العدد 4289 - الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ

خيبة أمل شعبية خطيرة في الإتحاد الأوروبي...إلى أين أوروبا ذاهبة؟

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

"يمكن القول بأن العصور تنتهي بانتهاء أحلامها الأساسية". تنطبق عبارة "آرثر ميلر" هذه تماما على نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة التي كشفت النقاب، بوضوح صارخ، عن واقع أن خيبة الأمل في أوربا قد بلغت حدا خطيرا.

في مقال لمؤسس وكالة إنتر بريس سيرفس ورئيسها الفخري، روبرتو سافيو، وناشر خدمة "الأخبار الأخرى" (Other News) الإعلامية، ذكر أن انتخابات البرلمان الأوروبي قد نظر إليها دائما باعتبارها قضية وطنية محلية أساسا، أكثر منها قضية أوروبية، بل وكمؤشر للتحقق من مدى تقييم الناخبين للأحزاب الوطنية وعلي رأسها تلك الحاكمة.
لكن هذه هي المرة الأولي منذ ولادة المشروع الأوروبي التي يلتف فيها جانب كبير من الناخبين حول أحزاب تحدد هويتها كمناهضة للكتلة الأوروبية (الإتحاد الأوروبي) أو مشككة فيها في أفضل الأحوال.
قد يكون من دوافع الإرتياح أن تكون الأحزاب المناهضة للمشروع الأوروبي قد فازت بمجرد 20 في المئة من الاصوات. ومع ذلك، يجب أن يأخذ المسؤولون الأوروبيون علما بحقيقة أن هذه الأحزاب قد حصلت علي خمس مجموع الاصوات، وأن نسبة إمتناع الناخبين عن التصويت قد بلغت ما يقرب من 50 في المئة.
علاوة علي ذلك، بينت نتائج هذه الإنتخابات أن غالبية عريضة بنحو 80 في المئة من أولئك الذين صوتوا لصالح الأحزاب الموالية للمشروع الأوروبي، لا تبدو متحمسة لآلية تجسيد هذا المشروع -أي المفوضية الأوروبية.
فوفقا لمؤشر "يورو باروميتر" الأوروبي، إنخفضت نسبة الراضين عن المفوضية الأوروبية من 72 في المئة في عام 2000 إلى 37 في المئة العام الماضي. فإذا استمر الاتجاه الحالي، سوف تبلغ نسبة أولئك الراضين عن المفوضية الأوروبية في الانتخابات الأوروبية المقبلة مجرد واحد من كل ثلاثة ناخبين، وهو ما ينطبق علي مصداقية المشروع الأوروبي في حد ذاته.
لقد كتب الكثيرون عن خيبة الأمل التي أتت بـ 20 في المئة من أعضاء البرلمان الأوروبي الجديد الذين يعتبرون في الواقع أعداء لهذه لمؤسسة نفسها وفي داخلها. والواقع هو أن برنامج التقشف الذي تفرضه المفوضية الأوروبية (بناء على تعليمات ألمانية) جاء ليعطي صورة رهيبة في أوربا عن أوروبا، خاصة لملايين الشباب العاطلين عن العمل.
صحيح أن "البيروقراطيون الأوروبيون" يبدون أكثرا وأكثر غير خاضعين للمساءلة، ومعزولين في متاهات من القواعد البيروقراطية. لكنه من الصحيح أيضا أن قادة الدول الأعضاء قد ناسبهم تعيينهم رغم إفتقارهم إلى الكاريزما وإنقطاعهم التام عن التواصل مع الناس.
بيد أن المشكلة الحقيقية هي أبسط من ذلك بكثير، بل وأكثر مأساوية بكثير: فقد اختفى الشعور بالتضامن والمصير المشترك الذي رافق ولادة المشروع الأوروبي ونموه.
"كلمة سر" زحفت علي المفوضية الأوروبية على مدى السنوات الأربع الماضية. هذه الكلمة هي "التعافي". فقد تطلعت جميع الحكومات -سواء القوية منها أو الضعيفة- إلى الفضاء الأوروبي الفوق الوطني كوسيلة يمكن من خلالها التعافي بأكبر قدر ممكن.
وفي غضون ذلك، تجاهلت ألمانيا بكل بساطة، في السنوات الأربع الماضية، أي عنصر من عناصر التضامن مع الدول الأوروبية الأخرى، وإهتمت فقط بمصالحها. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي اقوى سياسي أوروبي، لكنها مكرسة أساسا للمصالح الألمانية.
أيا كان الأمر، فمن الواضح أنه إذا لم تكن هناك تغييرات جذرية في منظور المواطنين الأوروبيين تجاه أوروبا ، سوف تكون نتائج الإنتخابات المقبلة أكثر سلبية للمشروع الأوروبي.
الآن، ولأول مرة، سيكون للبرلمان الأوروبي المنتخب صوتا في تشكيل المفوضية الأوروبية الجديدة، وهو ما يعني أن لا تكون الدول قادرة على تعيين أشخاص غامضين على رأس المؤسسات. ومع ذلك، فسيكون من المثير للاهتمام حقا أن نرى إذا ما كانت الحكومات لن تجد وسيلة لتجاوز هذه العتبة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً