جرى التوافق على تأسيس اتحاد دولي لمراكز التحكيم في الدول الإسلامية وذلك بتوقيع وثيقة الإجتماع التأسيسي في يوم الاثنين (9 مارس/ آذار 2014)، وتم ذلك في استراحة ساعة مكة في مكة المكرمة بناء على دعوة مستشار خادم الحرمين الشريفين ورئيس فريق التحكيم السعودي الرئيس الفخري لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون "دار القرار" سمو الامير بندر بن سلمان محمد آل سعود خلال كلمة سموه الافتتاحية بملتقى التحكيم الاول في العالم الاسلامي المنعقد بمكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية في الفترة (9-10 مارس/ آذار 2014)، وتفعيلا لتوصية الملتقى في بيانه الختامي.
وقد اجتمع عدد من رجال التحكيم ورؤساء مراكز تحكيم دولية في مكة المكرمة بصفتهم ممثلين لبعض مراكز التحكيم في العالم الاسلامي ووافقوا على تأسيس اتحاد دولي لمراكز التحكيم في الدول الإسلامية.
وأختار الحاضرون كل من الأمين العام لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية "دار القرار" احمد نجم، و مدير مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي محمد عبدالرؤف كمفوضين في إقرار الصياغة المبدأية للنظام الأساسي للاتحاد الذي سيتم تقديمه للجهات المؤسسة له.
ووقع على الوثيقة كلا من: سمو الامير بندر بن سلمان و المحكم الدولي المعروف نائب رئيس محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية احمد القشيرى و الأمين العام لمركز التحكيم التجاري الخليجي احمد نجم و الامين العام للمركز الاسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم عبدالسلام الخويلدي ورئيس مجلس ادارة المركز العربي للتحكيم محمد خلوصي ومدير مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي محمد عبد الرؤف و مدير المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط شمس الدين عبداتي و فريق التحكيم السعودي عبدالله العريفي و المدير العام ورئيس مجلس ادارة المركز السوداني للتوفيق والتحكيم ابراهيم دريج والمستشار شاهر الصالحي المركز اليمني للتوفيق والتحكيم.
وستكون من ضمن أهداف الإتحاد الدولي لمراكز التحكيم في الدول الإسلامية توحيد العمل الإسلامي في مجال التحكيم الدولي وغيره من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات بين دول العالم الإسلامي لتحقيق التنمية والتطور في مجالات التحكيم المتنوعة والوسائل البديلة الأخرى لتسوية المنازعات وكذلك توثيق الروابط بين أعضائه في العالم الإسلامي.
وعقد المشاركون خلال الملتقى عدداً من الجلسات العلمية تم خلالها مناقشة البحوث التي أعدها نخبة من المختصين، والباحثين، وأساتذة الجامعات وكانت توصية إنشاء الإتحاد أبرز التوصيات المطروحة والتي تم عقد الاجتماع التأسيسي لإنشائه خلال المؤتمر.
وكانت مشاركة الأمين العام للمركز في الملتقى بورقة بحثية تحت عنوان "التحكيم التجاري في دول مجلس التعاون وتجربة مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
وأستعرض الأمين العام للمركز خلال ورقته أهم التوصيات والتي تتمثل في ضرورة استفادة هيئات ومؤسسات وشركات القطاع العام والقطاع الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي من الوضع القانوني في قوة قواعد وأحكام المركز الذي يشبه في هذا الصدد المركز الدولي لفض منازعات الاستثمار ("الأكسيد"ICSID) المنشأ بموجب اتفاقية واشنطن لسنة 1965، التي تختلف قواعده في هذا الشأن عن قواعد مراكز التحكيم التي تهتم بفكرة التركيز المكاني فتربط الحكم الدولي بأحد الأنظمة الوطنية، ومنها نظام غرفة التجارة الدولية - التي تربطه بالنظام القانوني الفرنسي وكذلك بالنظام القانوني للدول الموجودة بها اللجان الوطنية لهذه الغرفة.
واختتمت فعاليات الملتقى بعقد ثلاث جلسات علمية ترأس الجلسة الأولى الشيخ عبدالله محمد آل خنين وتحدث في مستهلها شمس الدين عبداتي عن أنواع التحكيم (الحر - المؤسسي) الإيجابيات والسلبيات أوضح فيها أن الراجح في الفقه النظامي اعتبار التحكيم ذا طبيعة قضائية وإن كان المحكم يستمد سلطاته من إرادة الأطراف سواء أكانت تلك الإرادة في شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم ويرجع إليها في تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم الإجراءات بالأساس عقبه تحدث شاهر مجاهد سالم الصالحي عن اتفاق التحكيم مفيدا أن اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بمناسبة علاقة قانونية عقدية كانت أو غير عقدية ويجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا ويتوافر فيه الرضا والأهلية لأطرافه وإلا كان باطلا ومن الأفضل أن يعمد أطراف النزاع إلى تحديد كل المسائل التفصيلية المتعلقة بالتحكيم تجنباً للمشاكل المستقبلية ثم تناول إبراهيم محمد أحمد دريج إجراءات دعوى التحكيم قال فيها: إن أنظمة التحكيم عمدت إلى إعطاء الأطراف المتخاصمين الحق في تحديد الإجراءات المتبعة أمام هيئة التحكيم كما يمكن للخصوم تحديد مكان انعقاد المحكمة بالاتفاق وحق الاطلاع على الوثائق والمستندات والمذكرات وتقارير الجزاء ومناقشتهم فيها ويمكن تمديد طلباتهم كليا أو جزئيا ولهم الحق في تقديم دفاعاتهم شفهيا أومكتوبة كما أن للخصوم إيداع صورة الحكم أمام المحكمة المتصلة بنظر النزاع تمهيدا لتنفيذه أو أمام المحكمة الإدارية بالديوان و ذلك بشأن أحكام التحكيم الأجنبية المراد تنفيذها في المملكة.
فيما ترأس الجلسة الثانية الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن عبدالعزيز السديس إذ طرحت أربعة مواضيع بدأت بالموضع المقدم من أحمد صادق القشيري حول واقع مراكز التحكيم في العالم الإسلامي من حيث نشأتها ودورها وَتقييمها ( الإيجابيات _ السلبيات ) فيما استعرض أحمد نجم عبدالله النجم تجارب مركز التحكيم التجاري الخليجي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مؤكدا أن مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون تعد جهازا قضائيا تحكيميا مستقلا عن دول مجلس التعاون الخليجي ولا ينتمي إلى أي نظام وطني لأية دولة مستمدة من أصل يعلو على القوانين الوطنية لدى دول المجالس الستة واستعرض محمد عبدالرؤوف علي محمد تجارب مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري والإقليمي مشيرا إلى أن من أهم قواعد التحكيم للمركز تعيين المحكمين في تحكيم متعدد الأطراف، وعزل أحد المحكمين في حالة عدم قيامه بالواجب المطلوب منه وحرمان أحد الأطراف من حقه في تعيين محكم بديل في حال وجود ظروف استثنائية للقضية مبينا أن المملكة العربية السعودية تحتل المركز الأول للأطراف العربية التي تحيل منازعتها إلى المركز تليها ليبيا والعراق والكويت والمغرب وقطر ويأتي اللبنانيون على رأس المحكمين من الجنسيات العربية يليهم المحكمون من الأردن وليبيا والإمارات وتونس.
وتعتبر عقود الخدمات من القضايا الرئيسة التي تعرض للتحكيم أمام المركز كما استعرض عبدالستار عبدالكريم الخويلدي تجارب المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم في دبي موضحا أن المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم بدأ نشاطه الفعلي في يناير 2007.
وقد حرص المركز على مطابقة القرارات الصادرة عنه لأحكام الشريعة الإسلامية وقدرة المحكمين التابعين له على معالجة المسائل المستجدة في المعاملات، مراعين في ذلك ما اتفق عليه الخصوم، المستعينين بالقواعد الفقهية الأصولية والنظامية والاتفاقات الدولية العربية منها وغير العربية
واختتمت الجلسات بعقد الجلسة الثالثة التي ترأسها عبداللطيف عبدالرحمن الحارثي إذ تحدث فيها حمزة أحمد حداد عن استشراف مستقبل التحكيم في العالم الاسلامي مبرزا قوانين المرافعات المدنية في بعض الدول وما تضمنته من قواعد وإجراءات للتحكيم وأوجه التشابه بين هذه القوانين واتفاقها جميعاً على التحكيم لتسوية النزاعات وإجراءات تعيين المحكم وحكم التحكيم وما يتضمنه من شروط وأمور وببيان قواعد التحكيم لدى المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم تلاه تطرق محمد ماجد خلوصي عن مدى إمكانية إنشاء لائحة تحكيم موحده لمراكز التحكيم وفق قواعد الشريعة الإسلامية مشيرا إلى أن فئات رجال الأعمال في الدول الإسلامية تنقسم بالنظر للوعي التحكيمي لدى الدول الإسلامية إلى فئتين الأولى تؤمن بالتحكيم إلا أنها تفضل الاتفاق على اللجوء لمراكز التحكيم الأجنبية اعتقاداً منهم بتوافر فرص النزاهة والحيدة التي يرون إنها لا تتوافر لدى المحكمين من الجنسيات الأخرى والثانية وهم أغلبية ليس لهم إلمام بقواعد التحكيم وفي نظرهم ضربًا من المجهول مؤكدا ضرورة إنشاء مركز تحكيم إسلامي في المملكة العربية السعودية يختص في الفصل في منازعات رعايا دول العالم الإسلامي وذلك لانحياز غرف التحكيم الدولية والوقوف ضد دول العالم الثالث بصفة عامة والعرب والمسلمين بصفة خاصة.