في وقت لا يزال العالم يقع تحت صدمة عملية خطف ما يقرب من 300 فتاة نيجيرية، ترتفع الأصوات المطالبة بتدخل دولي في جهود إنقاذهن. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الجيش الأمريكي ناشط بالفعل في القارة منذ سنوات طويلة.
وبحسب مقال لـ "جويفا روك" وهو خريج قسم الأنثروبولوجيا في الجامعة الأميركية في واشنطن، ومتخصص في الإرث الاستعماري في غرب أفريقيا، نشرته وكالة الأنباء العالمية "انتر بريس سيرفس" (آي بي اس) ، فإنه تزامننا مع الإنهاء التدريجي للحرب على العراق والحرب علي أفغانستان، تطفح مؤخرا علي السطح أكثرا فأكثر أن أفريقيا أصبحت داخل حدود الجيش الامريكي، كما يستدل عليه من واقع المقابلات مع الجنرالات، وتوصيات مؤسسات الفكر والرأي المؤثرة، والمحادثات الخاصة مع العسكريين.
القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم) هي أحدث ست قيادات إقليمية للجيش الأمريكي، ووسعت بسرعة وجودها في القارة الأفريقية منذ إنشائها في نهاية إدارة جورج بوش الإبن. وتأكيدا على نهجها "ثلاثي الأبعاد"-الدفاع والدبلوماسية والتنمية- يصف البيت الأبيض "أفريكوم" علي أنها وسيلة تنسيق "منخفضة التكلفة، بعمليات صغيرة البصمة" في جميع أنحاء القارة الأفريقية.
لكن على الرغم من الجهود المبذولة للتسويق لـ "أفريكوم" كعملية صغيرة، كشفت التقارير الأخيرة أنها تنفذ "أكثر من مهمة في اليوم في المتوسط" في القارة، ولديها في أي مكان "5،000 إلى 8،000 جندي ميداني أمريكي" في أي وقت من الأوقات.
بيدا أن المؤسسة العسكرية الأمريكية -خلافا لإستراتيجية "الصدمة والرعب" في العراق- تسعي للظهور بمظهر ودي في مهامها في أفريقيا. وبهذا في شهر مارس الماضي، أعرب إريك شميت (الصحفي الأمريكي الحائز علي جائزة بوليتزر) علي صفحات جريدة نيويورك تايمز، عن إعجابه بـ "عملية فلينتلوك" التي نفذتها "أفريكوم"، وهي عبارة عن عملية تدريب متعددة الجنسيات في النيجر.
وكتب شميت بتوقد حول مكافحة الارهاب بإستخدام الناموسيات. فبدلا من شن غارات جوية أو هجمات كوماندوز على المتشددين، إنطوت المهمة (العسكرية) المشتركة الأخيرة على شيء آخر تماما: صناديق تبرعات أمريكية بفيتامينات وأدوية ما قبل الولادة وناموسيات لمكافحة الملاريا، وفقا لشميت.
تعتبر البعثات الإنسانية والتنموية، مثل تلك المبينة في مقالة شميت، في طليعة حملة العلاقات العامة لأفريكوم. لكن تعزيز أفريكوم باعتباره الزي الإنساني هو أمر مضلل في أفضل الأحوال. بكل بساطة، هذه المشاريع هي أشبه ما تكون بحصان طروادة، بتمويهها علي صورة منح وهدايا، فيما توفر لـ "أفريكوم" نقاط دخول في القارة متى وحيث تحتاجها.
فتحت غطاء التنمية ومنع الصراعات، تنفذ أفريكوم بانتظام مشروعات إنسانية في البلدان التي تعاني من صراعات أو حروب دائمة.
وتعتمد أفريكوم اعتمادا كبيرا على وسائل الاعلام الاجتماعية لعرض هذه المشاريع وتصويرها على أنها أنشطة تعاونية مع الشركاء الأفارقة، مكرسة للمساعدات الإنسانية، وجديرة بالثقة في نظر السكان المحليين.
وفي هذا الإتجاه، تتولي أفريكوم تحديث حساباتها علي الفيسبوك يوميا بأخبار عن كل شيء وتشمل التعيينات، من المشاركة في الحملات الإنسانية العالمية مثل اليوم العالمي للملاريا (# malariabuzz)، إلى تقارير عن البعثات الطبية، وآراء المنتفعين المحليين عن مساعدات أفريكوم، وصور القوات أثناء توزيعها اللعب علي الأطفال.
لكنه لا يكاد يرد أي ذكر لتوسع تواجد العاملين في الجيش الأمريكي وتكنولوجياته في الأرض وفي السماء. فتنفذ أفريكوم عمليات جوية وبرية بالإشتراك مع القوات الامريكية والمتعاقدين العسكريين الخاصين، والوكلاء العسكريين الأفريقيين المدربين علي أيدي الولايات المتحدة.
عملية فلينتلوك (التي أشار إليها إريك شميت في مقاله) هي مجرد واحدة من العديد من التدريبات التي توفرها أفريكوم لشركائها في مختلف البلدان، كما أن معسكر "ليمونير" في جيبوتي هو نقطة انطلاق معروفة لهجمات الطائرات بدون طيار في اليمن والصومال.
هذا وليس من المستغرب -نظرا لاهتمام الولايات المتحدة بتأمين مصادر وقود جديدة وتنامي قلقها بشأن نفوذ الصين في المنطقة- أن تقع الكثير من جهود أفريكوم في المناطق الغنية بالنفط -وتحديدا كينيا، وأوغندا، وغانا، وخليج غينيا.
كما تلقي خليج غينيا -الذي يعانق الساحل الغربي لأفريقيا- اهتماما متزايدا مؤخرا نظرا لقربه من إقليم الساحل ومالي، والزيادة المزعومة في أنشطة القرصنة وخاصة في مناطق آبار النفط في الداخل وعلي الساحل.
وفي تاكورادي، غانا، على سبيل المثال -وهو المكان المعروف بإسم "مدينة النفط"- تتولي أفريكوم تدريب القوات الغانية، وتنفيذ مهام إنسانية، والإجتماع مع الزعماء المحليين والمنظمات غير الحكومية ومجتمعات صيادي الأسماك.
بطبيعة الحال، ونظرا لحذرهم من الشكوك العالقة حول دوافع الولايات المتحدة في العراق، سعي المتحدثون الرسميون لإبعاد الولايات المتحدة عن أي مصلحة في نفط المنطقة. ورفض تقرير صدر مؤخرا عن كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي، الأقوال القائلة بأن هدف أفريكوم هو حماية المصالح النفطية الأمريكية.
ومع ذلك تردد أن شركات النفط الأمريكية الخاصة هي أفضل شركاء يمكن أن يتمناهم الزعماء الافارقة وشعوبهم.
تشدد أفريكوم علي أن هدفها هو تمكين القوات المحلية لإيجاد حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية. لكن عملياتها اليومية وحديثها عن "توعية" دول غرب افريقيا علي فكرة وجود "وحدة أزمة" لمشاة البحرية تكون ذات طابع دائم في المنطقة، تجعل من الواضح أن النية الحقيقية هي ضمان تواجد أمريكي دائم ومستمر في القارة الأفريقية.
والخلاصة هي أن المشاريع الإنسانية (الأمريكية) تسمح لأفراد الجيش التدرب في بيئات جديدة، وجمع الخبرات المحلية والبيانات التكتيكية، وبناء علاقات دبلوماسية مع الدول والمجتمعات المضيفة.
لقد أوضح نشطاء بجمعية "المرأة من أجل الأمن الحقيقي"، أن "هذا الاستخدام لمعونات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، والذي يرمي إلى تحقيق "المزيد من الأهداف الجيوسياسية والعسكرية"، هو بمثابة ممارسة يطلق عليها اسم "عسكرة الكارثة" بل الاستراتيجية العامة التي يستخدمها الجيش الامريكي في جميع أنحاء العالم.
وعلى سبيل المثال، وجد تقرير أصدره "مركز فينشتاين الدولي" بجامعة تافتس عام 2010، أن المشاريع الإنسانية في كينيا التي تقدمها "قوة المهام المشتركة في القرن الأفريقي" -وهي عملية عسكرية متعددة الفروع في شرق أفريقيا- قد وفرت "نقطة دخول... لتسهيل التدخل العسكري، إذا ما دعت الحاجة".
وكما أشارت جمعية "المرأة من أجل الأمن الحقيقي" فإن "خلط الإغاثة الإنسانية بالعمليات العسكرية،" يساهم في "ارتباك المدنيين، وعدم الثقة العامة، ويثير مسائل الشفافية والمساءلة".
وخلاصة، ينبغي النظر إلي التعهدات والمهام الإنسانية لـ "أفريكوم" لا كلافتة حسن نية أو ردع صراع، وإنما على أنها مؤشرات علي ما سوف يأتي به النهج العسكري للسياسة الخارجية الأمريكية في أفريقيا.
المساعدات الامريكية المزعومة
الامريكان كالاخطبوط لها ايدى كثيرة في كل مكان ولكن من يفسح لها الطريق هم القادة الذين تولوا امر الشعوب فليحزر الشعوب من التعاون مع هؤلاء الصهاينة فان لهم مأرب من كل مساعدة يقدموها لاى شعب في العالم وليسوا محبين للانسانية بدليل قتلهم الابرياء في كل يوم بحجة المساعدة في حرب الارهاب والفقر ...