوبات قاسية اذا لم تغير موسكو سياستها". وهدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بفرض عقوبات جديدة "ابتداء من هذا الاسبوع".
لكن حوار الطرشان الذي اعقب النشاط الديبلوماسي الكثيف الاسبوع الماضي لا يحمل على توقع التوصل الى حل ممكن للازمة.
فواشنطن تتهم موسكو بأنها لا تأخذ في الاعتبار مقترحات مطروحة. وتوعدت موسكو بطرح مقترحات مضادة، مشيرة الى انها لا تقبل بسياسة الامر الواقع بعد تغيير السلطة في كييف.
وكمؤشر الى التوتر الكبير بين الروس والاميركيين، استبعد وزير الخارجية الاميركي جون كيري لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف طالما لم يتم التوصل الى اتفاق على مضمون المناقشات.
واوضحت وزارة الخارجية الاميركية ان كيري "قال بوضوح انه يوافق على اجراء مناقشات تتمحور حول خفض تصعيد الازمة في اوكرانيا اذا ما رأينا فقط ادلة ملموسة بأن روسيا مستعدة للتحدث عن هذه المقترحات".
الا ان الاتصال لم ينقطع بين الطرفين وذكرت وزارة الخارجية الروسية ان وزير الخارجية الروسي ونظيره كيري بحثا في مكالمة هاتفية الثلاثاء مقترحات التهدئة في اوكرانيا.
وقالت الوزارة في بيان ان "وزيري الخارجية تبادلا الاراء حول المقترحات الملموسة من روسيا والولايات المتحدة لضمان السلم المدني والوئام في هذا البلد"، مضيفة انهما اتفقا على مواصلة المشاورات.
واكدت روسيا على ضرورة اخذ مصلحة جميع الاوكرانيين في الاعتبار وكذلك "احترام حق مواطني القرم في تقرير مصيرهم بشكل مستقل طبقا للقانون الدولي".
من جهة ثانية، رحب الروس باستراتيجية فلاديمير بوتين، كما افادت مؤسسات استطلاع الرأي التي اعطت الرئيس الروسي رقما قياسيا على صعيد الشعبية منذ اعادة انتخابه في 2012. فـأكثر من ثلثي الروس يؤيدون سياسته.
وفي هذا الاطار المتوتر، اعلن وزير الدفاع الاوكراني ايغور تنيوك عن مناورات عسكرية. وقال ان الاوكرانيين "مستعدون للدفاع عن دولتهم".
واعلن الحلف الاطلسي ارسال طائرات رادار من نوع اواكس للقيام بمهمات استطلاع فوق بولندا ورومانيا المجاورتين لاوكرانيا.
اقتصاديا، اعلن البنك الدولي الاثنين انه على استعداد ليقدم لاوكرانيا هذه السنة مساعدة تصل قيمتها "الى ثلاثة مليارات دولار" لمساعدتها على مواجهة صعوباتها المالية الخطيرة.
وافاد البنك الدولي في بيان ان "مجموعة البنك الدولي تلقت طلب مساعدة من الحكومة الانتقالية الاوكرانية وهي على استعداد لتقديم المساعدة للشعب الاوكراني" موضحا ان المساعدة يمكن ان تصل "الى ثلاثة مليارات دولار".
وسلطات كييف الجديدة التي تسلمت مهامها في نهاية شباط/فبراير بعد اقالة الرئيس يانوكوفيتش، طلبت مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي الذي تترقب منه "ما لا يقل عن" 15 مليار دولار بعدما اعلنت ان خزائن الدولة "فارغة".