العدد 4293 - الأحد 08 يونيو 2014م الموافق 10 شعبان 1435هـ

"معجم المؤلفين البحرينيين" جهد الفرد/المؤسسة... ملاحظة على المنهج

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

في الشروع لتقديم "معجم المؤلفين البحرينيين" للفترة ما بين 1900و2011م، للباحث والكاتب منصور سرحان، لفت انتباهي لقاء أجراه الزميل محمد العلوي في عدد أمس الأحد (8 يونيو/حزيران 2014)، بصحيفة "الوسط"، تزامناً مع تدشين كتابه سرحان الثامن والثلاثين أمس "مواقف وذكريات مع شخصيات بحرينية"، في جهد متواصل بذله طوال عقود، وثّق وأرّخ ورصد جانباً كبيراً ومهمّاً من الحِراك الثقافي والإبداعي في مملكة البحرين، وسلّط الضوء على أسماء مهمّة كانت في قلب وعماد ذلك الحراك، تأسيساً وإضافة ودفعاً له.

يأتي "معجم المؤلفين البحرينيين"، بعد سنوات طويلة من إصدار "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين"؛ إذ بدأت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري مشروعها في العام 1991، بنسخة تجريبية. وفي العام 1995 صدرت الطبعة الأولى ضمّت الشعراء العرب الأحياء، لتُصدر المؤسسة معجمها الثاني "معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين"، إضافة إلى إعداد المؤسسة حالياً معجمها الثالث "معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات".

كان ذلك قبل أكثر من 23 عاماً، حين قامت مؤسسة خاصة بتجاوز دول بمشروعها الرائد ذاك. العزاء هنا، أن المجهود الذي بذله الباحث منصور سرحان، هو في حقيقته جهد مؤسسة؛ بل مؤسسات بكل إمكاناتها وكوادرها، تولاّه بجهده الدؤوب الذي لم يعرف الكلل، مع شخصين ممن يعملان تحت إدارته، وثّق اسميهما في الإصدار.

موضوع التناول هنا بين معجم وآخر، ليس قياساً بحجم الفارق في الزمن، بقدر ما هو تساؤل عن تراجع المؤسسات في دول، وتولّي أفراد ذلك الجهد بكل ما يكتنفه من صعوبة وجهد وسنوات أيضاً.

في اللقاء الذي أجراه الزميل العلوي، أشار سرحان إلى أن"معدّل ما يصدر في البحرين من كتب سنوياً، يتراوح ما بين 70 و 80 كتاباً، وهو معدّل في ازدياد، ويمكن وصفه بالجيد مقارنة بعدد السكّان؛ بل إن البحرين تحتل مرتبة متقدّمة عربياً في هذا السياق، فالدول العربية جميعها أصدرت 5000 كتاب في العام 2013، وهو عدد يبقى محدوداً إذا ما علمنا أن الولايات المتحدة الأميركية لوحدها تصدر 300 ألف كتاب سنوياً، علماً بأن عدد سكّان الدول العربية يتجاوز عدد سكّان أميركا".

حين سُئل فولتير عمّن سيقود الجنس البشري أجاب "الذين يعرفون كيف يقرؤون". كان يتحدّث في زمن، إصدار وضخ الكتب والمطبوعات كان محدوداً، مقارنة بما نشهده اليوم. المسألة ليست في كم تصدر الأمم من كتب. المسألة تكمن في: كم عدد الذين يقرؤون بوعي وأثر من تلك الكتب، بغضّ النظر عن كمّها، بالتركيز على نوعها.

"معجم المؤلفين البحرينيين" الذي صدر عن مركز عيسى الثقافي في العام 2012، ويحتوي 884 صفحة، تصدّره تقديمان، الأول لرئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي، سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، والثاني لمستشار جلالة الملك للشئون الثقافية والعلمية، محمد جابر الأنصاري. أما مقدّمة المؤلف فقد تناولت في جانب منها توقيت إصدار المعجم "بمناسبة اختيار المنامة عاصمة الثقافة العربية العام 2012، وذلك من أجل توثيق سيَر المؤلفين البحرينيين ونتاجاتهم الفكرية، وإبراز الدور الثقافي والعلمي والبحثي الذي بذله المؤلفون البحرينيون عبر عقود مختلفة؛ ما جعل مملكة البحرين تستحق بجدارة عاصمة الثقافة العربية".

وفيما يتعلق بمنهج المعجم يشير جانب من المقدمة إلى أنه "وفقاً للمنهجية التي رسمناها للمعجم فقد تمَّ ترتيب أسماء المؤلفين وفق الحروف الأبجدية، معتمدين في ذلك على الاسم الأول للمؤلف يتلوه اسم الأب ثم العائلة. وتم تحديد الفترة الزمنية من العام 1900 إلى العام 2011، باعتبار أن معظم الكتب المطبوعة في هذه الفترة متوافرة، وتضم البيانات المطلوبة وفق المنهجية التي رُسمت للمعجم، على العكس من الفترات التي سبقتها والمتمثلة في المخطوطات التي طُبع منها القليل، وتناولها بعض كتب التراجم والببليوغرافيات المتعلقة بالمخطوطات".

المعجم تناول جانباً من سيرة عاهل البلاد منذ نشأته وتعليمه واهتماماته، مروراً بأهم منجزاته أثناء توليه ولاية العهد، وصولاً إلى كتاب "الضوء الأول" الذي صدر في العام 1986.

وبحسب منهج المعجم تصدّر شاعر البحرين الراحل، إبراهيم العريض الذي ولد في بومباي في الثاني من مارس/آذار 1908، وتضمّن الجزء المخصص له سيرة طويلة تناولت نشأته وحياته والتكريم الذي حظي به، والجوائز التي تحصّل عليها، والمؤلفات التي صدرت له منذ مجموعته الأولى "الذكرى" في العام 1931، وانتهاء بإصداره "يا أنت: إطلالة من شرفة الألفية الثالثة" في العام 1998م، بمجموع 21 كتاباً بين شعر ونثر، تلاه الكاتب والصحافي إبراهيم بشمي، الذي تشير سيرته إلى إصدار 110 كتب حتى إصدار المعجم.

تحدّدت مجالات التأليف في المعجم: الأدب على اختلاف أنواعه ومدارسه، التاريخ، الثقافة الشعبية، مصايد الأسماك، الثقافة الإسلامية، الهندسة، التربية والتنمية، السياسة، الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، الدّين، الموسيقى، الطب، الخط العربي، علوم الصحراء والأراضي القاحلة، البيئة والجيولوجيا، الطهي، علم النفس، التراجم، الكاريكاتير، التراث، السينما، السلامة، الرياضة، القانون، الاقتصاد، الفقه المقارن وفقه المعاملات، الأعمال التجارية، السياحة، التغذية، المذكرات، الإعلام، الفيزياء والفلك، العلوم التقنية، التجويد، الترجمة، المتاحف، التوثيق، تاريخ الكوارث، الإحصاء، الأنثروبولوجيا، الصحافة، النباتات والأزهار، المكتبات، المخدرات، الزراعة، مبتكرات، والطوابع.

كل ذلك التنوّع في المجالات والاهتمامات، تم ترتيبه - بحسب منهجية المعجم - بالحروف الأبجدية، في تداخل مربك وغير منسجم بين المجالات تلك، باستثناء موضوع "التأليف" نفسه، الذي أراد له سرحان أن يكون مدخلاً "منطقياً" لتبنّي المنهج الذي أراده. كل ذلك يثير ملاحظة أوردها هنا: حين أثرنا موضوع ريادة "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين"، كنا نرمي للإشارة إلى أن "معجم المؤلفين البحرينيين"، وعلى رغم أنه جهد فردي فارق يحسب للباحث بما عرف عنه من مداومة وبشكل نوعي على التصدّي لمشروعات هي من طبيعة عمل المؤسسات؛ إلا أن احتيالاً في العنوان اختصر الجهد الذي يمكن أن يبذل في هذا الصدد يتعلق بأبواب ومجالات التأليف، واتباع الحروف الأبجدية لكل مؤلف بحسب المجال، وما حدث في المعجم هو أنه اختلطت المجالات جميعها في كتاب واحد وتم اتباع الحروف الأبجدية في ذلك الخلط؛ الأمر الذي يربك الباحثين والمعنيين في الوصول إلى المادة بحسب الحاجة إليها، مجالاً وأسماء، وسط ذلك الكمّ الهائل من المجالات والأسماء باختلاط الشعر مع الطب مع التراث الشعبي وغيرها من الاهتمامات والتخصصات. ذلك أمر، أمر آخر يتعلق بحضور الشعراء الذين اقتصر حضورهم كـ "مؤلفين" على سيرة ذاتية مختصرة وتثبيت الإصدارات، مع خلوّ ذلك الجانب من نماذج للشعراء أولئك وهو المتبع والشائع في معاجم حديثة لا تكتفي بالسيرة وثبت الإصدارات، "ومعجم البابطين للشعراء العرب" تميّز بالمنهجية تلك. وقد يقول قائل هنا: إن الاقتصار على السيرة والمؤلفات هو المنهج الذي تم تحديده، بوجود ذلك التنوع والاختلاف في مجالات التأليف؛ ما يدفع إلا تبني منهجية واحدة لا تستثني الشعراء منها. وذلك هو ما دفع لإثارة هذه الملاحظة أساساً، من حيث المنهج والتبويب الذي تم الأخذ به، فيما لو تم الأخذ بمنهج المجال الواحد جمعاً لمؤلفيه بحسب الحروف الأبجدية، فلن يكون عسيراً على "معجم المؤلفين البحرينيين" إرفاق نماذج مختصرة من نصوص وقصائد الشعراء الذين يشكّلون غالبية الأسماء في المعجم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً