تشهد ناحية البغدادي (90 كيلومترا غرب مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار) معارك عنيفة، حتى ساعة إعداد هذا التقرير، بين القوات الأمنية العراقية يساندها مقاتلو العشائر، وبين مسلحي تنظيم داعش الذين يحاولون السيطرة على الناحية التي تضم قاعدة عين الأسد الجوية، ثاني أكبر القواعد الجوية العسكرية في العراق التي يوجد فيها خبراء ومستشارون أميركيون عسكريون، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط اليوم السبت (14 فبراير / شباط 2015).
وقالت القيادة المشتركة للتحالف بقيادة واشنطن في بيان: «هاجمت مجموعة صغيرة من (داعش) منشأة للجيش العراقي في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار». وأضاف: «قامت قوات الأمن العراقية مدعومة بطلعات من قوات التحالف، بدحر الهجوم وقتل المهاجمين الثمانية».
وقال ضابط برتبة عقيد في الجيش العراقي ومسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الهجوم كان عبارة عن محاولة 7 انتحاريين، على الأقل، يستقلون مركبة عسكرية، تفجير أنفسهم عند مدخل القاعدة.
وأعلن بيان ثان لقيادة التحالف أن المقاتلات التابعة لها شنت 5 غارات جوية في محيط قاعدة عين الأسد، بين الساعة الثامنة صباح أول من أمس بالتوقيت المحلي، والثامنة من صباح أمس.
وأوضح البيان أن الغارات دمرت أهدافا عدة، أبرزها «4 وحدات تكتيكية وعربة مفخخة ونقطة تفتيش» تابعة للتنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق.
وأتى الهجوم على القاعدة بعد ساعات من هجوم شنه التنظيم المتطرف على بلدة البغدادي القريبة من قاعدة عين الأسد، وهي واحدة من البلدات القليلة التي لا تزال تحت سيطرة القوات العراقية في الأنبار، كبرى محافظات العراق التي تتشارك حدودا مع سوريا والأردن والمملكة العربية السعودية.
وقال ضابط برتبة مقدم في شرطة محافظة الأنبار بأن «مسلحي (داعش) قاموا بشن هجوم بعد ظهر الخميس استهدف مركز شرطة البغدادي ومبنى المجلس المحلي ودائرة الجنسية» الواقعة في وسط البلدة.
وأضاف: «بالتزامن، قام مسلحون آخرون من خلايا نائمة من داخل البلدة، بمهاجمة قوات الأمن الموجودة في المقرات الثلاث»، مشيرا إلى أن المسلحين تمكنوا من السيطرة على هذه المراكز.
وأكد عقيد في الجيش وعضو في مجلس المحافظة استعادة السيطرة على بعض المناطق التي فقدت القوات العراقية السيطرة عليها في البلدة، في حين لا تزال الاشتباكات مستمرة في حي الشهداء (وسط البغدادي). ويسيطر التنظيم على غالبية أرجاء محافظة الأنبار، لا سيما مدينة الفلوجة وبعض أحياء مدينة الرمادي (مركز المحافظة).
وقال الشيخ مال الله العبيدي رئيس المجلس البلدي في ناحية البغدادي، إن «هجوما شنه مسلحو تنظيم داعش على ناحية البغدادي من 3 محاور وتمكنوا من السيطرة على عدة مبان من بينها مبنى مديرية الجنسية ومبنى مديرية الناحية»، مضيفا: «إن قتالا شرسا يدور الآن (أمس) في محيط ناحية البغدادي بين القوات الأمنية التي يساندها مقاتلون من أبناء العشائر، وقد تمت استعادة المبنيين من سيطرة المسلحين، بينما المعارك مستمرة في محيط مركز شرطة الناحية الذي ما زال تحت سيطرة قوات الشرطة المحلية».
وأشار العبيدي إلى أن «فوجا قتاليا مدرعا وصل إلى ناحية البغدادي للمشاركة بمعركة تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش»، فيما نوه بأن طائرات التحالف الدولي بدأت قصف مواقع التنظيم.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش أرسلت فوجا قتاليا ورتلا من الدبابات والدروع من قاعدة عين الأسد إلى المناطق الشمالية لناحية البغدادي التابعة لقضاء هيت (70 كيلومترا غرب الرمادي)، لتطهيرها من سيطرة مسلحي تنظيم داعش».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن القوات الأمنية قتلت 8 انتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة حاولوا التسلل إلى قاعدة عين الأسد في ناحية حديثة.
وأشار إلى أن القاعدة تعرضت لقصف عنيف بقذائف الهاون والصواريخ من قبل مسلحي تنظيم داعش الذي أطلق مسلحوه عددا من صواريخ الكاتيوشا وغراد صوب القاعدة، مبينا أن حجم الخسائر لم تعرف لغاية الآن.
فيما أكد محافظ الأنبار صهيب الراوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات الأمنية وأبناء العشائر يسيطرون على جميع مناطق ناحية البغدادي (غرب المحافظة) باستثناء محيط الناحية الذي سيطر عليه مسلحو تنظيم داعش، مشيرا إلى أن تعزيزات عسكرية وصلت من قاعدة عين الأسد لإسناد القوات الأمنية في ناحية البغدادي القريبة من القاعدة.
الشيخ معدي كرب السمرمد، أحد شيوخ عشائر العبيد في ناحية البغدادي (غرب الأنبار)، قال لـ«الشرق الأوسط» بأن معظم سكان ناحية البغدادي البالغ تعدادهم 50 ألف نسمة نزحوا إلى أحياء سكنية شمال شرقي الناحية هربا من القصف والمواجهات المسلحة بين القوات الأمنية من جهة، ومسلحي تنظيم داعش من الجهة الأخرى.
وأضاف السمرمد: «إن العائلات الهاربة من القصف تبحث الآن عن مخرج آمن يمكنها من الوصول إلى قضاء حديثة، وإن المسلحين اتخذوا من أسطح البنايات العالية في الناحية مقرات نشروا فيها قناصة يستهدفون كل من يحاول الهرب من الناحية»، داعيا الحكومة العراقية إلى إنقاذ العوائل المحاصرة داخل ناحية البغدادي التي قطع مسلحو «داعش» عنها الماء والكهرباء ووسائل الاتصال بمجرد دخولهم لأجزاء من المدينة.
وقال الشيخ نعيم الكعود شيخ عشيرة البونمر في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي (داعش) قطعوا كل الاتصالات والكهرباء والماء على ناحية البغدادي، ويسيطر المسلحون الآن على مساحة واسعة من ناحية البغدادي، ويحاصرون الآن أكثر من 500 عائلة في المجمع السكني غرب الناحية»، مضيفا أن «التنظيم هدد بذبحهم جميعا بتهمة مساندتهم للقوات الأمنية»، مبينا أن «هناك تخوفا كبيرا للعشائر في الأنبار، وخاصة عشائر البونمر من حدوث مجزرة لهذه الأسر النازحة».