العدد 4355 - السبت 09 أغسطس 2014م الموافق 13 شوال 1435هـ

رهاب المصاعد... كأنك تعرج إلى سماء قريبة

حين يحدث العُُطْل... كأنك في بطن حوت

لن تجد بين الناس من يصرّح للعالم بأنه يعاني من «رِهاب المصاعد». فيه انتقاص للقدرات؛ يرى فيه آخرون انتقاصاً للشخصية؛ وخصوصاً إذا كان رجلاً من يعاني منه.

لدينا، على الرجل ألاّ يخاف من أي شيء، وإن كان يخاف أحياناً من كل شيء!

في الأماكن الضيِّقة. في الأماكن المزدحمة. في الأماكن المرتفعة أيضاً؛ يحدث الاضطراب، وإن حاول الإنسان - أي إنسان - أن يُواريه، إذا كان يعاني منه. الطفولة أو ما بعدها بقليل لها دور في معاناة كثيرين أثناء اضطرارهم للتعامل مع المصاعد. حياة الناس باتت بعض حاجاتهم هناك. في الأماكن المرتفعة. في الأبراج أحياناً. ما الذي يفعله أولئك لو اضطروا إلى التعامل مع برج كالذي يوجد في دبي (برج خليفة)؟ 180 طابقاً؟ وعلى ارتفاع 828 مترًا، بمصاعده السابعة والخمسين؟ معاناة. أليس كذلك؟ أحدهم لم يؤجّل رأيه: لن أراجع جهة مكتبها بعد الطابق الخامس. لن أستسلم للمصعد وسنوات العمر التي أنا عليها لم تعد تسعفني لاتخاذ السلالم سبيلاً لتأدية وطر وإنهاء معاملة.

المعراج المؤقت... الطابق سماء المكان

كبار السن يلجؤون إلى الأدعية والأذكار حين يضطرون إلى استخدام المصاعد. بعضهم يتلو ما يحفظ وحتى ما لا يحفظ. خليط من الأدعية والقرآن، وكأنهم إلى مصير مجهول صائرون!

يتذكّر كثيرون - ولايزالون - ازدحام الزائرين عند مصاعد مستشفى السلمانية قبل سنوات وحتى الآن قبل موعد الزيارة. بعض يتخذ السلالم، تحت عنوان: اختصار الزمن. بعض آخر يريد اختصار الزمن، والنأي بنفسه عن الحالات التي تنتابه أمام أعين التكدّس البشري في المصاعد التي ترتفع أحياناً بحمولتها الزائدة!

الأدعية والأذكار. كأن الدعاء زاد الصعود، ومهدّئ الروْع ولجام الخوف!

وتكاد تسمع ضربات القلب في زاوية ما من المصعد. لا علاقة للشتاء نفسه. لن يواري المشكلة حين ترى أحدهم وقد تفصّد جبينه عرقاً.

كل شيء تحتاج في التعوّد عليه إلى تمهيد. كبار السن الذين لم يألفوا ولا يريدون الدخول في ألفة مع المصاعد لن يُجدي معهم أي تمهيد. ليسوا هم فقط. ثمة من هم في سن الشباب تم اصطيادهم في ذلك الفخ (المكان الضيّق) بتعطّل المصعد فجأة. تلك الفجأة تكفيهم لأن يطلّقوا الارتباط بتلك الوسيلة التي تأخذ الناس إلى معراج لم يبرح الأرض. معراج مؤقت!

بعضهم يصرّ على «مهّدوا كبار السن لركوب المصاعد». كبار السن يرون أنفسهم مغروزين في الأرض. الأجنحة ليست لهم. حلقوا طويلاً. لا تستدرجوا عجوزاً إلى مصعد قبل أن تفاتحوه ربما يكرهكم مدى الدهر. المصعد معراج لدى بعضهم. معراج ربما على بعد سماء من المكان. الطابق سماء، في طبيعة هندسة المباني تلك!

يحدث العطْل وكأنك في بطن حوت!

العطْل المفاجئ في المصعد يأخذ بك إلى ما يشبه الاقتراب من نهاية الحياة! كل ذعر وخوف العالم يكون حاضراً. ذاكرتك حديد. تبدأ بتسوية حسابات والقيام بجرْد لأخطائك أولاً. كأنك تودّع الأرض. في بطن حوت؛ كالحوت الغابر الذي ابتلع نبياً من أنبيائه!

البعض لن يتذكّر جرس الإنذار وهاتف الطوارئ. الصدمة والفزع لا يتيحان لك رؤية البدائل ومفاتيح الخلاص!

خدعة المرايا والزجاج!

الشركات المصنّعة لجأت إلى أكثر من خدعة بعد سنوات من الاختراع. المرايا كانت جزءاً من الحل. تتيح المرايا الشعور بالانتظار العادي. ينشغل الإنسان بالنظر إلى نفسه. ملامحه. ثوانٍ من الانشغال ربما تتيح نوعاً من التوازن؛ وإن كان مصطنعاً في كثير الأحيان. المسافة إلى الهدف، والجهة التي تريد قد تكون عاملاً حاسماً في تهدئة الروْع. فارق بين أن تتخذ المصعد في بناية من 4 أو 6 طوابق، وأخرى من 40 أو ستين طابقاً. لن تفلح خدعة المرايا كلما طال الصعود! لا يعود لصرف الانتباه عن المكان الضيّق والازدحام في المكان أي جدوى. لن يؤتي أُكُله!

في خدعة المرايا تلك ما يوحي بأن المكان أكثر اتساعاً؛ وخصوصاً لأولئك الذي يعانون بالدرجة الأولى من رِهاب الأماكن الضيقة! يبدو المصعد أكثر اتساعاً كلما قل البشر فيه. لن تشعر بذلك الاتساع أيضاً كلما طال الوقت، وتعددت الطوابق، وازدحمت بالأجساد!

بعد سنوات أيضاً ظهرت مصاعد زجاجية. البعض كان يجد فيها ألفة أكثر برؤية الناس والحركة والمكان أسفل منك. بعض آخر صار يخشاها أكثر من تلك التي لا ترى من خلالها أحداً أو مخلوقاً بعد أن تدخل في جوفها!

وجدت المصاعد الزجاجية المكشوفة للتحايل على الخوف من الأماكن المغلقة. نجحت ولم تنجح. نجحت نوعاً ما في تحييد المكان المغلق بانفتاحه على الخارج، والحركة، والناس. علاقة ارتباط بين الذين حُشروا في الداخل، وأولئك الذين هم في الخارج. لم تنجح لأنها تظل ضمن المساحة المغلقة. الضيقة أيضاً مهما برعت الحيَل وتم التفنّن فيها!

المحروس: أخشى مفاجأة الزجاج

الروائي والقاص والمصور الفوتوغرافي حسين المحروس، لا مشكلة لديه مع المصاعد «أخشى مفاجأة الزجاج على الأماكن المرتفعة وليس الارتفاع نفسه. فقد عملت سنوات في تشييد المخازن الكبيرة وأسقف المصانع «الجبرات» حيث المشي في شمس أغسطس/آب على ألواح عريضة غير مثبّتة، وليس بيني وبين السقوط غير لحظة سهو. السقوط سهو طويل».

إنه «الانكشاف على السماء»؛ بحسب تعبيره «لم أخشَ ذلك لكنى أخشى مفاجأة زجاج المصاعد في انكشافه على السماء. ففي إحدى المباني الرفيعة كان المصعد يرتفع بين جدران أربعة، وبابه من زجاج متين. وفجأة وجدت الباب ينكشف على السماء وضوء الشمس يملأ المصعد! (بييه!! ويش صاير؟!) فرجعت إلى الخلف والتصقت بجدار المصعد كمن يختنق ويصّعّد إلى السماء. لم أهدأ حتى تأكد لي أن الباب مكانه وأنّي بأمان، وأنّه لم يحدث شيء سوى فجأة المشاهدة».

الاحتضان حلّ مؤقت!

الزميل الصحافي والشاعر خليل الزنجي، يروي قصة حدثت لإحدى قريباته يوم أن كان مقيماً في إحدى الدول الخليجية. الضيوف وأمام حالات خوف من المصاعد يحتاجون إلى نظر واحتيال خاص. لا أحد يريد إفساد لقاء في غربة. البعض لا حيلة لديه. يُحرِج ويُحرَج! في ثنايا السرد حيلة؛ لكنها لا تضع حلولاً. لا تجعل من ذلك المكان الضيّق كالقبو رحباً وواسعاً. ربما تقوم الأحضان بحيلة تتجاوز المرايا في المصاعد. وتتجاوز الزجاج المكشوف على الناس في الأسفل! يقول الزنجي: «كانت إحدى قريباتي تخشى الركوب في المصعد، ولم نكن نعرف ذلك إلا عندما جاءت إلى زيارتنا في إحدى الدول الخليجية وكانت لها قصة طريفة وهي أنها عندما وصلت إلى البناية وبالتحديد عند باب المصعد امتنعت عن الركوب وعندما سألناها عن سبب ذلك قالت إنها تخشى المصاعد».

ويضيف «الطرفة، أنها عزمت على اختيار السلّم ولم يدر بخلدها أنها ستصعد 16 طابقاً، فأصرّت على ذلك وكنا في موقف محرج أمام الناس لإقناعها باستخدام المصعد الكهربائي، غير أنها أبت إلا استخدام السلّم وكان عليّ مرافقتها وبالفعل قمت بمرافقتها وأنا أتذمّر!

وبدلاً من أن نسألها في تلك الليلة (ليلة وصولها) عن أخبار الأهل اقتصر الحديث عن كيفية معالجة هذه الأزمة الطارئة؛ وخصوصاً أنها ستمكث أسابيع وليس معقولاً أن نصعد وننزل على السلّم.

كان أول شيء نريد أن نعرفه هو سبب خوفها من الركوب بالمصعد الكهربائي لأن معرفة السبب قد تقودنا إلى العلاج ولو تطلّب الأمر عرضها على طبيب نفسي. حاولنا أن نستثير ذاكرتها إن كان لها موقف منذ طفولتها، إلا أننا لم نتوصل إلى السبب لأنها لا تعرف سبب خوفها وهلعها بحيث (تتعشّم) صعود 16 طابقاً عن طريق السلّم.

في اليوم الثاني كان النزول عبر السلم عادياً ولكن تبقى مسألة الصعود هي الأصعب.

اقترحت على العائلة حلاً مؤقتاً، أنها في حال صعودها تغمض عينيها أو تحتضن أمها طيلة فترة الصعود. نجحت الخطة ولكن كانت لأعين الناس حكاية أخرى.


أشهر وأخطر المصاعد في العالم

نشرت شبكة «سي إن إن» الأميركية، بالصور تقريراً لبعض أشهر المصاعد المرعبة في العالم، معتبرة أن هذه السلسلة من المصاعد لا يمكن أن تضاهيها أي مصاعد أخرى في الرعب والإثارة.

1 - مصعد «أكوادوم» في العاصمة الألمانية (برلين)، ويوجد المصعد في بهو فندق راديسون بلو، وينقل الزوار وسط البحر، داخل أسطوانة جوفية أو ما يسمى بـ «أكواريوم»، على ارتفاع 82 قدماً.

2 - مصعد «بايلونغ» في هونان في الصين وينقل المصعد في حديقة الغابات الوطنية «تشانغجياجيه» الصينية الزوار على مسافة 1070 قدماً فوق منحدر.

3 - مصعد «برج تايبيه 101» في تايوان، ويقدم المصعد نظرة على منتزهات المدينة، والحدائق، والمعابد، وناطحات السحاب، وذلك من الطابق الرقم 89.

4 - برج «سكاي»، في أوكلاند، بنيوزيلندا، ولا يستغرق سوى 40 ثانية للوصول إلى مستوى المراقبة، على ارتفاع 610 أقدام في الهواء.

5 - مصعد «بوابة القوس» في منطقة سانت لويس، بولاية ميسوري الأميركية ويتطلب المصعد أربع دقائق للمرور فوق بوابة القوس بوابة في سانت لويس، في ميزوري، ما يضع الزوّار على ارتفاع 630 قدماً.

6 - مصعد «سكاي فيو» في استوكهولم، بالسويد. أما مصعد «إريكسون غلوب» في استوكهولم، في السويد، فيبلغ قطره 361 قدماً.

7 - مصعد «عجلات فالكيرك» في منطقة فالكيرك، باسكتلندا ويمكن للزائر تخيّل الوصول إلى المصعد في قارب. أما جولة القوارب والتي تتطلب 50 دقيقة في عجلة فالكيرك في اسكتلندا، فتجتاز اثنتين من القنوات وتتضمن الركوب مرتين في المصعد.

8 - مصعد فندق الأقصر» بمدينة لاس فيغاس بنيفادا، وتتحرك المصاعد بالفندق على زاوية حادّة تبلغ 39 درجة.

9 - مصعد «لونغ أيلند سيتي سنتر» في منطقة كوينيز في نيويورك. في هذا المصعد بالتحديد، فإن التشويق يأتي من داخل المصعد. أما التنين الأحمر والذي رسم في داخل المصعد بالمبنى فلديه وحوش بتقنية ثلاثية الأبعاد.

10 - مبنى «لويدز» في العاصمة البريطانية (لندن)، وتتحرك المصاعد الزجاجية والتي يبلغ عددها 12 مصعداً، وتقدم مناظر شاملة على المدينة.

11 - مصعد «متحف مرسيدس بنز» في شتوتغارت، بألمانيا ويحتوي على معلومات تاريخية لـ 125 عاماً من تاريخ صناعة السيارات.

12- مصعد «هاميتشواند» في بحيرة لوسيرن، بسويسرا ويبدو المصعد مثل صاروخ، على استعداد للانطلاق إلى المجهول، ولكن المصعد يقدم ما هو أكثر حماسة من الفراغ في الفضاء الخارجي. ويعتبر المصعد الذي يبلغ ارتفاعه 499 قدماً، أطول مصعد في أوروبا.

العدد 4355 - السبت 09 أغسطس 2014م الموافق 13 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 5:54 ص

      السلالم الكهربائية

      أني أخاف من السلالم الكهربائية وأشعر بالإحراج في الأماكن العامة وخصوصا إذا مافيه بديل ،،، ساعدوني شنو الحل؟؟

    • زائر 5 | 5:06 ص

      مادري ماحس يخوف

      لما اكون في مصعد احس عادي بس اذا مكان طويل تحس طنين في الاذن ماعتقد المصاعد تخوف اكثر من الطائرات!
      اصلا لين اكون في برج عالي احس بالحرية جني ابي اقط نفسي واطير
      مايخوف صلو ع النبي *_*

    • زائر 4 | 5:02 ص

      الخوف من الارتفاعات

      اتمنى من الوسط دام انهم فتحوا هالموضوع انهم يناقشون موضوع رهاب الارتفاعات acrophobia وطريقة علاجه بدون الاستعانه

    • زائر 3 | 2:59 ص

      ...

      يا وسط مع احترامنا بس موضوع هالطول مو محل اهتمام.

    • زائر 7 زائر 3 | 6:14 ص

      شدراني

      إي والله

    • زائر 1 | 11:29 م

      خلصت مشاكل الناس ... وبقت مشكلة رهاب المصاعد .. حتى تنحل ..

اقرأ ايضاً