يستعد المصريون لتسليم مفاتيح السلطة إلى المشير عبد الفتاح السيسي الذي حسم قراره واختار الترشح إلى رئاسة مصر بعد أشهر من الانتظار في سباق يبدو محسوما على الأقل بالنسبة لمراقبي الشأن المصري في واشنطن.
تبدو المعلومات قليلة بشأن السيسي الذي ظهر على مسرح الأحداث في بلاده بقوة بعد أن قرر الرئيس المصري السابق محمد مرسي إبعاد المشير محمد طنطاوي الذي قاد مصر خلال فترة عاصفة تلت تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة.
وكان الاعتقاد السائد أن مرسي بقراره هذا ضمن ولاء الجيش.
لكن كيف يمكن أن تبدو مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي في حال نجاحه؟
تقول كبيرة الباحثين في الشؤون المصرية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ميشيل دن إن المؤشرات غير مشجعة.
وتضيف "أنا قلقة وبشدة على استقرار مصر. اعتقد أن مصر ابتعدت عن مسار بناء الديموقراطية وهي في طريقها إلى قمع القطاع الأكبر من الشعب"، لافتة إلى وجود الكثير من المقاومة لهذا المسار.
وتقول "لهذا أرى أن هناك تواصلا للمظاهرات واستمرارا للعنف ضد الحكومة كما هو الحال مع العمليات الإرهابية التي نسمع عنها بين فترة وأخرى".
تحديات الأزمة الاقتصادية
ويواجه الرئيس المقبل لمصر عدة تحديات أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة أكثر من ثلاث سنوات من عدم الاستقرار.
في هذا الإطار، تقول دن إن هذا الملف سيحدد مصير السيسي في الحكم، غير أنها تعتقد أن السيسي لن يكون قادرا على إصلاح الاقتصاد في ظل الأوضاع الحالية غير المستقرة، وتضيف "لذلك سنرى المزيد من الاضطرابات السياسية في السنوات المقبلة".
يحافظ السيسي على ظهور إعلامي محدود منذ وصوله إلى المجلس العسكري الأعلى الذي حكم مصر لأشهر عدة بعد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك. كان العضو الأصغر سنا فيه وعرف بالتزامه الديني. وتقول تقارير إعلامية إن هذا الالتزام كان الدافع لمرسي لاختياره لمنصب وزير الدفاع خلفا للمشير محمد حسين طنطاوي.
وتقول دن إن الأزمة في مصر في الوقت الحالي لا تتعلق بشخصية السيسي، مضيفة أن المصريين قاموا بثورتهم عام 2011 لأنهم أرادوا خيارا.
وتقول إنه كان من المفروض وجود سياسات تنافس بعضها بعضا وسباق حقيقي من أجل الوصول إلى السلطة، وتضيف "الآن سنرى السيسي ساعيا للرئاسة دون معارضة حقيقية فالقوى التي من الممكن أن تعارضه لن تكون قادرة على ذلك في الانتخابات المقبلة".
وتضيف دن أنه بغض النظر عن شخصية السيسي، غير أن المصريين "حرموا من حق الاختيار".
ويشير الباحث في الشؤون المصرية بمؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الادنى ايريك تراجر في تغريدة له إلى أن السيسي لن يواجه مسألة عسكرة الدولة لأن الدولة كانت طوال عقود عسكرية بعكس الاتهامات التي واجهت مرسي بأنه سعى لأخونة الدولة.
الرجل الذي انقلب
ويرسم معارضو السيسي صورة مختلفة له، فهو الرجل الذي انقلب على من منحه الثقة من أجل إعادة الدولة الأمنية للحكم ويستغربون موقف الولايات المتحدة من مصر.
يقول مستشار مرسي السابق وائل حدارة إن الولايات المتحدة فضلت الاستقرار على الديموقراطية لكنها لن تحصل على أي منهما، مضيفا أن واشنطن "تعتقد" أن الجيش سيأتي بالديموقراطية ولكن من الواضح أن الاستقرار لا يتحقق على الأرض وأن الصراع سيستمر خصوصا مع وجود قطاع كبير من الشعب المصري يرفض التخلي عن حريته".
ويقول تراجر إن حديث السيسي في خطابه التلفزيوني عن عدم سعي مصر للتدخل في شؤون الدول الأخرى هو رسالة للولايات المتحدة لكي لا تتدخل في الشأن المصري.
كان الدور الرئيسي الذي قام به السيسي خلال عهد مرسي هو الوسيط بين القوى السياسية المتخاصمة، فهل سيتمكن من القيام بهذا الدور من جديد؟
يقول وائل حدارة إن شروط الحوار مع أي نظام واضحة بغض النظر عن الأسماء، مضيفا أن الكرة في ملعب النظام، لافتا إلى ضرورة إنهاء الإجراءات القمعية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والقبول بأن ما يفعلوه هو أمر "لا شرعي" وإعادة الحرية للصحافة والسماح للأشخاص الذين تم نفيهم فعليا خارج البلاد بالعودة.. "ثم يمكنهم الحصول على حوار ذي معنى".
ويضيف أن الحديث عن حوار في وقت يتواجد فيه العشرات من قادة الأحزاب السياسية في السجن أمر مثير للسخرية".
لكن ميشيل دن تشير إلى أن المؤشرات غير موجودة حول إمكانية نجاح أي حوار في عهد السيسي، ونقول "آمل أن يكون هناك حوار بين إدارة السيسي وجماعة الإخوان المسلمين ولكن لا يوجد مؤشرات على ذلك حتى الآن. هناك ملاحقات شاملة بحق عناصر الإخوان دون أي محاولة حقيقية للحوار